08‏/05‏/2016

السلاح السوري والازمة السورية

البروفسور خليل حسين
السلاح السوري والازمة السورية
الخليج 5-4-2016  

من الواضح أن السلاح يلعب دوراً مركزياً في السياسات العامة التمويلية للدول الصناعية الكبرى، ومن بينها روسيا، التي لعبت دوراً بارزاً في هذا السياق إبان الحقبة السوفييتية، كما كانت تجارة السلاح الرئة المالية التي أعادت الروح للاقتصاد الروسي بعد تدهوره في تسعينات القرن الماضي.
وفي الواقع شكّلت الأزمة السورية باباً واسعاً للصناعات العسكرية الروسية بمختلف أنواعها، لإعادة تلميع صورتها، ووضعها في الواجهات التسويقية لسوق السلاح العالمي.
وفي تدقيق بسيط، يلاحظ مدى اهتمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لهذا الجانب الذي اعتبر، أن الأزمة السورية تشكل أفضل مكان للتدريب واختبار السلاح عملياً. فروسيا تراهن بشكل أساسي على تنفيذ أجندة مدروسة. إذ إن هذه العملية العسكرية سمحت لموسكو باختبار فاعلية أسلحتها ومعداتها العسكرية، وهو ما يتيح لها فتح مجالات كثيرة أمام صفقات سلاح جديدة ومتنوعة تعقدُها مع العديد من دول العالم، وفي مقدمتها دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها دول الخليج.
وبحسب معطيات المركز الروسي لتحليل تجارة السلاح العالمية، بلغت قيمة الصادرات من السلاح الروسي خلال الفترة الممتدة من العام 2008 وحتى العام 2011 نحو 29.8 مليار دولار، إذ احتلت الهند المركز الأول فيها بمبلغ 8.2 مليار دولار، فيما حلت الجزائر في المرتبة الثانية بـ4.7 مليار دولار، أما الصين فاحتلت المركز الثالث بـ3.5 مليار دولار. ووصلت حصة الدول الثلاث السابقة في إجمالي مبيعات السلاح الروسي 55.5 في المئة.
وبحسب تحليلات المركز نفسه ستبقى الهند في المرتبة الأولى في صادرات السلاح الروسي بحصة تصل إلى 27 في المئة خلال العقد القادم. أما بخصوص الصين التي تبوأت في تسعينات القرن الماضي المركز الأول في صادرات السلاح الروسي، والتي اشترت نحو نصف هذه الصادرات، فتحتل المرتبة الرابعة حالياً. أما لجهة النوع، فتحتل مبيعات الطائرات الحربية بمختلف أنواعها المرتبة الأولى بين صادرات السلاح، فيما أسلحة القوات البرية ووسائط الدفاع الجوي والبحري تأتي ثانياً.
وفي مجال المقارنات الدولية، تسجّل موسكو استطراداً مقبولاً خلال العقد المنصرم، فعلى الرغم من التطورات الإيجابية، التي حقّقها المُجمع الصناعي العسكري الروسي في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة، ظلت روسيا تحتل المرتبة الثانية في قائمة الدول المصدّرة للسلاح على المستوى العالمي. وبحسب معطيات أولية للمركز الروسي لتحليل تجارة السلاح العالمية، احتلّت موسكو في العام 2015 المركز الثاني في إجمالي صادرات السلاح العالمية بحصة بلغت نحو 15 في المئة، بينما بلغت في العام 2012 نحو 20 في المئة، وفي العام 2013 بلغت 23 في المئة، و17.6 في المئة في العام 2014. وبشكل عام وصلت صادرات روسيا من الأسلحة والمعدات العسكرية خلال السنوات الأربع الأخيرة 51.5 مليار دولار، أي بنسبة بلغت 18.3 في المئة من إجمالي صادرات السلاح العالمي.
ووفق معطيات المركز نفسه، فإن الولايات المتحدة تحتلّ ، وبفارق كبير عن روسيا ، المركز الأول في صادرات السلاح عالمياً. فقد قُدرت قيمة هذه الصادرات في العام الماضي بنحو 41.5 مليار دولار، أي بحصة بلغت 44.8 في المئة من صادرات السلاح الإجمالي العالمي. وتأتي فرنسا في المركز الثالث، وألمانيا في المركز الرابع، تليها بريطانيا في المركز الخامس، وبعد ذلك تأتي «إسرائيل» وإيطاليا وإسبانيا والصين وسويسرا.
إن الواقع الاقتصادي الذي تعيشه روسيا اليوم، في ظل عقوبات غربية قاسية، وفي ظل تدهور واردات الغاز والنفط الروسية، وفي خضم السعي الروسي للعب أدوار عالمية، ستكون تجارة السلاح السلعة الأهم التي يمكن أن تسهم في وقوف روسيا على سياسات تطمح إليها. وفي الواقع أيضاً، فإن سياسات التدخل الروسي في الأزمة السورية عسكرياً، قد أنعشت فكرة إعادة تلميع صورة السلاح الروسي مجدداً، بخاصة أن الأزمات الإقليمية باتت أكثر ميلاً نحو الاشتعال، في ظل حرب باردة باتت واضحة بين موسكو وواشنطن.
وعلى الرغم من صعوبة التكهن الدقيق في حجم تأثير التدخل العسكري الروسي في سوريا، يبقى أن هذا الأمر سيظل عملاً مقرراً في إعادة دفع وتكوين مسار روسي جديد في تجارة الأسلحة، وهي بالنسبة لأي دولة تدر لها أرباحاً بأرقام فلكية. - See more at: http://www.alkhaleej.ae/studiesandopinions/page/426ec280-700f-4987-99c5-cc247e0f3580#sthash.hVtonPcs.dpuf