26‏/03‏/2025

 

لبنان والانزلاق نحو المجهول

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

19---7-2022

       ثمة مجموعة من المعطيات والوقائع تشي بمضي لبنان وبخطى ثابتة نحو المجهول، فالوضع السياسي الى مزيد من التأزم ، كما المؤشرات المالية والاقتصادية باتت بحكم الانهيار الشامل، علاوة على الانقسام العامودي الحاد المتصل برؤى الحلول الممكنة.

       فالبنسبة لتشكيل الحكومة  لا مؤشرات جدية تسهم في قرب التوصل الى حكومة جدبدة، بل ثمة  كلام حول تعثر المساعي واتفاق غبر معلن على عدم تشكيل حكومة فبما تبفى من الولاية الرئاسية، ذلك لتقاطع مصالح معظم الأطراف الفاعلة للوصول الى الفراغ الرئاسي باعتباره فرصة باتجاه الاستثمار في غير اتجاه وصولا الى إمكانية التوصل الى بيئة تمهد لعقد نظام سياسي اجتماعي جديد اقله منبثق من بيئة اتفاق الطائف  مع بعض التعديلات، وهو ما سيحدد صورة وطبيعة الرئيس القادم ؛ وثمة من يقول  ان هذه الصورة مشروطة الوصول اليها عبر فراغ رئاسي واذا استلزم الامر أيضا نوع من الانفلات الأمني كوسيلة لممارسة الضغوط بهدف الاجبار على القبول بالحلول المقترحة، وثمة من يؤكد  على ذلك كصورة نمطية عما جرى في العام 1988 بعد انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل وتعيين قائد الجيش آنذاك الرئيس الحالي ميشال عون رئيسا للحكومة.

         وثمة من يعتبر ان هذا الخيار هو افضل الممكن، ياعبتاره يبفي الحكومة الحالية بحكم واقع تصريف الاعمال ، وفي نفس الوقت هي من ستستلم صلاحيات رئيس الجخهورية في حال قرر مغادرة القصر في الواحد والثلاثين من شهر أكتوبر / تشرين الأول القادم.. اما اذا لم يغادر الرئيس الحالي القصر الجموري  على قاعدة عدم  وجود حكومة اصيلة  تحكم في حال الفراغ الرئاسي، وهو امر سيترك تداعيات خطرة على الواقع المأزوم أصلا.

       في الجانب الاقتصادي الاجتماعي لا يبدو الامر بأفضل حال، ثمة مزيد من تدهور العملة الوطنية امام  العملات الأجنبية والى مستويات غير مسبوفة، معطوفة على تنامي مظاهر العوز والفقر الذي تجاوز التسعين بالمئة، في وقت ازدادت مظاهر الهجرة الجماعية للبنانيين ما يهدد بشكل أساسي طبيعة التركيبة الاجتماعية والديموغرافية للواقع اللبناني .

       والمظهر الاخر الاشد قسوة وخطورة الاضراب العام المفتوح الذي ينظمه موظفو القطاع العام منذ ستة أسابيع في وقت لم تتمكن  الحكومة من التوصل الى حلول ترضي مواطنيها، كما  أثر اضراب هذا القطاع على معظم القطاعات الاخرى حتى بدت جميع القطاعات العامة والخاصة في شلل تام.  

       ان تركيبة النظام القائم حاليا بعد الانتخابات النيابية الأخيرة لم ينتج جديدا قادرا على اخرلج لبنان وشعبه من هذه الدوامة، بل انتج تفاهمات غريبة عحيبة قادرة على إعادة التحكم بالكثير من مفاصل الحكم، وكأن اتفاقا ما قد تم بين  هذه القوى على ان تكون دائمة بحاجة  لبعضها دون تمكن بعضها  من الاستفراد بحل ترتأيه منفردة.، بحيث تبقى بحاجة دائمة لبعضها البعض .

      يمر لبنان اليوم بأسوأ ازماته على الاطلاق ، وهو ينزلق الى هاوية لا قعر لها، وفي وقت ينشغل العالم بأزماته التي لا حصر لها. ويبدو ان اللبنانيين لم يعد قادرون  لوحدهم على تحدبد مستقبلهم ومصيرهم، ما يصعب الامر عليهم ويجعلهم فريسة  سهلة في وقت باتوا بحاجة لكل شيء.صحيح ان لبنان كان عرضة وبشكل دائم لأزمات ممتدة في في تاريخه السياسي الحديث والمعاصر، وكان دائما تتوفر له الظروف لـتجاوز ازماته، لكن الامر هذه          المرة مختلف تماما، بل ثمة ظروف إقليمية ودولية معقدة جدا ،  ومن الممكن ان يشهد لينان انهيارات قاسية يصعب عليه تجاوزها للأسف.