07‏/06‏/2015

لماذا اليمن ؟

لماذا اليمن ؟ صحيفة الخليج الاماراتية 3-4-2015 ربما قدر العرب وبلدانهم، أن تظل موضع شد وجذب الدول الإقليمية المؤثرة، ومن بين تلك البلدان اليمن الذي لُقب يوماً بالسعيد، لكن ظروفه وواقعه يشي بمستقبل غير سعيد، شأنه شأن العديد من دول الإقليم الذي سبقه إلى أوضاع كارثية، من الصعب التخلص من آثارها وتداعياتها قبل مرور عقود وتعاقب أجيال . واليمن بالتحديد، ظل مرتعاً خصباً لتناقضات ونزاعات داخلية، تبدأ بالسياسي ولا تنتهي بالاجتماعي الاقتصادي، وفي كلتا الحالتين، يغلفها واقع قبلي فيه الكثير من أسباب النزاعات، وإمكانات الاستغلال والاستثمار الخارجي، وعلى الرغم من عمومية هذه المظاهر في الواقع اليمني، وتشاركه مع العديد من البلدان العربية بهذه الميزات، إذا جاز التعبير، فإن عوامل إضافية عدة جعلته ينزلق إلى متاهات يصعب التكهن بنهاياتها، باستثناء أنه بالتأكيد قد انزلق في لعبة الأمم التي من الصعب أن يكون له كلمة فصل فيها . فالموقع الجيوسياسي الذي يتمتع به كبلد مشاطئ لباب المندب، يجعله الثاني على التوالي، بعد مضيق هرمز، لجهة إمكانية التحكم في الحركات المرورية البحرية التي تبدأ بعصب المال والاقتصاد عبر النفط، ولا تنتهي بالقضايا الأمنية والعسكرية والجيواستراتيجية . وهو بذلك يمتلك إمكانية التحكم أيضاً، وبنسب عالية في واقع البحر الأحمر، وما يمتد إليه شمالاً، لجهة قناة السويس عربياً، وإيلات "إسرائيلياً" . علاوة على ذلك فقسم من شواطئه الغربية وهي في واقع الأمر امتداد جغرافي طبيعي للمضيق، هو مطل على الجهة المقابلة من القرن الإفريقي، المنطقة التي يسيل لها اللعاب "الإسرائيلي" في إريتريا وإثيوبيا، إضافة إلى المناطق الفرعية التي يمكن اللعب فيها سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، فضلاً عن أن هذا الواقع غير الحديث، كان ولا يزال موقع جذب قوي لدول عظمى وكبرى، كالولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما، اللتين تمتلكان قواعد عسكرية فيها، إضافة إلى إيران وتركيا التي دخلت على المنطقة من بوابة المساعدات الاقتصادية، والمشاركة في قوات أممية في غير منطقة نزاع، كالسودان وجنوبه ودارفور مثلاً . كما أن هذه الميّزة، كان لها الأثر السلبي في طبيعة الكيان اليمني الذي قُسِّمَ سابقاً بين شمال وجنوب إبان الحرب الباردة، على قاعدة خلاف إيديولوجي في الظاهر، وتقاسم مصالح وربط نزاع بين واشنطن وموسكو في الباطن . ولم تكن إعادة توحيد الكيان الذي تمّ في ظروف غلب عليها العوامل الخارجية، إلا محطة جديدة لإعادة ترتيب وتركيب العوامل الداخلية لإثارة النزاعات، التي تلقفتها العديد من القوى صاحبة المصلحة في إضعاف اليمن، وحذفه من الخرائط الجيوسياسية الفاعلة في المنطقة . واقع قديم، ووقائع جديدة، ستلعب دوراً محورياً في مستقبل اليمن المنظور والبعيد، انطلاقاً من كونه بات بلداً لربط النزاع وساحة مفترضة لتصادم والتقاء المصالح، كغيره من البلدان والساحات العربية . فهو غير منفصل عن حسابات الربح والخسارة الممتدة شمالاً من العراق وسوريا مروراً بلبنان والكثير من الملفات والأزمات الفرعية الناشئة، حيث ستتم عمليات الوصل والفصل في عمليات المقاصة السياسية والأمنية والعسكرية في هذه الساحات المفتوحة على شتى عمليات المقايضة . ثمة مفاوضات نووية إيرانية غربية، يسعى جميع أطرافها في فترة الثلاثة أشهر القادمة حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل، إلى امتلاك أوراق قوة سياسية وعسكرية وجيوسياسية، بهدف وضعها في المكان المناسب لاستدراج العروض الاستثمارية في المنطقة العربية لاحقاً، وهو همٌ دائم، وموضع تقدير وتفكير عواصم كثيرة فاعلة . فما العمل؟ ثمة سوابق كثيرة مرّت بها أمم ودول كثيرة، تمكّن بعضها من الوصول إلى بر الأمان بعد أثمان كبيرة، كانت خياراتها الحوار والاستماع إلى الآخر الشريك في الوطن، وهو ما ينقص اليمنيين حالياً . فالحوار والحل السياسي هما الخيار الأمثل نهاية المطاف، بصرف النظر عن وجهته وقواعده وبرامجه المطروحة . فعلَّ وعسى أن يستيقظ اليمنيون من أضغاث الاقتتال الذي كلفهم غالياً حتى الآن، وهم يعرفون ذلك بالنظر للتجارب السابقة التي مروا بها، فكما غيرهم كذلك هم، إما الحوار أو الدمار . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/aeab9365-a901-4920-99c3-ac7f7e794492#sthash.VpYCZDhC.dpuf