تقرير حول رسالة الطالب يسار عطية العقابي
الوضع القانوني للحدود بين العراق وكل من إيران والكويت والآثار الاقتصادية
لنيل شهادة الماجستير في الحقوق
تعد منازعات الحدود من الموضوعات المعقدة والشائكة، لأنها منازعات ترتبط بسيادة الدولة على إقليمها، كما ترتبط بكرامة الدولة وهيبتها على الصعيد الدولي، إذ أن أي نزاع حدودي بين دولتين يفترض وجود إدعاءات متقابلة أو متعارضة بشأن سيادة كل منهما على مناطق الحدود المتنازع عليها. وتعد منازعات الحدود من أقدم موضوعات القانون الدولي، ومن أكثر النزاعات التي عرضت على التحكيم الدولي أو على محكمة العدل الدولية. وهي من أخطر المنازعات الدولية وأكثرها مساساً بالسلم والأمن الدوليين . وتكمن خطورة هذا النوع من النزاع بين الدول المتجاورة في ما تثيره من احتمالات الدخول في دورات متكررة من النزاع المسلح فيما بينها. ومن هنا تأتي أهمية تسوية تلك النزاعات وفقاً لقواعد القانون الدولي، تفادياً للنزاعات المسلحة وتحقيقاً للسلم والأمن الدوليين.
وشهدت منطقة الخليج العربي، في أواخر القرن العشرين، حربين طاحنتين بين العراق وإيران عام 1980، والعراق والكويت عام 1990، كان وقودها شعوب هذه المنطقة، وعلى وجه الخصوص الشعب العراقي، وكانت وراءها نزاعات حدودية، بالإضافة إلى أسباب سياسية واقتصادية، ودور أطراف خارجية في إثارتها وتأجيجها.
كان شط العرب ضمن السيادة العراقية بالكامل قبل اتفاقية عام 1937. وبعد هذه الاتفاقية تنازل العراق عن جزء منه إلى إيران. ثم جاءت اتفاقية الجزائر لعام 1975 لتتقاسم إيران مع العراق السيادة بصورة متساوية، وترسم خط التالوك كخط للحدود في شط العرب. ثم ألغى الطرفان اتفاقية الجزائر لعام 1975 في السابع عشر من أيلول/سبتمبر عام 1980. فما هو الوضع القانوني الذي يحكم الحدود البرية والبحرية مع دولة إيران، خصوصاً بعد إلغاء هذه الاتفاقية ؟ وما هو موقف القانون الدولي من حقول النفط الحدودية المشتركة مع إيران ؟ وكيف يعالج القانون الدولي مسألة الأنهار الحدودية المشتركة التي تنبع من الأراضي الإيرانية وتدخل الأراضي العراقية، علماً بأن مجراها الأصلي قد تغير بصورة كلية بعد أن شيد عليها الكثير من السدود الإيرانية ومنع وصولها إلى الأراضي العراقية، مما يثير جملة من المشكلات بين الحين والأخر.
أما السبب الآخر فيتعلق بمسألة ترسيم الحدود العراقية وتخطيطها مع دولة الكويت، وبماهية الوضع القانوني الصحيح الذي يحكم حدود العراق المشتركة مع الكويت، لاسيما أن المحضر المتفق عليه "بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة" المؤرخ في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر1963، لم يستكمل الإجراءات الدستورية بتصديق من السلطة التشريعية ورئيس الدولة في العراق، مما أبقى مسألة الحدود معلقة دون حل . ثم إن مسألة تعين الحدود وتخطيطها ، مسألة تهم الدول المتجاورة، وغالباً ما يتم حلها عن طريق اتفاقية، أو يترك الأمر ليعرض على القضاء أو التحكيم الدولي. ولكن هل يعتبر تدخل مجلس الأمن في فرض صيغة حدودية معينة أمرا متوافقاً مع ميثاق الأمم المتحدة؟ وإذا كان الغرض من تدخله لترسيم حدود العراق المشتركة مع الكويت هو استتباب الأمن والسلم الدوليين، فهل مصادرة إرادة العراق وفرض شكل جديد من ترسيم الحدود عليه يساهم على المدى البعيد في صيانة واستقرار الأمن والسلم الدوليين ؟
واعتبر الطالب أن مجلس الأمن، بقراراته الواردة ضمن الفصل السابع وذات الصلة بمسألة الكويت، قد نقض أحد بنود القرار 660 الذي كان الأساس القانوني للقرارات اللاحقة التي أصدرها. فالقرار 660 دعا في فقرته الثالثة، العراق والكويت لحل الخلافات عن طريق التفاوض، وكانت مسألة الحدود على رأس تلك الخلافات. ثم جاء القرار 687 لينشئ لجنة لترسيم الحدود، دون إفساح المجال لدخول العراق في مفاوضات مباشرة مع الكويت، حتى ولو كانت برعاية الأمم المتحدة. فهل تتوافق هذه القرارات مع قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي شدد في الحفاظ على سيادة الدول ؟ وما هو الأساس القانوني الذي يستند إليه القرار 687 ؟
إن تدخل الأمم المتحدة في قضية الحدود العراقية –الكويتية، ممثلة بأمينها العام، كان سابقة في تاريخ المنظمة الدولية التي نص ميثاقها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. لقد تصدى مجلس الأمن الدولي بنفسه، وعبر قرارات ملزمة وواردة ضمن الفصل السابع، لعملية ترسيم الحدود، دون أن يكون للعراق حق الاعتراض، أو حتى إبداء رأي مسموع في شأن استراتيجي يخص شعبه وموارده في الخليج.
