وداعا لرجل التمكين
د.خليل حسين
رئيس قسم العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
14-5-2022
رحل المغفور له بإدن الله
سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان تاركا خلفه ارثا ضخما من الإنجازات الوطنية ،
سيما ان رئاسته للامارات العربية المتخدة خلفا لوالده المغفور له، الشيخ زايد بن
سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، في ظروف عربية وإقليمية ودولية استثنائية، احتاجت
لرجل دولة من الطرازات الاستثنائية التي تتمتع بصفات القيادة اللامعة، لقيادة دولة
لامعة واعدة في محيط يحتاج الى دولة مثل الامارات وقيادتها في تأسيس وتكريس سياسات صلبة
وازنة ضمن منظمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر الامارات احدى دوله الوازنة بفضل قيادة المغفور له.
والشيخ المغفور له خليفة بن زايد الذي انفرد
بصفة التمكين كحالة ، لقيادة دولة انطلقت وواصلت مسيرتها في ظروف دقيقة جدا، بنى
من خلالها سياسات منفتحة في المحيط الإقليمي والدولي إضافة الى الخليجي والعربي،
بفضل حكمته وبصيرته التي استبقت واقعا حساسا ودقيقا تمكن فيه من نسج علاقات
متوازنة كان من الصعب على أي حاكم تجاوزها والخوض فيها، وهي علامة فارقة في سياسة
الامارات العربية الخارجية التي تحتاج الى مزيد من الحرص على تجاوز الاضاد ومحاولة
جمع التباينات بما في مصلحة الامارات ومحيطها العربي والإقليمي والدولي، وكان من
نتاج ذلك التميز في عهده انتخاب الامارات العربية المتحدة عضوا غير دائم في مجلس
الامن التابع للأمم المتحدة لمدة سنتين، وهو تمثيل ثلاثي الابعاد عربي واسلامي
وآسيوي.
وكما السياسة الخارجية
التي خطها المغفور له الشيخ خليفة بن زايد، كانت السياسات الداخلية التي لم تكن
اقل شأنا ، بل تميزت بمؤشرات ذات نوعيات استراتيجية في بناء الدول ومؤسساتها.
فالامارات في عهد التمكين التي سجلت أرقاما اقتصادية ضاهت دول متقدمة على الصعيد
الدولي، وتمكنت في اصعب الازمات المالية والاقتضادية الدولية من احتواء تداعيات
كثيرة، بل انطلقت في مشاريع متقدمة جدا، تحاكي مستويات الدول المتقدمة التي تتسم
بالرعايات الاجتماعية المتميزة والجادة، فكان الوصول لمجتمع السعادة من أولويات
المغفور له في بناء مجتمع يتصف بمجتمع السعادة حيث رعاية الدولة التي تناهز وتتفوق
على دول كثيرة بل تصدرت قوائم الكثير من المؤشرات ، التنمية والاجتماع والصحة
والتعليم ومختلف التقديمات.
والامارات العربية المتحدة
في عهد التمكين، تمكنت بفضل إرادة وتصميم المغقور له من اقتخام الفضاء الخارجي
والوصول الى المريخ عبر مسبار الامل، والامارات سجلت بذلك سابقة عربية وإسلامية في
مجال السبق الفضائي الذي يعتبر حكرا على دول محدودة ومحددة، فكان نتاجا لدعم
المغفور له لليرامج العلمية الإماراتية الذي توصل الى انجازت من علماء إماراتيين
خاصين وبمستويات علمية رفيعة.
واليوم ستكمل الامارات العربية
المتحدة مسيرتها في ظل ولاية رئيسها سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي كان له أدوار بارزة جدا في
الصعود الدبلوماسي لدولة الامارات في خلال توليه منصب ولي العهد، حيث كان لسموه
حضور وازن في العديد من الملفات العربية والإقليمية بدءا من اليمن والسودان والصومال
مرورا بليبيا وصزلا الى مصر، علاوة على العلاقة الممتازة التي تربطه بولي العهد
السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، والتي تميزت بالتنسيق الشامل للسياسات الخارجية
السعودية والاماراتية، سيما وأن مرض المغفور له الراحل سمو الشيخ خليفة بن زايد
بعد العام 2014 فتح المجال واسعا امام سمو الرئيس الشيخ محمد بن زايد لترك بصمات
فارقة في السياستين الداخلية والخارجية للامارات ، والتي ستستتبع بسياقات محددة تعكس
الطابع الدي يتحلى به رئيس الدولة .
حقبتان مرت على الامارات
العربية المتحدة من التأسيس الى التمكين، والتي ستستتبع بسياسات متتابعة للتي
سبقت، سيما وان استمرارية الحكم والسلطة مرت بسلاسة معهودة وهي في الأساس ليست
بغريبة عن المجتمع الاماراتي.