08‏/05‏/2016

مستقبل روسيا في ظل النظام العالمي الجديد

تقرير عن أطروحة الطالب برهان سعيد
مستقبل روسيا في ظل النظام العالمي الجديد
لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
ناقش الطالب برهان سعيد، أطروحته :" مستقبل روسيا في النظام العالمي"، أمام اللجنة المكونة من الدكاترة خليل حسين وعمر حوري ووليد عبد الرحيم وجورج عرموني وسناء خمودي،وجهت للدراسة بعض الملاحظات وللطالب بعض الأسئلة المتعلقة بمضمون الأطروحة وبعض الاستنتاجات، وأجاب عليها الطالب بموضوعية، وبعد المناقشة والمداولة رأت اللحنة ان الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
سهم تفكك الاتحاد السوفياتي وكتلته الاشتراكية، في إحداث تغييرات جوهرية في النظام الدولي. وأعاد طرح أسئلة مفصلية في تركيبته المحتملة بعد عودة روسيا إلى الساحة الدولية بمختلف أوجهها، وبخاصة الموقع الذي يمكن إن تشغله مستقبلاً، باعتبارها وريثة الاتحاد السوفياتي بمختلف مكوناته وارثه المادي والمعنوي.
تكمن أهمية موضوع الأطروحة برأي الطالب ، أن مجمل التحدّيات التي تطرح نفسها عن مكانة روسيا ومستقبلها في النظام العالمي، هي تحدّيات لها اعتباراتها الخاصة، والتي تستحق التدقيق فيها، والبحث في مضامينها، بوصفها يمكن أن تجيب عن أسئلة محيّرة في نطاق العلاقات الدولية وفواعلها. فروسيا اليوم ، يمكن أن تكون على عتبة مهمة في تاريخها السياسي الحديث، ومن الممكن أن تشكل تحدّيات مهمة لفواعل دولية طامحة للعب دور القوى الدولية الفاعلة.       
     لقد حاول الطالب في هذه الأطروحة ، تقديم نظرة موضوعية تحليلية قائمة على الإحصائيات والبيانات والمعلومات، بعيداً عن الانطباعات والرؤية الشخصية غير العلمية، بما يسهم في فهم ما يدور إقليميا وعالمياً، ويسهم في بلورة رؤى إستراتيجية واضحة لمستقبل المجتمع الدولي ودور روسيا المحتمل فيه.
وتنطلق إشكالية الموضوع ، من أن روسيا تمتلك من القدرات المادية والمعنوية التي تؤهلها للعودة إلى النظام الدولي، هذه المقومات وإن تراجعت في بعض الفترات، نتيجة ظروف ذاتية وموضوعية، إلا أنها ما زالت تشكّل دعامة رئيسة في طموحات روسيا. ومع أن هناك من يرى ، أن هذه العوامل ليست كافية وأن مصدر المعوقات يكمن في قوة الآخر المهيمن على النظام العالمي، وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية ، ما يعني أن ثمة متطلبات أخرى من الصعب ، أن تمتلكها أو تصل إليها روسيا في سياق المواجهة والتنافس الدولي ، ومنها التطوّر التكنولوجي وفائض القوة وغيرها من المقومات، بحيث تصبح إشكالية البحث في كيفية تفعيل القدرات المادية والمعنوية الروسية والارتقاء بهما إلى مستوى التطور التكنولوجي، الذي سيسمح لها بالوصول إلى دور منافس للولايات المتحدة في رسم ملامح السياسات الدولية المعاصرة. 
أما فرضية البحث فتنطلق من رؤية مفادها ، أن لروسيا دور فاعل ومؤثر في مجمل السياسات الدولية ، وان الحكومة الروسية تعمل جاهدة على إعادة إحياء التوازن مع القوة الأمريكية في المستقبل القريب. ولهذا ومن أجل إثبات صحة الفرضية أعلاه ، عمد الطالب إلى الإجابة على التساؤلات الآتية :
1.    هل أن مقومات روسيا المادية والمعنوية كافية للوصول بها إلى مصاف الدول الفاعلة في النظام العالمي، أم أن ثمة أشياء أخرى يجب توافرها أيضا؟
2.    هل أن قدرات المنافسة الإيديولوجية انتفت تماما في مواجهة الآخرين ، أم ما زالت تشكل حافزا للتمايز عالميا؟
