26‏/07‏/2016

تقرير عن أطروحة الطالب علي حسين باكيرمستقبل الصين في النظام العالمي

تقرير عن أطروحة الطالب علي حسين باكير
مستقبل الصين في النظام العالمي
دراسة في الصعود الصيني السلمي والقوة الناعمة
لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
 
     يكتسب موضوع الأطروحة أهمّيته بحسب رأي الطالب ، بكونه يدرس الصين من عدّة زوايا مختلفة ومتداخلة ومتشابكة في ذات الوقت داخلية وخارجية، كما يدرس العلاقة بين الصين والمجال الدولي ، مع التركيز على مفاهيم حديثة في العلاقات الدولية. ويمكن إيجاز أهميته، بأنه يرصد المعطيات الحالية والمؤشرات المستقبلية لصعود الصين العالمي على مختلف المستويات وإنعكاسات هذا الصعود على العلاقة مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، بصفتها قوّة عظمى، ومستقبل العلاقة بين الطرفين، كما على طبيعة ودور الصين في النظام الدولي. ويدرس مفهوم "الصعود السلمي" والنموذج الذي تقدّمه الصين في هذا المجال، وكل ما يتعلق بهذا المفهوم من ركائز وسياسات، لكونه يشكّل ظاهرةً فريدةً في العلاقات الدولية من شأنه إذا ما نجح أن يحدث تحوّلاً في العلاقات الدولية. كما يدرس نظرية "القوة الناعمة" ، وكيفية توظيفها فيما يتّصل بصعود الصين ، وكل ما يتعلق بهذه النظرية في الإطار المفاهيمي وفي إطار صلتها بالبحث. كما يحيط بإنعكاسات صعود الصين العالمي ، ومدى تأثير ذلك مستقبلاً على العلاقة مع الولايات المتّحدة وعلى النظام العالمي ويقدّم تصوّراً مستقبلياً لقوّة الصين وموقعها في هذا النظام.
     اعتمد الطالب في بحثه على "المنهج العلمي المتكامل" الذي يتضمن إستخدام عدد من المناهج والأدوات بشكل متداخل ، للجمع بين العمق الذي يتيحه الإطار النظري والذي غالبا ما يستعين بأدوات المنهج التاريخي، والشمول الذي يتيحه المنهج الوصفي والتحليلي،  لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمعطيات والبيانات، كما تمّ إستخدام أسلوب المقارنات في هذه الدراسة التي تقوم بالمجمل على المنهج الاستقرائي ، في محاولته للإجابة عن عدد من الأسئلة التي تعد جوهر "الظاهرة" التي تمثّلها، ومحور الإشكالية التي يثيرها الموضوع ويسعى إلى معالجتها.
       أما الإشكالية التي تبناه الطالب ، فتتمحور ،حول شكل ومستقبل الصعود الصيني على المستوى العالمي، وهو ما ناقشه في الأطروحة من خلال التطرق إلى عددٍ من الأسئلة المحوريّة بهذا الخصوص، أهمّها: هل سياسة "التنمية السلمية" في الصين والتي تحولت في ما بعد إلى "الصعود السلمي" نهج معتمد يؤمن الساسة الصينيون به طريقاً للتحول إلى قوة كبرى في العالم ، والتعامل مع الدول الأخرى من منطق التعاون وليس التصادم؟ أم أنّ هذه النظرية هي وسيلة مرحليّة يتم إعتمادها كغطاء لتأمين الوقت اللازم والبيئة السلمية اللازمة لتحييد عدوانية القوى الكبرى وتشتت تركيزهم عن الصين كمنافس، ولزيادة قدرات البلاد الاقتصادية والعسكرية وبالتالي التحوّل إلى قوة كبرى والتخلي عنها بعد ذلك؟ هل يمكن لدولة مثل الصين أن تولّد "قوّة ناعمة" فضلاً عن الحديث عن توظيف هذه القوة في إستراتيجيتها على الصعيد العالمي؟ أم انّ هكذا مفهوم لا ينطبق على دولة معيّنة بحد ذاتها؟هل الصين قوة صاعدة في النظام العالمي فعلاً؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي معالم ومؤشرات تحوّلها إلى قوّة كبرى مستقبلا؟ أم أنّ الحقيقة أنّ دور وحجم غيرها من القوى الكبرى تراجع بشكل يوحي بصعود غير واقعي للصين على المستوى الدولي كقوة كبرى؟  وبالتالي فان مسيرة صعودها قد تتوقف في المستقبل لسبب أو آخر؟.هل يمكن للصين أن تستمر في صعودها السلمي ،دون مواجهة أي مشاكل داخلية وخارجية؟ ماذا إذا شعرت أي قوّة أخرى كالولايات المتّحدة بخطر الصعود وحاولت إفشاله بطريقة او بأخرى؟ ماذا اذا أغرت القوّة تيّار الأيديولوجين في الصين فاستخدموا هذه القوّة على غرار ما فعلته العديد من الدول في التاريخ ومنها "ألمانيا" في عهد هتلر؟
      كما انطلق الطالب من فرضية مبدئية مفادها ، أن الصعود السلمي للصين ،قد لا يبقى سلمياً في المستقبل رغم الضوابط والمبادئ التي وضعها القادة الصينيون لضبط خط سير بلادهم التصاعدي دون الدخول في نزاعات أو صراعات كبرى ، قد تؤثّر في استقرار الصين داخليا وبالتالي تراجع مركزها عالمياً.
    أتت الأطروحة في بابين، تناول الباب الأوّل الصعود السلمي للصين في النظام العالمي ودور القوة الناعمة في هذا الصعود، حيث عرض في الفصل الأول مفهوم سياسة "الصعود السلمي" الصينية من خلال الظروف الدولية التي مهّدت لها، والتي دفعت الصين فيما بعد إلى إرساء أسس هذه السياسة من خلال الإطار النظري بداية ، والذي شهد نقاشاً داخليا موسّعاً حوله ومن خلال تحوّل المفهوم تالياً إلى سياسة رسمية للبلاد، والعلاقة بينه وبين السياسة الخارجية للصين. وأستعرض في الفصل الثاني ، مقوّمات الصعود السلمي الصيني على الصعيد السياسي والإقتصادي والعسكري، ومعالم هذا الصعود والكيفية التي إستطاعت بها الصين تحقيقه. أمّا الفصل الثالث فقد ناقش فيه مفهوم "القوة الناعمة" باعتباره مظهرا من مظاهر القوّة في العلاقات الدولية، كما طرح القوّة الناعمة الصينية من خلال البعد الأكاديمي والرسمي والجدل بين المدارس الفكرية المختلفة والعلاقة بين القوة الناعمة والصعود السلمي للصين، ومصادر وأدوات القوّة الناعمة الصينية. أمّا الباب الثاني من الأطروحة ، فقد تناول الإتجاهات المستقبلية لصعود الصين وقوّتها الناعمة من خلال ثلاثة فصول، إستعرض في الفصل الأوّل منه أبعاد القوّة الناعمة للصين على الساحة الدولية في أفريقيا وأمريكا اللاتينيّة ومنطقة الشرق الاوسط من خلال الأدوات السياسيّة والاقتصادية والثقافية بشكل خاص. كما تناول في الفصل الثاني إنعكاسات الصعود الصيني على المستوى الدولي ومستقبل هذا الصعود ،لاسيما من خلال العلاقة الصينية – الأمريكية من جهة، ومن خلال العلاقة بين الصين والمنظمات الدولية من جهة ثانية، ومن خلال الرؤية ودور الصين في النظام الدولي حالياً ومستقبلاً من جهة ثالثة.أمّا الفصل الثالث، فقد ناقش فيه حدود القوة الناعمة الصينية سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً وحدود سياسة الصعود السلمي المتأتّية عن نشوة الصعود وإغراءات القوّة، وكذلك التحديات والمصاعب والمشاكل الداخليّة الصينيّة التي من شأنها أن تحدّ من سياسة الصعود السلمي للصين أو أن تخرج البلاد عن مسارها بالكامل فضلاً عن مسار الصعود برمّته.
        يمكن إبداء العديد من الملاحظات الايجابية غلى الأطروحة شكلا ومضمونا ومن بينها:
 
