امل الامارات
الى ربوع المريخ
د. خليل حسين
رئيس قسم
العلاقات الدولية والدبلوماسية في الجامعة اللبنانية
بيروت:14/7/2020
ليست سابقة ان تخوض الامارات العربية
المتحدة تحديات من نوع مختلف، فقد خاضت العديد منها اجتماعية وسياسية واقتصادية في
طريق بناء الدولة والمجتمع والانسان. اليوم انطلقت الامارات العربية المتحدة الى رحاب
الفضاء الواسع، منتقلة بطموح علمائها الى رحاب كوكب ظل مثار فضول وطموح وتحدي
علماء ودول كثيرة، وهو تحد ستجني نتائجه البشرية جمعاء عبر 200 من علماء الامارات
الذين واظبوا ولسنوات على تنقيذ برامج طموحة كانت ولا زالت حكرا على قلة قليلة من
دول العالم المتقدم ثقافيا وعلميا. وبهذه الخطوة تثبت الامارات العربية المتحدة
مرة أخرى انها وبفضل قياداتها السياسية وابنائها تنتقل الى مستويات نوعية أخرى.
الامارات العربية المتحدة هي من بين الدول
القليلة التي أعطت للبحث العلمي اهتمامات خاصة، عبر المؤسسات العلمية والبحثية
والجامعات ، وما برز مؤخرا الاهتمام بعلوم الفضاء والاستكشافات الكونية، حيث أنشأت
مؤسسة خاصة لتلك المجالات، وتمكنت من ارسال رائد فضاء من أبنائها الى المحطة
الفضائية الدولية، معتبرة تلك الخطوة ، خطوة على طريق طويل في هذا المجال ووضعت
خططا علمية ذات طبيعة نوعية ومن بينها استكشاف كوكب المريخ عبر ارسال مسبار فضائي
الذي تم اطلاقه وبنجاح ليصل الى أهدافه المحددة في خلال شهر شباط 2021 تزامنا مع
احتفالات الامارات العربية المتحدة باليوبيل الذهبي لتأسيس الامارة.
وليس غريبا ان يطلق على المسبار اسم الامل
، وهو بطبيعة الحال يمثل امل العرب والمسلمين بان يكونوا عبر هذا الانجاز الى جانب
الأمم التي احتكرت ولعقود طويلة هذا النوع من العلوم، وهو تحد اثبت ويثبت بشكل
مستمر على ان الشباب العربي الاماراتي قادر على تحقيق الكثير عبر هذا المشروع
الريادي الذي يحمل بصمات علمية ذات ابعاد إنسانية بشرية سيستفيد منها شعوب ودول
وامم، إضافة الى ان نجاح هذا المشروع المنفذ عبر شباب عربي اماراتي خالص، يثبت
قطعا قدرات الشباب العربي بأنه على قدم وساق مع باقي شعوب العلم المتحضر القادر
على تنفيذ وتحقيق الكثير، بعدما الصق بهذه المجتمعات زورا وبهتانا اعمالا ليست من
صفات العرب كالإرهاب والتخلف والاقتتال وغيرها.
مسبار الامل الاماراتي العربي الهوية
سيصل الى المريخ لتنفيذ برامج علمية متقدمة ظلت محل نقاش علمي دولي، حول طبيعة
الكوكب والمواد التي تنتشر على سطحه والغلاف الجوي المحيط به، إضافة الى محاولة فك
الغاز حيّرت العلماء من بينها هل يوجد مياه على سطح الكوكب؟ وهو سؤال مركزي يستتبع
الإجابة على سؤال آخر من نوع وجود حياة على الكوكب سبقتنا قبل ملايين السنين،
إضافة الى أسئلة محيّرة تنتظر الإجابة، وهي بطبيعة الأمر تفتح آفاقا علمية هائلة
على أسئلة أخرى متصلة بطبيعة المجموعة الشمسية أولا ، ووصولا الى الأسئلة الكبرى
المتعلقة بنشأة الكون وبطبيعته الغامضة.
ففي فبراير / شباط القادم 2021 وبعد قطع
حوالي 493 مليون كيلومترا، سيكون مسبار الأمل على ذلك الكوكب الأحمر يحتفل بماسية
تأسيس دولة لم تنقطع يوما عن انجازات ليست عربية او إسلامية فحسب ،بل متجهة الى
ربوع ومستويات ارقي في مسارات الرقي البشري والانساني، بالأمس على ارض الوطن
ومجتمعه اطلق مشروع السعادة المجتمعية منفذا عبر وزارة تتابع تخطيطا وتنفيذا،
وقبله المشاركة بمحطة الفضاء الدولية برائد فضاء اماراتي، واليوم مسابرا يحمل الحلم
والامل الى الشعب الاماراتي والعربي والبشرية جمعاء، علَّ هذا الانجاز الطموح ينقل
العالم والبشرية من عالم الاقتتال والتصادم الى عالم يسوده الخير والعطاء
والاستكشافات النوعية، والتي ستكون الامارات العربية المتحدة بفضل قيادتها وسواعد
أبنائها سبّاقة في التوغّل في هذا الكون الذي يحمل الكثير من اسرار الخلق. فإلى
اللقاء من كوكبنا الأزرق الى الكوكب الأحمر في فبراير/ شباط القادم.