08‏/05‏/2016

الالتزام الدولي بحماية التراث الطبيعي

تقرير عن رسالة الطالبة رشا أبو شقرا
"الالتزام الدولي بحماية التراث الطبيعي"
لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية

ناقشت الطالبة رشا أبو شقرا رسالتها المعنّونة" الالتزام الدولي بحماية التراث الطبيعي، بتاريخ 10-11-2015، أمام اللجنة المكونة من الطالبة محمد وليد عبد الرحيم وسناء حمودي وخليل حسين، حيث وجهت لرسالة الطالبة عدة ملاحظات وأجابت على العديد من الأسئلة التي طرحت عليها. وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة ان الطالبة تستحق درجة الماجستير في العلوم السياسية تخصص العلاقات الدولية والدبلوماسية، بتقدير جيد جدا.  

سجلت مسألة حماية التراث الطبيعي ظهوراً لافتاً منذ انعقاد مؤتمر ستوكهولم للتنمية البشرية في العام 1972، الذي شكّل بداية الوعي والإدراك الجماعي بواجب حماية البيئة الطبيعية وصيانتها. حيث بدأت الأسرة الدولية تبحث في مؤتمر ريو دي جانيرو العام 1992 عن حلول للمشاكل التي تواجهها الطبيعة، إذ تم ربط البيئة الطبيعية بالتنمية المستدامة.

لقد نجحت الأمم المتحدة بتنظيم العديد من المؤتمرات الدولية، ومتابعة آليات عملها والإشراف عليها، وهو ما يجسّد فكرة أن الأمم المتحدة ، هي الأكثر انفتاحاً على جميع الأطراف الفاعلين ، رغم الاختلاف في وجهات النظر والاستراتيجيات التي يتم تبنيها.

إن السمة الأكثر أهمية لاتفاقية التراث العالمي ، هي الربط بين مبادئ المحافظة على الطبيعية والاحتفاظ بمواقع ثقافية معاً بوثيقة واحدة ، على اعتبار أن الطبيعة والثقافة مكملان لبعضهما البعض، والهوية الثقافية مرتبطة بقوة بالبيئة الطبيعية التي تتطور فيها. وقد وُضعت اتفاقية الإرث العالمي بهدف حماية الخصائص الثقافية والطبيعية، وتحديد الطرق التي ينبغي أن يتفاعل بها الناس مع الطبيعة ، على نحو يحفظ التوازن بين الطبيعة والثقافة.

لكن معظم هذه الأعمال القانونية ، لم تحدد الوسائل لكي تحقق حماية التراث الطبيعي العالمي، ولم تقترح أجهزة فعالة للرقابة الدولية على تصرفات الدول في أحوال النزاعات المسلحة والحروب واستعمال القوة ، وهي في أحسن الأحوال ، أشارت إلى حماية هذا التراث، فيما يلاحظ عدم قوننة  بعض الحالات في القانون الدولي الإنساني ، التي تنظم حماية البيئة الطبيعية أثناء النزاعات المسلحة.

انطلقت الطالبة من كون أن الكوارث البيئية العالمية ، تشكل آثارا لا رجوع عنها، وعلى القانون الدولي ، أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الظاهرة اللا رجعية، فالإشكالية الأساسية تكمن في غياب إستراتيجية قابلة للتنفيذ على المدى المتوسط والبعيد، للتخلص من الآثار السلبية، إضافة إلى الأساس الضعيف للعمل الدولي لجهة عدم وجود توافق حول الكثير من القضايا. وبذلك ثمة العديد من التساؤلات التي تثيرها إشكالية الدراسة وأبرزها:

هل أن شروط نجاح أي عمل دولي لعلاج كوارث التراث الطبيعي العالمي ، يتطلب تأمين أكبر مشاركة ممكنة ، ما يصطدم بمشاكل وعوائق مهمة لحدوثه؟

1-  كيف يتم التدخل الدولي لمعالجة ذلك، وما هي الآليات والتقنيات المتبعة لعلاج الكوارث البيئية العالمية؟

2-  وهل أن الآليات الموجودة هي كافية لحل المشاكل البيئية والحفاظ على التراث الطبيعي، أم تتطلب جهودا إضافية من فواعل أخرى؟

كما انطلقت الطالبة من فرضية أن المنظومة القانونية القائمة لحماية التراث الطبيعي تفتقد إلى الفعالية الكافية، إذ تواجه الطبيعة تحديات جادة وحادة تتمثل بعبث البشرية واستهتارها بمواردها، لذلك فحمايتها أصبحت مطلباً عالمياً، عن طريق إعادة النظر بالتشريعات النافذة وتقييمها للتأكيد من قدرتها التنظيمية والعقابية على تأمين الحماية، وثمة ضرورة لتعديل ما يجب من قواعد ، وسنِّ غيرها أكثر لتكون أكثر فعالية. وسننطلق في الدراسة من خلال عدة فرضيات منها:

1.    إن الاتفاقيات الدولية الموجودة حالياً ، لا تكفي لحماية التراث الطبيعي في العالم.

2.    تفتقد هذه الاتفاقيات إلى الفعالية الكافية في ظل غياب السلطة الرقابية الدولية التي تضمن التطبيق الأمثل لبنود هذه الاتفاقيات.

3.    عدم وجود منظومة عقوبات فعالة تحمي التراث الطبيعي العالمي، فالنظام الدولي يفتقر في الواقع إلى الحماية المطلوبة لهذا التراث.

4.    يلاحظ غياب الوحدة والتناسق بين الاتفاقيات الدولية التي قررها المجتمع الدولي لحماية هذا النظام مما يستدعي ضرورة التعاون بين آليات هذه الاتفاقيات وتفعليها، بحيث تنطبق على كامل مكونات النظام البيئي في العالم.