أولا : في الشكل
1.     يعتبر اختيار موضوع الرسالة من الاختيارات الموفقة، بالنظر لان الموضوع يطرح تساؤلات وإشكالات عدة في نطاق العلاقات الدولية ومستقبل الدول الفاعلة في النظام الدولي.
2.     أتى عنوان الأطروحة متوافقا مع المضمون، وكذلك العناوين الرئيسة للفصول والمباحث والمطالب.
3.     جاء تقسيم موضوع الأطروحة متوافقا مع متطلبات معالجة الموضوع، لجهة الفرضيات والإشكالية والمنهج.
4.     أتى استعمال الوسائل والمناهج بشكل جيد ويعبر عن قدرة الطالب الفائقة في التعبير عن مستلزمات بحثه.
5.     خلت الأخطاء المطبعية واللغوية في متن الرسالة، إلا ما ندر.
6.     ثمة سياقات لغوية دقيقة وواضحة، أعطت للإطروحة صفة الانسياب اللغوي المشوق للقراءة..
7.     اتي الإسناد إلى المراجع دقيقا ووفقا للشروط الأكاديمية المتعارف عليها.
 
ثانيا: في المضمون
1.    إشكالية الأطروحة وفرضياتها كانت واضحة ، ومصاغة بطريقة تعبر عن فهم الطالب الدقيق لهذا الموضوع
2.    إن الاستنتاجات والمقترحات التي أتت في الخاتمة، كانت واضحة ودقيقة جدا.
3.  ثمة الكثير من المعلومات الإحصائية والجداول والأشكال في الأطروحة والتي أسندت إلى مراجع ومصادر منضبطة ، مما يعطيها الصدقية العلمية ، وبالتالي إمكانية الاعتماد عليها لاحقا.
       ناقش الطالب علي حسين باكير، أطروحته الموسومة بعنوان مستقبل الصين في النظام العالمي دراسة في الصعود الصيني السلمي والقوة الناعمة بتاريخ 24/6/2016، أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة وليد عبد الرحيم وطوني عطالله وجورج عرموني وخليل حسين وسناء حمودي. حيث تمكن الطالب من عرض موضوع أطروحته ودفاعه عنها بشكل لافت ، وأجاب على الأسئلة التي وجهت إليه بحرفية أكاديمية عالية ، وبعد المداولة والمناقشة، قررت اللجنة منح الطالب علي حسين باكير درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير
 
بيروت: 24/6/2016                                                            أ.د.خليل حسين