02‏/03‏/2008

مذكرة إلى البرلمانت العربية والدولية حول وقف بث قناة المنار


مذكرة إلى البرلمانت العربية والدولية حول وقف
بث قناة المنار
مجلس النواب اللبناني

د. خليل حسين
بيروت:28-12-2004

كما تعلمون لقد تعرضت حريتنا الإعلامية في لبنان الى سلسلة من الضغوط أدت إلى وقف بث قناة المنار "تلفزيون المجموعة اللبنانية للأعلام" من قبل المجلس الأعلى المرئي والمسموع في فرنسا،استنادا إلى قرار قضائي له صفة استثنائية.وإذ نبرز بعض الجوانب القانونية للموضوع توضيحا للحقائق ومنعا للالتباس:
لفد تضمن الاتفاق الذي أبرمته القناة مع المجلس الأعلى للمرئي والمسموع في فرنسا، بنوداً تنص على وجوب التزام القناة بجملة مبادئ واردة في المواد 1 و13 و15 من القانون رقم 1086 تاريخ30/9/1986، إضافةً إلى جملة مبادئ واردة في متن الاتفاقية. وعند بدء تنفيذ هذه الاتفاقية، جرى وقف المنار عن البث بموجب أمرٍ قضائي، بداعي بث برامج تحضُّ على العنف والكراهية على أساس الدين أو الجنسية بصورة مخالفة لأحكام القانون الفرنسي. وفي هذه النقطة يكمن أساس النزاع، فالخلاف هو حول كيفية تفسير هذه المبادئ، وبخاصة تلك المبادئ المرتبطة بعدم التمييز على أساس الدين أو العرق أو المبادئ المتعلقة بعدم التحريض على العنف. ومصدر هذا الخلاف، هو التباين بين وجهتي النظر العربية والفرنسية حول هذه المفاهيم.
فبالنسبة للمبادئ المتعلقة بعدم التمييز، فمن المتفق عليه أن لا تمييز بين البشر على أساس ديانتهم أو عرقهم،ويعتبر هذا المبدأ أساس العقيدة الاسلامية التي تعتنقها قناة المنار، التي جاء فيها أن الناس سواسية ،ولكن وجه الخلاف هو حول مدى هذا المبدأ، وما إذا كان من الواجب أن يمتدَّ تطبيقه إلى الدولة العدو، فإسرائيل بالنسبة للعرب ولفناة المنار العربية هي دولة عدوة ،كما ان قناة المنار لم تناصب العداء لليهود، لكي يقال أنها خالفت مبادئ عدم التمييز، ولكنها تجهر بالإشارة إلى مساوئ دولة اسرائيل وما تنتهكه من حرماتٍ ومقدسات. وهي بذلك لا تخرج على مبدأ عدم التمييز على أساس العرق أو الدين أو المعتقد، وإنما بمفهومها فهي تواجه عدواً يستحقُّ المواجهة.
وبالنسبة إلى مفهوم التحريض على العنف وتمييزه عن العمل المقاوم الذي كفلته كافة الشرائع والمواثيق الدولية. فمن وجهة النظر العربية فإن التحريض على قتال إسرائيل هو واجبٌ وطني وقومي ينبغي على كل إعلامي أن يظهر وجوب مقاتلة اسرائيل مغتصبة الأرض العربية.
واستنادا لذلك أن الخلاف الأساسي بين فرنسا والعرب هو حول تفسير مبادئ الدولة الفرنسية، وليس حول الالتزام بتطبيق هذه المبادئ، ومجال الاختلاف لا ينحصر فقط بقضية دولة اسرائيل، بل يتعداه إلى العديد من القضايا الأخرى، كقضايا الإرث والعادات والتقاليد العربية وغيرها من الأمور التي هي محل خلاف جوهري، فهل تقفل فرنسا كل قناة عربية تنادي بهذه المبادئ لعلة أنها لا تتماشى مع قوانين الدولة الفرنسية؟
أن الأمر يحتاج إلى دراسة وحوار أكثر جدية وموضوعية، لا أن فرض التعاليم والمبادىء على الآخرين بالقوة، لأنها بذلك تخالف المبادئ التي تنادي بها فرنسا.
وإذا كانت فرنسا، من وجهة نظرها الخاصة، لا تعتبر إسرائيل دولة معتدية، فلا يحقُّ لها إرغام قناة المنار على اعتبار اسرائيل صديقة. وإذا كانت فرنسا تتعامل مع اسرائيل على أنها الطرف المعتدى عليه، فإن هذا هو حال كل مستعمِر، حيث نجد اختلاق الأعذار المبررة للمجازر التي ترتكب بحق الشعوب المغلوب على أمرها وهذا ما تفعله اسرائيل تحديدا على مرأى ومسمع الاعلام العالمي كله.
اننا نتوجه الى برلماناتكم الكريمة متمنين اخذ هذه القضية العناية اللازمة باعتبارها تشكل سابقة خطيرة لكمّ الافواه المطالية بحقوقها المشروعة والمكفولة بموجب اتفاقات دولية مبرمة وتشكل السند الاساس لحق الشعوب في تقرير مصيرها وتحرير اراضيها عبر شتى اساليب المقاومة ومنها المقاومة الاعلامية التي لعبت فيها قناة المنار دورا بارزا في تحرير غالبية الاراضي اللبنانية المحتلة.