واعتمدت الطالبة في دراستها على المنهج الوصفي في إبراز المشاكل البيئية وآثارها على التراث الطبيعي العالمي.كما تم اعتماد المنهج القانوني المقارن في معرض البحث عن البيئة القانونية التي تحكم هذا الموضوع، ومحاولة البحث عن الثغر الموجودة فيها، واقتراح الحلول الأنسب إن وجدت. كما تم استعمال المنهج التحليلي في معرض مقاربة بعض القضايا البيئية والتراثية لجهة الطروح المعروضة أو التي يمكن استشرافها.   

لقد تم اعتماد التقسيم الإنغلو سكسوني في خطة الدراسة، أي ثلاثة فصول ، لحاجة الدراسة وتطلبها لأكثر من فصلين. فتم استعراض مكونات التراث الطبيعي العالمي وأسباب تدميره في الفصل الأول، أما الفصل الثاني فعالج التعيين القانوني لمكونات التراث الطبيعي العالمي وعوامل تدميره، وفي الفصل الثالث ، تم عرض الجهود الدولية لحماية التراث الطبيعي العالمي، فيما تضمّنت الخاتمة ابرز الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة، والمقترحات التي يمكن أن تسهم ببعض الحلول للمشاكل التي تمت معالجتها في ثنايا هذه الدراسة.

 

وقد توصلت الطالبة في نهاية الدراسة إلى عدة استنتاجات ومقترحات أبرزها:

أولا: الاستنتاجات

1.    أظهرت الدراسة من الناحية القانونية ، أن ثمة قوانين كثيرة تحمي بشكل مقبول الطبيعة والبيئة ، شرط احترام تنفيذها.

2.    أظهرت الدراسة أهمية اتفاقية اليونسكو الخاصة بحماية التراث العالمي الطبيعي والثقافي ، من خلال التأكيد على المصلحة العامة التي تمثلها للإنسانية لجهة حماية الأنواع المهددة بالانقراض، وعلى الدول أن تقوم بواجبها بتجديد هذه الأنواع وحمايتها والحفاظ عليها.

3.    إن بعض أنشطة الإنسان تدخل أحياناً إلى الطبيعة مواد سامة أو خطيرة. وفي أكثر الأحيان يرتكز التوازن الطبيعي على دورات مثل دورة الحياة أو دورة المياه. في هذه الحالة غالباً ما ترجعنا هذه الدورة ، إلى نقطة الانطلاق.

4.    أوضحت الدراسة ، أن التعاون ضروري جداً ، لتحقيق تقدم في إطار مساعدة البلدان النامية وتطوير القانون الدولي. فالإعلانات والبرامج، والتوصيات ، ليست لها قيمة إلزامية ، لكنها رسمية وتشبه بذلك الأدوات القانونية.

5.          يعجز القانون الدولي المطبق على النزاعات المسلحة عن توفير الحماية المطلوبة للواقع الناشئ عن هذه النزاعات، وكما أقرت المؤتمرات الدبلوماسية التي اعتمدت اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين ، لا تمثل المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف والبروتوكول الثاني لهذه الاتفاقية،  إلا مجموعة أولية من القواعد التي غالبا ما تتخطاها الدول في ممارساتها.

ثانيا: المقترحات

1.    يجب تطبيق المبادئ المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية باعتبارها تلعب دورا مهما في تطوير القانون.

2.    ينبغي احترام المبادئ الأساسية كافة في القانون الدولي البيئي، إذ يجب التعاون في جميع الحالات من أجل خفض عدد وآثار الكوارث الطبيعية التي يتسبب فيها الإنسان.

3.    ينبغي على الدول إعلام الدول الأخرى ، عن إمكانية تعرضها لخطر ممكن يسبب ضررا بتراثهم الطبيعي، وكذلك ضرورة تقديم المساعدة في حال حصول كارثة بيئية.

4.    إن أهمية التربية البيئية توجب إدراجها ضمن المناهج التعليمية الموجهة للتلامذة في جميع المراحل التعليمية المدرسية والجامعية، بهدف تحضير الكادر التعليمي لهذه المهمات، آخذين بعين الاعتبار أهمية الإنسان في الحفاظ على البيئة السليمة.

5.    إن حماية التراث الطبيعي يتطلب إعداد الدراسات الاستكشافية والتحليلية ، وتأسيس المؤسسات المتخصصة في مجال الرعاية والسهر على حمايتها ، وتوفير العناصر البشرية ودعمها بالأموال المطلوبة لكي تستطيع القيام بدورها.

6.    من الضروري لصون التراث العالمي اعتماد إعلان "بودابست" الذي يدعو إلى هذا التراث ، استناداً إلى أربعة أهداف إستراتيجية أساسية هي، تأمين صون فعال لممتلكات التراث العالمي، وتعزيز مصداقية قائمة التراث العالمي، وتعزيز اتخاذ تدابير فعالة لبناء القدرات وتحسين الاتصال لتوعية الجمهور ،والحصول على دعمه والاعتراف بدور المجتمع المحلي في عمليات الصون والترميم والحفاظ على المواقع التراثية.

          ناقشت الطالبة رشا أبو شقرا رسالتها المعنّونة" الالتزام الدولي بحماية التراث الطبيعي، بتاريخ 10-11-2015، أمام اللجنة المكونة من الطالبة محمد وليد عبد الرحيم وسناء حمودي وخليل حسين، حيث وجهت لرسالة الطالبة عدة ملاحظات وأجابت على العديد من الأسئلة التي طرحت عليها. وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة ان الطالبة تستحق درجة الماجستير في العلوم السياسية تخصص العلاقات الدولية والدبلوماسية، بتقدير جيد جدا. 

بيروت: 10-11-2015                                               أ.د. خليل حسين