لقد حاول الطالب الاعتماد في دراسته على المنهجية التحليلية القانونية لنصوص الاتفاقيات المبرمة مع الكويت وإيران، وبنود القرارات الصادرة من مجلس الأمن، وصولاً إلى التكييف القانوني الصحيح للوضع الحدودي الراهن، مستعينا بقواعد القانون الدولي، وأحكام المحاكم الدولية، وآراء الفقهاء في القانون الدولي.
وتضمنت الرسالة ، إلى جانب الفصل الأول التمهيدي فصلين. في الفصل الثاني تم تناول معاهدتي أرضروم الأولى لعام 1823 ، والثانية لعام 1847، وكذلك البروتوكولات التي ألحقت بها، من حيث الوضع القانوني والظروف التي أحاطت بها ، والأسباب التي دعت إلى إبرامها، وعدم الالتزام بها. وأفرد المبحث الثاني للحديث عن معاهدة عام 1937، ومعاهدة الجزائر عام 1975 والبروتوكولات التي ألحقت بها بشكل تفصيلي واستنتاجي، وأسباب التوقيع والإلغاء، ودراسة الوضع القانوني لهما، وفقاً لقواعد القانون الدولي العام، وموقف الأطراف من هذه المعاهدات. والمبحث الثالث تناول الآثار الاقتصادية للحدود بين البلدين، وما تسببت به الحرب من دمار للبنى التحتية. أما الفصل الثالث فقد تناول في المبحث الأول منه الاتفاقية التي عقدت بين الحكومتين العثمانية والبريطانية عام 1913، والنتائج التي أسفرت عنها ، وكذلك تحليل مراسلات عام 1932 التي تمت بين الحكومة العراقية وحاكم الكويت، وهدفت إلى ترسيم الحدود وفقا للاتفاقية البريطانية ـ العثمانية لعام 1913. ودراسة اتفاقية عام 1963، الموقعه بين الحكومتين العراقية والكويتية، التي أسفرت عن اعتراف العراق بدولة الكويت دون ان تتضمن شيئاً عن الحدود أو ترسيمها، والوضع القانوني للاتفاقيات في منظور القانون الدولي ، وموقف الأطراف من تنفيذها والالتزام بها. أما المبحث الثاني فيعد المحور الأساسي لترسيم الحدود بين العراق والكويت وفقاً لقرارات مجلس الأمن.وكان أولها القرار 660 في آب عام 1990 والذي تضمن انسحاب العراق من الأراضي الكويتية. وبعدها تسلسل إصدار القرارات، وكان أبرزها القرار 687 الصادر في عام 1991 ، الذي تم بموجبه ترسيم الحدود بين الطرفين. كذلك في هذا المبحث تمت دراسة القرارين 773 لعام 1992 و833 لعام 1993، والوضع القانوني لهما. وفي المبحث الثالث تمت دراسة الآثار الاقتصادية للحدود، والأضرار التي لحقت بآبار النفط والمزارع الحدودية ، وكذلك دراسة الجوانب الاقتصادية لشط العرب وجزيرتي وربة وبوبيان، والمنافذ الحدودية بين العراق والكويت.
ناقشت اللجنة المؤلفة من الدكاترة محمد المجذوب وجورج عرموني وخليل حسين وسامي سلهب ،رسالة الطالب يسار عطية العقابي،الوضع القانوني للحدود بين العراق وكل من إيران والكويت والآثار الاقتصادية.بتاريخ 29-6-2011،فقبلت اللجنة الرسالة ومنحت صاحبها شهادة الماجستير في الحقوق بدرجة جيد جدا.
