03‏/03‏/2008

دور الاتحاد الكشفي العالمي للبرلمانيين في التربية من اجل ثقافة السلام

دور الاتحاد الكشفي العالمي للبرلمانيين في التربية من اجل ثقافة السلام
القاهرة: 25 – 29 تشرين الأول / أكتوبر 2003
ورقة عمل المجلس النيابي اللبناني الى المؤتمر الرابع للبرلمانيين الكشفيين

د. خليل حسين
بيروت : 28-9-2003

لقد بات واضحا ، ان الكثير من المتغيرات التي حدثت في العقد الاخير من الألفية الثانية ، قد اثرت بشكل مباشر على مستوى العلاقات الدولية ومصطلحاتها ، بحيث اختلطت امورا كثيرة ببعضها البعض ، بحبث بات التمييز بينها امرا دقيقا، ويأخذ ابعادا مختلفة باختلاف وحهة النظر التي تطرح من خلالها . كما ان كثيرا من العوامل والاسباب تداخلت فيما بينها واثرت بشكل فاعل على سلوك الاشخاص وحتى الدول في تعاطيها مع الأمور ، بحيث اصبح الحكم على أي مظهر او قضية سياسية امرا متعذرا في ظل التداخل بين العديد من المصطلحات والتعريفات ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، قضايا الأرهاب والمقاومة والسلام ....
واذا كان الأمر يبدو بهذه التعقيدات على المستوى العام ، فان خصوصيات جمة تظهر عند مقاربة الموضوع مع محيطنا العربي والاسلامي ، لما لهذه الموضوعات من خصوصيات واعتبارات تبدو في احيان كثيرة امورا استفزازية وتثير اشكالات كثيرة.
ومن هذا المنطلق ، يبدو ان معالحة مثل تلك القضايا يعتبر امرا حيويا وملحا، ومن الممكن ان يتخذ العديد من الاشكال والطرق والاساليب، كما سيتخذ مزيدا من الوقت والجهد ، باعتبار ان الموضوع ليس متعلقا بسن قوانين وتشريعات معينة بقدر ما هو وضع يستهدف السلوك ونمط التصرف والعيش والتفكير ، ولهذا من الممكن ان تلعب بعض الهيئات دورا خاصا في هذا المجال ، كالمؤسسات الكشفية والشبابية ، ومن هنا تكمن اهمية دور الاتحاد الكشفي العالمي للبرلمانيين ، وما يمكن ان يتخذه مؤتمرنا العام في دورته الرابعة هذه.
ان التجارب التي خاضتها المؤسسات الكشفية كانت ناجحة الى حد كبير في تطوير سلوك الشباب في مجتمعاتهم ، وكونت اطرا سلوكية واعدة في نمط التفكير والسلوك الاجتماعي ، واعطت آفاقا واسعة للاختلاط ومعرفة الآخر والتواصل معه على قواعد احترام الآخر والانفتاح في سبيل الوصول نحو الافضل للذات الأنسانية في تعاملها مع المحيط الذي تعيش فيه.
ان الظروف التي تمر بها امتنا العربية والاسلامية هي احوج ما تكون فيه الى تكوين اطر مؤسساتية شبابية راقية تسعى الى ثقافة متجددة وهادفة تراعي متغيرات العصر ومفاهيمة وما يحيط به من ظروف دقيقة ، دون المس بقضايا جوهرية لا تزال النظرة اليها من البعض نظرة ريب وتوجس وتحمل في ثناياها مواقف مسبقة تتسم بالسلبية وعدم الفهم الدقيق لها ، كموضوعات السلام ، وحق الشعوب في مقاومة الاحتلال وتحرير اراضيها المحتلة؛ ومن هنا نود الأشارة الى امور هامة ابرزها :
- ان السلام على المستويين الداخلي للدول ، وعلى الصعيد الدولي كان على الدوام هدفا سعت اليه المجتمعات البشرية ومفكروها ومؤسساتها الوطنية والدولية عبر مختلف العصور ، الا ان الامر بات اكثر صعوبة من أي وقت مضى في تحقيقه واستقراره في ظل ما تعانية الدول ومجتمعاتها من استهدافات وصلت الى حد المس بالكثير من قيمها وحضاراتها وتراثها ، وبحيث وصلت الأمور الى حد المطالبة بالتخلي عن اسس كثيرة تعتبر من ميزات بقائها وتواصلها.
