30‏/06‏/2011

تقرير حول اطروحة الطالب عباس جانبين

تقرير حول أطروحة الطالب عباس حمد جانبين
جرائم إسرائيل في لبنان:مدخل لمقاضاتها دوليا
لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق
استخدمت إسرائيل القوة ضد لبنان بشكلٍ يومي. وانتهكت سيادته واستقلاله وحرمة أراضيه واحتلت جزءاً منها، وظلت فيها عشرات السنين. وما زالت تحتل جزءا مهما حتى يومنا هذا، رغم إرادة المجتمع الدولي المتمثلة بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ، ويظهر هذا الاحتلال الصفة العدوانية لإسرائيل التي هاجمت قواتها المسلحة المدنيين بجميع أنواع الأسلحة ودمرت المدن والقرى والمنشآت الاقتصادية وحاصرت الموانئ البحرية واعتقلت المدنيين. ولم تتورع عن إنشاء ميليشيا محلية وتمويلها وتدريبها لمساعدتها في استمرار عدوانها واحتلالها.
وتعتبر جرائم إسرائيل جرائم دولية وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي قسمها إلى أربع فئاتٍ: جرائم الحرب وجرائم العدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية. وهذه الجرائم لا تسقط بمرور الزمن، وبالتالي فإن مقاضاة إسرائيل عن ارتكابها تبقى سارية المفعول حتى بعد مرور زمنٍ طويل عليها.
وتتمثل جرائم الحرب الإسرائيليّة في لبنان في ممارسة القوات الإسرائيلية أنماطاً مختلفة من الاعتداءات، كالاعتقال والزج في السجون والإبعاد والتهجير وسرقة المياه واقتطاع وقضم آلاف الدونمات من الأرض واحتلال قرى ومزارع وتدمير الممتلكات الثقافية والأثرية ونهبها، والإضرار بالبيئة الطبيعيّة عن طريق زرع الألغام في الحقول وحول منابع المياه وتلغيم هذه المنابع وتفجيرها، وحرق الأشجار والبساتين، وعدم تسليم خرائط الألغام التي تقتل المدنيين الذين لا علاقة لهم بالقتال، واستعمال الأسلحة المحرّمة دولياً. كل ذلك يشكل خرقاً لأحكام القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية.
لقد تعرَّض لبنان لجرائم من قبل إسرائيل، ينطبق عليها وصف جريمة العدوان التي تمَّ تعريفها بقرار الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، رقم 3314 لعام 1974، بأنها جريمة دولية تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدوليّة.كما تعتبر بعض الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، في إطار حروبها المدمِّرة على لبنان، جرائم ضدّ الإنسانية تمثّلت بعددٍ من الأفعال التي ارتكبت في إطار هجومٍ منهجي وواسع النطاق ضد المدنيين اللبنانيين.كما ارتكبت إسرائيل عدداً من المجازر ، اعتبرها البعض جرائم ضدّ الإنسانية كمجزرتي قانا الأولى (1996) والثانية (2006).ولم تترك إسرائيل فعلاً من أفعال الإبادة الجماعية التي عددتها لجنة القانون الدولي إلا ارتكبته، مثل مجزرة حولا 1948، ومجزرة صبرا وشاتيلا 1982.
وتُطرح المسؤولية الدوليّة لإسرائيل بموجب العديد من المواثيق والاتفاقيات والقرارات الدولية، ومن أهمّها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الأوّل، واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ومبادئ نورمبرغ، ومبادئ التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.ومن أجل إثارة المسؤولية الدولية لإسرائيل، فيما يتعلّق بشقها الجنائي، يمكن الاعتماد على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي دخل حيز النفاذ عام 2002.
لقد عالج الطالب في أطروحته تلك الممارسات الإسرائيلية بالقرائن والأدلة الموضوعية محاولا ربطها باستنتاجات قانونية واضحة.كما انطلق من تساؤلات وفرضيات أغنت الأطروحة وأعطتها صورا علمية أكاديمية فارقة.
انظلق الطالب من اشكاليات عدة عبر مجموعة من الأسئلة من بينها: هل ينطبق وصف الجرائم الدولية، وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، على جرائم إسرائيل في لبنان؟
وهل يمكن تحميل إسرائيل المسؤولية، وفقاً لنظام المسؤولية الدولية عن جرائمها المرتكبة في لبنان؟وإذا كان ذلك ممكناً، فأي أنواع المسؤولية تتحمَّل؟وهل يوجد في القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ما يمكن الاستناد إليه للحصول على التعويض المالي المناسب من إسرائيل؟ وكيف يمكن إقرار هذه التعويضات؟وماذا عن مرتكبي تلك الجرائم؟ فهل سيفلتون من العقاب؟وهل يمكن محاكمتهم؟ ومن هي الجهة أو الجهات المخوّلة أو القادرة على مقاضاة إسرائيل؟ وما هي الآلية القانونية العملية التي يمكن إتباعها لرفع الدعاوى الجزائية على القادة والمسؤولين، السياسيين والعسكريين، الإسرائيليين؟
لقد قسم أطروحته إلى قسمين، تحدث في القسم الأول منها عن الجرائم الدولية التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان. أما القسم الثاني فخصّصه لبحث مسؤولية إسرائيل الدولية عن ارتكاب هذه الجرائم والمراجع التي يمكن اللجوء إليها لمعاقبة المجرمين الإسرائيليين عن أفعالهم الشنيعة.
لقد اعتمد الطالب في بحثه على مروحة واسعة من المصادر والمراجع العربية والأجنبية،التي ساعدت في إبراز وإيضاح إشكاليات الأطروحة والإجابة عنها بأسلوب علمي وأكاديمي موضوعي .كم جمع الطالب مناهج التحليل والتوثيق والوصف في عملية بناء موضوع أطروحته،بحيث أتت واضحة المعالم،دقيقة الاستنتاجات،محددة الأهداف. وقد ناقش الطالب أطروحته بتاريخ 20-6-2011 أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة محمد المجذوب وكمال حمّاد وخليل حسين، حيث قبلت الأطروحة ومنحت صاحبها شهادة الدكتوراه في الحقوق بدرجة جيد جدا.

بيروت:21-6-2011 أ.د. خليل حسين