بيروت 29-6-2011 أ.د.خليل حسين
الوضع القانوني للحدود بين العراق وكل من إيران والكويت والآثار الاقتصادية
لنيل شهادة الماجستير في الحقوق
تعد منازعات الحدود من الموضوعات المعقدة والشائكة، لأنها منازعات ترتبط بسيادة الدولة على إقليمها، كما ترتبط بكرامة الدولة وهيبتها على الصعيد الدولي، إذ أن أي نزاع حدودي بين دولتين يفترض وجود إدعاءات متقابلة أو متعارضة بشأن سيادة كل منهما على مناطق الحدود المتنازع عليها. وتعد منازعات الحدود من أقدم موضوعات القانون الدولي، ومن أكثر النزاعات التي عرضت على التحكيم الدولي أو على محكمة العدل الدولية. وهي من أخطر المنازعات الدولية وأكثرها مساساً بالسلم والأمن الدوليين . وتكمن خطورة هذا النوع من النزاع بين الدول المتجاورة في ما تثيره من احتمالات الدخول في دورات متكررة من النزاع المسلح فيما بينها. ومن هنا تأتي أهمية تسوية تلك النزاعات وفقاً لقواعد القانون الدولي، تفادياً للنزاعات المسلحة وتحقيقاً للسلم والأمن الدوليين.
وشهدت منطقة الخليج العربي، في أواخر القرن العشرين، حربين طاحنتين بين العراق وإيران عام 1980، والعراق والكويت عام 1990، كان وقودها شعوب هذه المنطقة، وعلى وجه الخصوص الشعب العراقي، وكانت وراءها نزاعات حدودية، بالإضافة إلى أسباب سياسية واقتصادية، ودور أطراف خارجية في إثارتها وتأجيجها.
كان شط العرب ضمن السيادة العراقية بالكامل قبل اتفاقية عام 1937. وبعد هذه الاتفاقية تنازل العراق عن جزء منه إلى إيران. ثم جاءت اتفاقية الجزائر لعام 1975 لتتقاسم إيران مع العراق السيادة بصورة متساوية، وترسم خط التالوك كخط للحدود في شط العرب. ثم ألغى الطرفان اتفاقية الجزائر لعام 1975 في السابع عشر من أيلول/سبتمبر عام 1980. فما هو الوضع القانوني الذي يحكم الحدود البرية والبحرية مع دولة إيران، خصوصاً بعد إلغاء هذه الاتفاقية ؟ وما هو موقف القانون الدولي من حقول النفط الحدودية المشتركة مع إيران ؟ وكيف يعالج القانون الدولي مسألة الأنهار الحدودية المشتركة التي تنبع من الأراضي الإيرانية وتدخل الأراضي العراقية، علماً بأن مجراها الأصلي قد تغير بصورة كلية بعد أن شيد عليها الكثير من السدود الإيرانية ومنع وصولها إلى الأراضي العراقية، مما يثير جملة من المشكلات بين الحين والأخر.
أما السبب الآخر فيتعلق بمسألة ترسيم الحدود العراقية وتخطيطها مع دولة الكويت، وبماهية الوضع القانوني الصحيح الذي يحكم حدود العراق المشتركة مع الكويت، لاسيما أن المحضر المتفق عليه "بشأن استعادة العلاقات الودية والاعتراف والأمور ذات العلاقة" المؤرخ في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر1963، لم يستكمل الإجراءات الدستورية بتصديق من السلطة التشريعية ورئيس الدولة في العراق، مما أبقى مسألة الحدود معلقة دون حل . ثم إن مسألة تعين الحدود وتخطيطها ، مسألة تهم الدول المتجاورة، وغالباً ما يتم حلها عن طريق اتفاقية، أو يترك الأمر ليعرض على القضاء أو التحكيم الدولي. ولكن هل يعتبر تدخل مجلس الأمن في فرض صيغة حدودية معينة أمرا متوافقاً مع ميثاق الأمم المتحدة؟ وإذا كان الغرض من تدخله لترسيم حدود العراق المشتركة مع الكويت هو استتباب الأمن والسلم الدوليين، فهل مصادرة إرادة العراق وفرض شكل جديد من ترسيم الحدود عليه يساهم على المدى البعيد في صيانة واستقرار الأمن والسلم الدوليين ؟
واعتبر الطالب أن مجلس الأمن، بقراراته الواردة ضمن الفصل السابع وذات الصلة بمسألة الكويت، قد نقض أحد بنود القرار 660 الذي كان الأساس القانوني للقرارات اللاحقة التي أصدرها. فالقرار 660 دعا في فقرته الثالثة، العراق والكويت لحل الخلافات عن طريق التفاوض، وكانت مسألة الحدود على رأس تلك الخلافات. ثم جاء القرار 687 لينشئ لجنة لترسيم الحدود، دون إفساح المجال لدخول العراق في مفاوضات مباشرة مع الكويت، حتى ولو كانت برعاية الأمم المتحدة. فهل تتوافق هذه القرارات مع قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي شدد في الحفاظ على سيادة الدول ؟ وما هو الأساس القانوني الذي يستند إليه القرار 687 ؟
إن تدخل الأمم المتحدة في قضية الحدود العراقية –الكويتية، ممثلة بأمينها العام، كان سابقة في تاريخ المنظمة الدولية التي نص ميثاقها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. لقد تصدى مجلس الأمن الدولي بنفسه، وعبر قرارات ملزمة وواردة ضمن الفصل السابع، لعملية ترسيم الحدود، دون أن يكون للعراق حق الاعتراض، أو حتى إبداء رأي مسموع في شأن استراتيجي يخص شعبه وموارده في الخليج.