3.    ما هي حدود المنافسة الروسية؟ هل هي مقتصرة على الولايات المتحدة الأمريكية ، أم ثمة لاعبين آخرين محتملين ، يشكلون بيئة منافسة قوية ومنها الصين؟
4.    هل أن قدرات الولايات المتحدة الحالية ، وقفت عند حد معين ، وبالتالي يمكن تحديد عناصر المنافسة ؟ أم هناك قدرات أخرى يمكن مراكمتها ، وبالتالي من الصعب على القوى المنافسة اللحاق بها لقيادة النظام العالمي؟
5.    هل أن المنافسة الروسية مقتصرة على الطموح للوصول إلى الثنائية القطبية ؟ أم هناك تواضعا في أهداف روسيا تصل إلى حد القبول بالمنافسة على تعددية قطبية؟
        واستنادا لما سبق ، اعتمد الطالب مناهج عدة، حيث تم اعتماد المنهج التاريخي أولا لقراءة الخلفية التاريخية للواقع الروسي. كما اعتمد المنهج التحليلي بهدف مقاربة المعطيات والوقائع. وأخيرا اعتمد منهج الاستشراف المستقبلي بهدف بيان ما يمكن أن يصل إليه الواقع الروسي مستقبلا.
وبناءً عليه ، تم تقسيم البحث، فضلاً عن المقدمة والخاتمة إلى بابين، حيث تطرق في الباب الأول إلى واقع روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي من خلال فصلين، تناول في الأول ، واقع الميراث الروسي، وفي الثاني عالج أبرز معوقات القوة الروسية في العقد الأول ، من خلال الحديث عن فشل الكومنولث الروسي وإعادة الاحتواء، إضافة إلى المعوقات الاقتصادية والسياسية التي عرفتها روسيا.
أما في الباب الثاني ، فقد بيّن فيه مقومات القوة الروسية ومستقبل روسيا في القرن الحادي والعشرين، من خلال فصلين، تناول في الفصل الأول، إعادة إحياء القوة الروسية ومظاهرها، أما الثاني، فقد خصص لدراسة إستراتيجية روسيا العالمية في القرن الحادي والعشرين، من خلال مواجهة الهيمنة الأمريكية، إضافة إلى سيناريوهات المستقبل الروسي، ومراعاة الجانب الشكلي في الدراسة، مشيرا أخيراً إلى جملة استنتاجات وتوصيات تم التوصل إليها قي خاتمة الدراسة.
     يعتقد الطالب  ، ثمة شبه إجماع بأن القطبية الأحادية الأمريكية ، وصلت إلى خواتيمها، لكن ما لم يتم الإجماع عليه ، هو شكل النظام العالمي البديل الذي سيحل مكان القطبية الأحادية. وهنا يمكن رصد ثلاثة اجتهادات.
الأول: يرى أن التطورات الأخيرة ، وعلى الرغم من أنها كشفت دور الزعامة الأمريكية، إلا أنها لن تغير في هذه المرحلة على الأقل، من طبيعة النظام العالمي.
الثاني: يرى أن التغيير ، سيكون حتمياً بحكم صعود البريكس وبقية النمور الآسيوية إلى قمة القيادة العالمية.
الثالث:لا يرى هذا وذاك، بل يتوقع بروز"اللا قطبية الفوضوية" مكان القطبية الأحادية.
فأي الاجتهادات الأقرب إلى الحقيقة؟
 يرى الطالب ، إن كفة المنطق تميل بقوة لصالح نظرية "اللا قطبية". ذلك لسبب مقنع ، لأن السلطة العالمية الحقيقية في عصر العولمة ، تبدو في كل مكان ، ولا مكان في آن واحد ، فهي تبدو كشيء مدرك ، وغير مدرك أو لا يمكن الشعور بوجودهِ.
    ناقش الطالب برهان سعيد، أطروحته :" مستقبل روسيا في النظام العالمي"، أمام اللجنة المكونة من عمر حوري ووليد عبد الرحيم وجورج عرموني وخليل حسين وسناء خمودي،وجهت للدراسة بعض الملاحظات وللطالب بعض الأسئلة المتعلقة بمضمون الأطروحة وبعض الاستنتاجات، وأجاب عليها الطالب بموضوعية، وبعد المناقشة والمداولة رأت اللحنة ان الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
 
أ.د.خليل حسين
بيروت : 11 /12/2015