- صحيح ان السلام يتطلب بيئة متكاملة ومتنوعة لنجاحه لكي تؤثر في السلوك وطريقة التفكير والتعامل مع الامور، الا انه في المقابل تتطلب ايضا تفهما لحاجات هذه البيئة ومستلزمات وجودها واستمرارها بشكل لائق ومحترم ، لكي تكون قادرة على التفاعل بشكل ايجابي مع محيطها الداخلي والخارجي.
- ان التربية وثقافة السلام ربما تتطلب وقتا اضافيا اكثر من أي امر آخر ، لما ترتبط بقضايا جوهرية وأساسية غالبا ما يكون التخلي عنها امرا شبه مستحيل ، اذا ما ازيلت اسباب وخلفيات التمسك بها .
- ان الخلط وعدم التفريق بين المصطلحات وخصوصا في القضايا التي تمس مسائل حساسة ، تنشىء في احيان كثيرة حساسية مفرطة في التعامل معها، كموضوعات السلام، وحق الشعوب في مقاومة الظلم والاحتلال ، وبين هذه الأخيرة والارهاب مثلا.
ان دور المنظمات الكشفية الشبايية في التعاطي مع قضايا التربية والثقافة وتوجيه الأجيال وبالتالي ارساء نمط معين في السلوك الاجتماعي لهو امر يبدو اكثر اهمية وحساسية من أي موضوع أخر ، سيما اذا وجه في اطر غير دقيقة وسار باتجاهات غير الوجهة المحددة لها، ومن هنا نقترح ما يلي:
- انشاء هيئة كشفية برلمانية عربية دائمة ، يكون من بين مهامها الاساسية وضع استراتيجية تربوية وثقافية تراعي مزاج وتوجهات الشباب العربي وما يجول في خلده .
- الدعوة الى انشاء او تطوير لجان برلمانية كشفية على صعيد البرلمانات القطرية العربية ، يكون من بين مهامها دعم عمل المؤسسات الكشفية الوطنية وتطوير اساليب عملها وتفعيلها، وايجاد آليات دائمة للتواصل مع نظيراتها العربية الاخرى.
- العمل على ايجاد آليات للتواصل الدائم والفاعل مع المؤسسات الكشفية غير العربية بهدف التعرف على الغير وتعريف الغير على الشباب العربي ، لما لها من فائدة في تطوير مفاهيم الغير لقضايا امتنا العربية ، وتوضيح ما يلتبس من امور ، ومحاولة لألغاء الافكار المسبقة التي غالبا ما تكون سلبية لدى الآخرين .
ان ثقافة السلام هي عملية دائمة ومستمرة وليست مرتبطة بظرف او زمن او موضوع، كما انها ليست عملية مقتصرة على الذات، بل تتعداها الى امور اخرى كالتوجه الى الآخرين وحث الغير على فهم الحق الذي نسعى اليه ونريد ، وبالتالي ان ثقافة السلام التي ندعو اليها ، هي اقرب ما تكون الى ثقافة سلام الشجعان ، لا الى ثقافة الاذعان التي يحاول الكثيرون زجنا بها وفيها.
ان دورنا كبرلمانيين مهتمين بالشأنين الكشفي والشبابي في مجتمعاتنا العربية ، هو دور طليعي لما يمكن ان نؤسس لأجيالنا القادمة من مفاهيم وأفكار وسلوك، ومن هنا دعوتنا الهادفة الى ثقافة السلام القائمة على العدالة والشمولية والديمومة ، لانه بغير ذلك لن يكون بنظرنا لا سلام ولا ثقافة قابلين للحياة والاستمرار.
ان أي ثقافة ان كان للسلام او لغيرها، لا يمكن لها ان تنمو وتستمر وتعطي نتائجها المتوخاة ، ان لم تكن انعكاسا لواقع ما يطمح اليه شباب مجتمعات هذه الثقافة، وكوننا ممثلون لهذه المجتمعات ولشرائحها الشبابية ، فان عملنا وجهدنا يوجب علينا ان نواكب تطلعات وافكار شبابنا الكشفي الذي لا زال متمسكا بالثقافة الكفيلة بعودة كل حق الى صاحبه الحقيقي.