لقد حاول الطالب الاعتماد في دراسته على المنهجية التحليلية القانونية لنصوص الاتفاقيات المبرمة مع الكويت وإيران، وبنود القرارات الصادرة من مجلس الأمن، وصولاً إلى التكييف القانوني الصحيح للوضع الحدودي الراهن، مستعينا بقواعد القانون الدولي، وأحكام المحاكم الدولية، وآراء الفقهاء في القانون الدولي.
وتضمنت الرسالة ، إلى جانب الفصل الأول التمهيدي فصلين. في الفصل الثاني تم تناول معاهدتي أرضروم الأولى لعام 1823 ، والثانية لعام 1847، وكذلك البروتوكولات التي ألحقت بها، من حيث الوضع القانوني والظروف التي أحاطت بها ، والأسباب التي دعت إلى إبرامها، وعدم الالتزام بها. وأفرد المبحث الثاني للحديث عن معاهدة عام 1937، ومعاهدة الجزائر عام 1975 والبروتوكولات التي ألحقت بها بشكل تفصيلي واستنتاجي، وأسباب التوقيع والإلغاء، ودراسة الوضع القانوني لهما، وفقاً لقواعد القانون الدولي العام، وموقف الأطراف من هذه المعاهدات. والمبحث الثالث تناول الآثار الاقتصادية للحدود بين البلدين، وما تسببت به الحرب من دمار للبنى التحتية. أما الفصل الثالث فقد تناول في المبحث الأول منه الاتفاقية التي عقدت بين الحكومتين العثمانية والبريطانية عام 1913، والنتائج التي أسفرت عنها ، وكذلك تحليل مراسلات عام 1932 التي تمت بين الحكومة العراقية وحاكم الكويت، وهدفت إلى ترسيم الحدود وفقا للاتفاقية البريطانية ـ العثمانية لعام 1913. ودراسة اتفاقية عام 1963، الموقعه بين الحكومتين العراقية والكويتية، التي أسفرت عن اعتراف العراق بدولة الكويت دون ان تتضمن شيئاً عن الحدود أو ترسيمها، والوضع القانوني للاتفاقيات في منظور القانون الدولي ، وموقف الأطراف من تنفيذها والالتزام بها. أما المبحث الثاني فيعد المحور الأساسي لترسيم الحدود بين العراق والكويت وفقاً لقرارات مجلس الأمن.وكان أولها القرار 660 في آب عام 1990 والذي تضمن انسحاب العراق من الأراضي الكويتية. وبعدها تسلسل إصدار القرارات، وكان أبرزها القرار 687 الصادر في عام 1991 ، الذي تم بموجبه ترسيم الحدود بين الطرفين. كذلك في هذا المبحث تمت دراسة القرارين 773 لعام 1992 و833 لعام 1993، والوضع القانوني لهما. وفي المبحث الثالث تمت دراسة الآثار الاقتصادية للحدود، والأضرار التي لحقت بآبار النفط والمزارع الحدودية ، وكذلك دراسة الجوانب الاقتصادية لشط العرب وجزيرتي وربة وبوبيان، والمنافذ الحدودية بين العراق والكويت.
ناقشت اللجنة المؤلفة من الدكاترة محمد المجذوب وجورج عرموني وخليل حسين وسامي سلهب ،رسالة الطالب يسار عطية العقابي،الوضع القانوني للحدود بين العراق وكل من إيران والكويت والآثار الاقتصادية.بتاريخ 29-6-2011،فقبلت اللجنة الرسالة ومنحت صاحبها شهادة الماجستير في الحقوق بدرجة جيد جدا.
بيروت 29-6-2011 أ.د.خليل حسين