23‏/03‏/2025

 

دفء العلاقات الإماراتية السورية وتداعياتها

د.خليل حسين

رئيس قسم العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

29-11-2021

          شكلت زيارة وزير الخارجية الإماراتية الشيخ عبداللله بن زايد الى دمشق، منعطفا نوعيا في أسس العلاقات الثنائية مع سوريا، وما يمكن ان تشكله أيضا من مسار انفتاحي في العلاقات العربية العربية وبخاصة السورية العربية. فالزيارة أتت بعد عقد من الزمن تخللها الكثير من المناسبات التجارية التي شكلت ملمحا واضحا لعدم الانقطاع النام بين البلدين، ذلك لحرص الطرفين على إبقاء خطوط تواصل تم البناء عليها ، ومن بينها علاقات تجارية واستثمارية  توجت لاحقا في ديسمبر / كانون الأول 2018 في إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق بعد خروج دام سبع سنوات.

       فالزيارة الإماراتية التي ترأسها رأس الدبلوماسية الامارتية ، لها دلالاتها الخاصة وآثارها المرتقبة ، اذ أتت في ظل جو إقليمي ضاغط يتسم بتعدد وتنوع أسباب وخلفيات الازمات المتلاحقة التي تحتاج الى مزيد من العناية لفك طلاسمها وعقدها، حيث يسجل للأمارات العربية المتحدة باع متميز في إدارة الازمات المعقدة والتوصل الى إيجاد بيئات قابلة للحلول المقبولة من أطرافها.

        لقد اعتمدت الامارات العربية المتحدة سياسات انفتاحية في المحيطين الإقليمي والعربي، وسجلت خطوات ونجاحات غير مسبوقة في العديد من الملفات وبخاصة  العلاقات العربية العربية، وتأتي زيارة دمشق لتؤكد الخطوات والسياسات الإماراتية في هذا الاتجاه ؛ اذ عمدت الامارات ومنذ سنوات سابقة الى رأب المشاكل العربية ومحاولة التوفيق بين دولها، وسجل في هذا الاطار مواقف بارزة في الشأن السوري ومحاولة  إيجاد الظروف والبيئات المناسبة لعودة سوريا الى الحضن العربي وبخاصة جامعة الدول العربية.

       وفي الواقع ان ابرز ما تم بحثه في الزيارة  التمهيد للعودة السورية الى الجامعة العربية، وحضور دمشق للقمة العربية القادمة  في مارس/ آذار 2021 في  الجزائر التي ستستضيف اعمال القمة ، والتي ستكون مناسبة هامة لمحاولة اغلاق وانهاء الكثير من الملفات العالقة بين الدول العربية  ومن بينها العلاقات مع سوريا، التي دأبت الامارات العربية على إعادة ترميم الكثير من جوانبها.

       وفي الواقع، اعتمدت الامارات العربية المتحدة سياسات انفتاحية باتجاهات متعددة، فهي لم تقطع أي تواصل مع أي طرف ولو في عز الازمات الإقليمية وتداخلها ، بل عمدت الى استمرار العمل في البناء على الإيجابيات للوصول الى  نتائج محققة يمكن البناء عليها عربيا وإقليميا وحتى دوليا، وهو سر نجاح السياسات الإماراتية في محيطها الخليجي والعربي والإقليمي.

       ومن المعروف ان الامارات العربية المتحدة تلعب دورا رياديا في مجال التبادل التجاري العربي والإقليمي والدولي، حيث تأتي التجارة السورية مع الإمارات الأولى عربيا  في العام 2019 والثالثة دوليا، وهو رقم متقدم يعكس  طبيعة ونوعية  العلاقات التي يحرص الطرفان على تنميتها وتطويرها ، حيث تم الاتفاق بين الطرفين في لقاءات عدة عقدت خلال فعاليات دبي مؤخرا بين المستثمرين السوريين والاماراتيين، إضافة الى لقاء وزيري الاقتصاد في البلدين على هامش اعمال معرض دبي.

        في المحصلة، ربما الأكثر الحاحا في هذه الفترة التي تمر بها المنطقة العربية من ظروف قاسية وازمات ممتدة ، مزيدا من الانفتاح والتواصل العربي العربي علَّ وعسى ان يؤتي التقارب  مزيدا من بيئات الحلول للأزمات البينية العربية التي باتت تداعياتها تطال دولا عربية بكياناتها ووجودها.