27‏/12‏/2012

عمر الجبوري / مبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية

اسم الطالب : عمر الجبوري
عنوان الرسالة : مبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية
الشهادة الماجستير في القانون العام / تخصص القانون الدولي العام
تاريخ المناقشة : 26/12/2012
الدرجة الممنوحة : جيد جدا

لا تعتبر المعاهدات الدولية من حيث المبدأ ملزمة إلا في مواجهة الأطراف التي ارتضتها، وهم الذين يكتسبون ما تقرره لهم من حقوق، ويتحملون ما يترتب عليهم من التزامات. فأثر المعاهدات الدولية لا ينصرف الى من لم يشترك فيها من الدول، فهي لا ترتب لهم حقوقاً ولا تفرض عليهم التزامات، وهو ما يعبر عنه بمبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية، وهو مبدأ أساسي من مبادئ قانون المعاهدات الدولية الذي يستند في تأصيله الى ثلاثة أسس رئيسية، وهي:
- مبدأ سلطان الإرادة الذي يقضى بأن أشخاص القانون الدولي الذين ليس لهم أدنى صلة بإنشاء أو بتنفيذ المعاهدة، لا يمكن أن يرتبطوا أو يتأثروا بها.
- مبدأ التراضي الذي بمقتضاه، سواء أكان ذلك في القانون الدولي أم في القانون الداخلي، لاتلزم المعاهدات إلا إطرافها.
- مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، وهو مبدأ راسخ في القانون الدولي يتعارض وإمكانية مد آثار المعاهدات الى خارج دائرة اطرافها.
- وقد تبنت اتفاقية قانون المعاهدات لعام 1969 هذا المبدأ العام في المادة (34) التي تنص على أنه: "لا تنشئ المعاهدة التزامات أو حقوقاً للدول الغير بدون موافقته.وينتج من هذا أنه لا يجوز لدولة أن تطالب بتنفيذ معاهدة ما لم تكن طرفاً فيها، أو تتمسك بمثل هذه المعاهدة للمطالبة بحق من الحقوق التي تنطوي عليها..
ولكن ذلك لا ينفي إمكان تأثر الدول الغير، إيجاباً أو سلباً، بمعاهدة تم إبرامها بين مجموعة من الدول. فقيام عدة دول بإبرام معاهدة لضمان حدود دولة معينة، يؤثر إيجاباً في الدولة محل المعاهدة، ولو أنها ليست طرفاً فيها. إن هذه الأثار الإيجابية أو السلبية لا تعد بمثابة استثناء، ولا تنال من أصل مبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية، فهي مجرد آثار غير مباشرة، فآثار المعاهدات لا تنصرف، كأصل عام، الى غير أطرافها، ومن ثم لا يتصور أن تنشئ للدول الغير حقوقاً، أو أن ترتب على عاتقها أي التزامات.
إن التسليم بمبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية لا يتعارض – البتة – مع إمكانية اكتساب الدول الغير الحق أو تحمل الإلتزام نتيجة لقبولها إيجاباً موجهاً إليها تضمنته معاهدة لم تكن طرفاً فيها. فقد يحدث أن تشتمل إحدى المعاهدات الدولية على إيجاب موجه الى دولة من الغير، غايته – متى قبل من جانبها – إنشاء حق لها أو التزام على عاتقها. ومن شأن هذا الإيجاب، متى وجد قبولاً، إنشاء اتفاق دولي جديد بين تلك الدول.
وتناولت اتفاقية فيينا لعام 1969 آثار المعاهدات الدولية بالنسبة للغير، وأكدت أن الحقوق والالتزامات لاتستفيد منها الدول الغير بدون موافقتها، وأن القبول بهذه الحقوق والالتزامات يجب أن يكون صريحاً ومدوَّناً. وتكون هذه الموافقة ضمنية ما لم يصدر من الدولة معارضة لهذه الحقوق أو الالتزامات. فالدول.
إن إلغاء أو تعديل الآثار القانونية الناتجة من الاتفاق ما بين الأطراف المتعاقدة، ودول الغير، سواءً كانت تلك الاثار التزامات أم حقوقاً، لا يتمّ بالاتفاق المتبادل ما بين الدولة المستفيدة والدول الموقعّة على المعاهدة. فبالعودة الى نصوص اتفاقية فيينا نجد أنّ الدول غير المنضمة لا تستطيع أن تستفيد حكماً من معاهدة نافذة ما لم يتوافر شرطان لذلك: موافقة الدول المتعاقدة نفسها على أن أثار المعاهدة تشمل الغير، وقبول الدول الغير بهذه الحقوق والالتزامات.
اعتبر الطالب إن إشكالية الدراسة تتلخص فيما اذا ما كان مبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية مبدأً عاماً غير مخصص، أم مبدأ عاماً مخصصاً ينطوي على بعض الاستثناءات التي أقرها الفقه الدولي المعاصر الذي حاول مسايرة التطورات الحاصلة في الفقه والقانون الدوليين.
ورأى الطالب في دراسته ان أهمية مبدأ نسبية أثار المعاهدات الدولية في حياة الاسرة الدولية المعاصرة، تتسم بالتأكيد على المساواة في السيادة والاستقلال بين الدول، وأن لا سلطان فوق إرادتها، وأن هذه الإرادة تعد أساس إلتزامها بقواعد القانون الدولي المعاصر، وأن الدول لا تلتزم إلا بالمعاهدات التي ارتضتها.
ونظراً لمحاولة الدول الكبرى فرض ارادتها على الدول النامية والزامها بمعاهدات لم تكن طرفاً فيها، خارقةً مبدأً راسخاً في القانون الدولي العام، يتحقق فيه التوازن في العلاقات الدولية، فإن الفقه الدولي المعاصر جاء مسايراً لإرادة تلك الدول الكبرى في فرض استثناءات على ذلك المبدأ. والأصل هو مبدأ عام لا يتحمل الاستثناء. وكل ذلك دعانا الى محاولة ابراز اهمية ذلك المبدأ والتأكيد عليه، فبدون رضاء وإرادة الدول النامية لا يمكن ان تفرض عليها التزامات أو حقوق دولية في معاهدات لم تكن طرفا ًفيها، انطلاقاً من القاعدة الرومانية التي تقول بأن العقود لا تلقي على غير أطرافها إلتزامات ولا تكسبهم حقوقاً.
اتبع الطالب منهجين اساسين لمعاجة دراسته عبر: المنهج الاستقرائي: وذلك باستقراء نصوص اتفاقية فيينا لعام 1969 لقانون المعاهدات واستقراء نصوص المعاهدات التي لها صلة بالموضوع. والمنهج التحليلي: وذلك من خلال استنباط توجهات الفقة والقضاء الدوليين حول الاساس القانوني لمبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية، حتى لا تبقى هذه الدراسة مجرد نظريات بعيدة عن الواقع.
ناقش الطالب عمر الجبوري رسالته "مبدأ نسبية آثار المعاهدات الدولية " بتاريخ 26/12/2012، امام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وخليل حسين وجورج عرموني، وبعد المناقشة والمداولة، قبلت اللجنة الرسالة ورأت ان الطالب يستحق درجة الماجستير في القانون العام/ تخصص القانون الدولي العام،بدرجة جيد جدا.
بيروت في : 26/ 12/ 2012 أ.د.خليل حسين