07‏/06‏/2015

ماذا يعني فوز نتنياهو

ماذا يعني فوز نتنياهو صحيفة الخليج الاماراتية 25-3-2015 ربما هي الانتخابات الأغرب في "إسرائيل"، لجهة التداعيات وتأثيرها في السياسات الداخلية والخارجية . فالفوز بالنسبة غير المتوقعة لليمين المتطرف، تشي بخلاصات تبدأ بفشل الرهانات العربية عامة والفلسطينية خاصة، ولا تنتهي بكيفية إدارة الأزمات الإقليمية التي ل"إسرائيل" مصلحة مباشرة فيها . والتدقيق في مجمل الوقائع ونتائجها تبرز الكثير من المعالم التي كانت في الماضي القريب، موضع تكهن وتأويل لدى الكثيرين من صانعي القرارات والسياسات . وبالتالي تكشف العديد من العِبر التي من الصعب تجاوزها والقفز فوقها . أولى العبر تظهر في عنصرية العقل الباطني في المجتمع "الإسرائيلي"، فثمة فرز واضح بين العرب واليهود، وبالتالي فإن يهودية الدولة ليس مجرد شعار بقدر ما هو خيار استراتيجي لمختلف الأحزاب "الإسرائيلية" . وما يعزز ذلك حجم الفوز ونوعيته الذي تفرد به بنيامين نتنياهو، وهي سابقة في ظروفها ووسائلها وأدواتها . وبذلك فإن عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة لمرة رابعة بجرعات زائدة بالثقة بالنفس السياسة، سيسبب حرجاً ومأزقاً كبيرين للسلطة الفلسطينية، فإما إجبارها على العودة للمفاوضات وفقاً للشروط "الإسرائيلية" التي أفرغتها من مضمونها، وإما الاعتكاف، وبالتالي مزيد من المستوطنات وإفراغ المفاوضات مما تبقى من مضمونها كالقدس واللاجئين وأراضي 1967 . كما أن عودة نتنياهو من الباب الناخب "الإسرائيلي" العريض، تعني موافقة مطلقة على سياساته العدوانية تجاه غزة وفصائلها، وهي دعوة "إسرائيلية" واضحة لسياسات الحديد والنار، فإما أن تنصاع القيادات الفلسطينية لشروطه حول الهدنة الطويلة المدى في غزة، وإما التحضير لعدوان جديد وهو الاحتمال الأكثر قوة بين الخيارات "الإسرائيلية" في المدى المنظور . كما أن الأمر نفسه سينسحب على مجمل سياساتها العدوانية الأخرى ومن بينها الساحتين اللبنانية والسورية . كما أن زيادة منسوب الغرور السياسي الذي حصده نتنياهو، سيعزز أدوات ووسائل إدارته للأزمات الخارجية التي يعتبرها قضايا وجودية تتعلق بالكيان، ومن بينها، البرنامج النووي الإيراني الذي سيكون له كلمة وازنة فيه، عبر الإدارة الأمريكية تحديداً وبقية الإطراف الأوروبيين، بل لن يجد صعوبة تذكر لممارسة الضغوط على آليات المفاوضات الجارية وتحديد مساراتها، ولو اقتضى الأمر الوصول به لخيارات عسكرية بمعزل عن الرأي الأمريكي فيها، وهو خيار "إسرائيل" الأول والأخير، بصرف النظر عن النتائج المحتملة للمفاوضات، وربما يكون هذا الملف بالتحديد هو العامل الأبرز الذي لعب دوراً حاسماً في قلب الرأي العام "الإسرائيلي" ومزاجه السياسي، وبالتالي ترجيح سياساته المتشددة على أي شعارات وخيارات أخرى نادى بها خصومه . والأمر لم ولن يقتصر على هذه المسائل "الإسرائيلية" البحتة، بل ستنسحب مجمل سياسات نتنياهو ومن صوّت له، على السلوك "الإسرائيلي" في التعاطي مع العرب في الداخل "الإسرائيلي"، حيث سيشهد العرب مزيداً من التمييز العنصري، المترافق مع سياسات حديدية، بخاصة بعدما تبيّن أن الصوت العربي في الانتخابات كان له وزن مربك، وان كان غير حاسم في إدارة السياسات الحكومية "الإسرائيلية" المقبلة، وبالتالي فإن سابقة توحيد الأحزاب العربية في إدارة الانتخابات بصوت عربي موحد، قد خلط الأوراق وأعاد حسابات لم تكن موجودة قبلاً . وبعد كل ذلك ما العمل؟ في سياق المراجعة والنقد، ينبغي كذلك على العرب والفلسطينيين، استخلاص العِبر ولو لمرة واحدة في تاريخهم الصراعي مع "إسرائيل"، أولاها عدم التفريق والمراهنة بين مختلف التيارات السياسية "الإسرائيلية"، ففيها متشدد ومتشدد، وصقور وصقور، فلا حمائم ولا من يحزنون، كما ليس ثمة فرق بين ديمقراطيين وجمهوريين في الإدارة الأمريكية عندما يتعلق الأمر ب"إسرائيل"، وعليه فإن التأويل والتعويل على المواقف والسياسات لا محل له في الإعراب السياسي الأمريكي . والمراهنة على التغيير لا يسمن ولا يغني من جوع، لا في المفاوضات ولا المواجهات غير المتكافئة، فالمطلوب اليوم وقفة تأمل وتبصر إلى أين وصل العرب عامة والفلسطينيين خاصة، وحسم الخيارات واتخاذ القرارات، بعدما ضمرت وغابت منذ سبعة وستين عاماً مضت، إنها فعلاً مفارقة أن نبقى نحن العرب نراهن على جنس الملائكة، وكأننا نعيش في زمن وكوكب آخر . - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/e9cd2665-94f8-4309-8ee7-6767aea69057#sthash.9zTivQ4M.dpuf