30‏/06‏/2011

الحقوق المكتسبة للعراق في نهري دجلة والفرات

تقرير حول رسالة الطالب محمد سلمان محمود
الحقوق المكتسبة للعراق في نهري دجلة والفرات
في ضوء القانون الدولي العام
لنيل درجة الماجستير في الحقوق


تشكل المياه حوالي ثلاثة أرباع مساحة الأرض. ولكن نتيجة عدة عوامل ، منها ارتفاع درجة حرارة الأرض والاستهلاك البشري الجائر، ظهرت في الآونة الأخيرة ، وخاصةً في النصف الثاني من القرن العشرين ، أزمة خطيرة على وجه الأرض ، ازدادت حدتها وخطورتها مع ازدياد شح الموارد المائية الصالحة للاستهلاك البشري. وأخذت الصراعات ، نتيجة لذلك تتمحور حول الموارد المائية ، متخذةً أشكالاً مختلفة ، منها القانوني ، والسياسي والاقتصادي ، وحتى العسكري.
حاول الطالب تسليط الضوء على الحقوق المائية التي اكتسبها العراق نتيجة المعاهدات التي ابرمها مع الدول المتشاطئة أو التي اكتسبها عبر فترة من الزمن. وهذه الحقوق قد تأثرت بالأزمات المائية بين الدول وتقاسم المياه بين العراق وتركيا. فعالج الأزمة المائية لنهري دجلة والفرات. وألقى الضوء على جوهر الأزمة وتفاصيلها وأبعادها القانونية والاقتصادية والسياسية.
تتجلى أهمية الدراسة من خلال كون أزمة نهري دجلة والفرات أزمة قديمة ولكنها متجددة ، إذ تعود جذورها إلى بداية القرن العشرين ، إلاً أنها حتى يومنا هذا لم تحل باتفاق نهائي بين تركيا والعراق وسوريا.وكل ذلك دفع المجتمع الدولي إلى التفكير في تنظيم استعمال مياه الأنهار وحفظ حقوق الدول المشتركة فيها بما لا يتعارض مع حق السيادة ولا يمس الحقوق المكتسبة.
واعتبر الطالب أن أهمية الدراسة تكمن في أنها ذات بعد مائي وحسب ، أي أنها قاصرة على موضوع مياه نهري دجلة والفرات ، بل في أن لها بعداً دولياً يتجلى في عدم اعتراف تركيا بالمعاهدات التي أبرمتها مع الجانب العراقي . ولذا عقدت الكثير من المؤتمرات ووضعت الكثير من الدراسات ، كان آخرها اتفاقية عام 1997 التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، حول الاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية. وقد تطرق أليها في الفصل الثاني من هذه الدراسة وبشيء من التفصيل، موضحا أهم مبادئها القانونية ، وكيفية تسويتها للنزاعات التي قد تنشأ بين الدول المتشاطئة. ولها جانب آخر سياسي ، فهنالك عدة ملفات وقضايا عالقة بين تركيا والعراق ، ومنها المشكلة الكردية ، والصراع مع حزب pkk ، وسبل التوصل إلى اتفاق لحلها ، وما مدى ارتباط ذلك بأزمة المياه العراقية التركية ومعرفة ما إذا كان حل الأزمة المائية يتوقف على السرعة في تسوية القضايا العالقة ذات البعد القانوني أو السياسي. تناولت هذه الدراسة كل هذه النقاط لتثبت أن موضوع الرسالة يشكل محوراً للتفاعلات والتجاذبات الدولية والقانونية والاقتصادية والإستراتيجية في المنطقة.
صحيح إن هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها في هذا الموضوع ( الحقوق المكتسبة للعراق) ، ولن تكون الأخيرة ، إلا أنها سلطت الضوء ، بالتحليل والتمحيص ، على الحقوق التي اكتسبها العراق جراء الاتفاقيات المعقودة مع الدول المتشاطئة ، أو التي اكتسبها العراق عبر مرور الزمن.
وقادت هذه الدراسة الطالب إلى طرح السؤال التالي: هل تم التوصل إلى حل نهائي لمشكلة تقاسم مياه دجلة والفرات بين العراق والدول المتشاطئة معه من جميع الأبعاد ووفق آخر المستجدات والمعطيات ؟
أما النتائج التي أملها من الدراسة محاولة الإجابة عن السؤال السابق الذي يبحث عن حل لهذه الأزمة. فهل هذا الحل صالح للتطبيق ويساعد على تقريب وجهات النظر وتسهيل سُبُل التفاهم والتعاون ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هي أسسه وقواعده وأبعاده ؟
إن مشكلة المياه قائمة ولم تجد حتى الآن حلاً عادلاً لها. وقد يزداد عدم التوافق والتفاهم سوءاً وخطراً. وأشارت المؤتمرات والندوات الدولية إلى ذلك عدة مرات ودعت إلى التعاون والوفاق.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الدولية قد أوجبت تسوية المنازعات الدولية، ومنها مشكلة المياه ، بالطرق السلمية وفقاً لاتفاقية لاهاي لعام 1907، وميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، ناهيك عن الالتزام بالاتفاقات والبروتوكولات الموقعة بين الإطراف ، والمسجلة لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة بموجب المادة (102) من الميثاق.
أن الدول المتشاطئة لنهري دجلة والفرات على أبواب كارثة إنسانية أن لم تبادر إلى حل المشكلة المائية بطريقة سلمية وعادلة. والتصريحات والندوات والمؤتمرات لا تجدي نفعاً. بل إن الأمر يحتاج إلى إيجاد حل واتخاذ موقف وتوفير الماء الذي جعل منه الخالق كل شيء حي لكل المواطنين الذين يستفيدون من خيرات النهرين ، منذ وجود الإنسان في هذه المنطقة.
لقد استندت الدراسة إلى مناهج علمية عدة ، منها المنهج القانوني أثناء بحثه للنظام القانوني للأنهار الدولية كما شرح للوضع القانوني لنهري دجلة والفرات. واستند أيضاً الى المنهج المقارن عند دراسة مواقف الدول الثلاث ( تركيا وسوريا والعراق ) من مسألة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات ، والمفاوضات حولها ، وحقوق وواجبات كل دولة. واستند كذلك إلى المنهج التحليلي عند دراسة المشروعات المائية التركية وتأثيراتها السلبية في الأمن المائي للعراق وسوريا.


ناقشت اللجنة المؤلفة من الدكاترة محمد المجذوب وصادق زغير محيسن وخليل حسين وجورج عرموني،رسالة الطالب محمد سلمان محمود فقبلت ومنحت صاحبها شهادة الماجستير في الحقوق بدرجة جيد جدا.



بيروت: 28-6-2011 أ.د.خليل حسين