23‏/03‏/2025

 

ما بعد الامل

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية

11-2-2921

          اما وأن مسبار الامل قد نجح في الوصول الى كوكب المريخ، فيعني ذلك ان البرنامج الاماراتي  قد حقق الاهداف العلمية المبدئية التي وضعت كخطة طريق لمستقبل واعد ، لن تتوقف عند تلك الانطلاقة الواعدة. فالامارات التي وضعت برامجها لكي تكون بين الدول الخمسة في نادي استكشاف الفضاء، والدولة العربية الاولى في هذا المضمار والثالثة عالميا التي وضلت الى المريخ، وضعت خطة ريادية طموحة لكي تكون لها في العام 2127 مستعمرة في المريخ، وهو طموح يتخطى القدرات العلمية والعملية التي يمكن ان تكون متاحة مستقبلا، للتأكيد على جانب آخر يتصل بسياسات الدولة الاستراتيجية البعيدة المدى، التي تضعها دون تردد وبتصميم وارادة واعدتين.

        فالمشروع الاماراتي  هو من نوع الخطط الأكثر من بعيدة المدى الذي عادة ما ينحصر في عقد من الزمن ، فيما المشروع القائم حاليا يتخطى قرن بكامله، وهو تحد اضافي يرسم معالم الفكر والقدرات الاستراتيجية التي تخطي بها مؤسسات الدولة وبرعاية مباشرة من قياداتها الرشيدة، التي تنتقل بالبلاد من انجاز لانجاز آخر، وسط تحديات اقليمية ودولية تتطلب سياسات رشيدة ورؤى حكيمة لتخطي مصاعب ومطبات تعجز عنها دول كبرى.

        طبعا وبعكس ما هو شائع،  من ان الأموال والقدرات المادية كفيلة بتحقيق الانجازات، فإن الخلفية التي تتنقل بها الامارات لا تنحصر بالقدرات والموارد المادية، وانما من قدرات  بشرية اماراتية خالصة تتسلح بقدرات علمية متقدمة عملت على مدى سنوات في تطوير قدراتها وبرامجها وخططها للوصول الى هذه الخطوة الحاسمة التي وضعت الدولة ومؤسساتها وبرامجها في وضع هادف نحو الاستمرار قدما وبدون التحفظ او التفكير بالعودة للخلف. كما ان ذلك الامر لا يتوقف فقط على الارادة والتصميم، وانما وجوب مماشاة التقدم العلمي والتكنولوجي المستمر، وهو ما يتطلب أيضا تهيئة القدرات والطاقات والكوادر البشرية التي بدأتها اساسا وتمكنت في اوقات قياسية من تكوين نواة ذات قدرات كفوءة عالية، تمثلت في انجاز وصول مسبار الامل الى مدار المريخ.      

      ان تلك الخطط والبرامج الواعدة التي تغطي في الحد الادنى قرنا ونيف من  التحديات، هي وجه من وجوه التفكير الجمعي الاماراتي المتصل بتحقيق وتنفيذ اهداف وغايات نوعية ريادية ذات صلة بمكونات وخصائص متقدمة في عمليات قياس حياة المجتمعات والشعوب، قمثلا دولة الامارات العربية المتحدة التي وضعت خططا ونفذتها للوصول الى مجتمع السعادة، وأمنت لذلك كل الظروف المطلوبة، وسط عالم ينوء تحت تحديات ليس له حدود، ذلك يعني ليس القدرة على التنفيذ فقط، وانما اضافة لذلك هو فعل ايمان لما يستحق هذا المجتمع الطموح.

       ان عالم الفضاء وما يتصل به من متطلبات، هو عالم خاص من الصعب الولوج في اسباره وخفاياه الا عبر قدرات ذات طبيعة نوعية خاصة، تتميز بالقدرة على الاستمرار النوعي الدائم، الذي يتحلى أيضا بخاصية توفير البدائل في الوقت والظرف المناسبين، وبالتالي عدم الاتكال على الفرص او الامكانات المتاحة في الظروف العادية، والذي يتطلب أيضا خاصيات ذات صلة ينوعية التفكير والتصميم والارادة وقدرات التنفيذ النوعية؛ سيما وان نوعية البرامج الموضوعة اقله في المدى المتوسط، هي برامج عالية الطموح، وتتركز فيما تتركز على اختبارات تقود للوصول الى بيئات متصلة بالحياة على الكوكب الاحمر، وهو حلم راود الخيال العلمي منذ عقود طويلة.

       بالأمس القريب كان مجتمع السعادة، اليوم في المريخ، غدا الى أين،؟ ربما سؤال من نوع التحدي قياسا على الخطوات التي انطلقت بها الامارات دون تردد،  لكن وبكل بساطة، صممت ، خططت ونفدت في يوبيلها الذهبي ان ترتقي الى مستويات متميزة، ذلك التاريخ المتميز كفيل باستمرار بقائها بين الدول الأكثر تقدما وطموحا.