08‏/05‏/2016

التحول من الشراكة الأوروبية المتوسطية إلى الاتحاد من اجل المتوسط: أسباب وأبعاد

 
تقرير حول أطروحة الطالب مازن احمد قبيسي
" التحول من الشراكة الأوروبية المتوسطية
إلى الاتحاد من اجل المتوسط: أسباب وأبعاد"
لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
 
وبعد المناقشة والمداولة ،قبلت اللجنة المكوّنة من الدكاترة محمد المجذوب رئيسا، وعضوية كل من ووليد عبد الرحيم وكمال حماد وجورج عرموني وخليل حسين، أطروحة الطالب مازن احمد قبيسي المعنونة: " التحول من الشراكة الأوروبية المتوسطية إلى الاتحاد من اجل المتوسط: أسباب وأبعاد"، ورأت أن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
 
 
 
     تحكم العلاقات الأوروبية - المتوسطية منذ العام 1995 مجموعة من الاتفاقات والافتراضات منحت العلاقات صيغتها الحالية. وكانت تلك الاتفاقات بدأت بما عُرف بعملية برشلونة التي هدفت إلى تحقيق تقدم اقتصادي ومشاريع مشتركة، وكان أحد أبرز بنودها السعي إلى تحقيق تقدم في عملية السلام، ومن هناك بدأ العديد من البرامج المشتركة التي رافقتها صيغ تمويلية جديدة لبعض المشاريع التي من شأنها تحقيق تقدم اقتصادي وإجراء حوار بين الشريكين.
      وأُنفقت مبالغ طائلة من قبل دول الاتحاد الأوروبي، لكن النتائج في ما يخص أهداف الشراكة الأوروبية - المتوسطية المتمثلة بتعميق الأمن على ضفتي المتوسط، والحد من الهجرة، خصوصاً من دول شمال أفريقيا، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وإحداث تقدم في عملية السلام، لم تقترب حتى من الأهداف الموضوعة. وأدرك الأوروبيون هذا الأمر مبكراً، ومن هنا بدأ البحث عن صيغ أخرى حملت عناوين مختلفة، فكان التحول من اتفاقات الشراكة الثنائية إلى اتفاق الجوار الأوروبي وآخرها كان الاتحاد من أجل المتوسط.
      لم تخرج الصيغ الجديدة كلها من دائرة الفرضيات المسبقة التي كانت تحمل بذور فشلها. أولى هذه الفرضيات هي أن دول جنوب المتوسط في حاجة ماسة إلى المساعدات الأوروبية، وأن هذه الدول، حكومات وشعوبا، لا تستطيع اتخاذ مبادرة ذاتية، فهي راضية بالواقع كما هو، وعليه فإن المبادرات الجديدة تأتي من جانب واحد فقط وهو الطرف «المانح»، أي دول الاتحاد الأوروبي. لكن ما حدث في تونس ومصر، وما يجري في عدد من الدول الأخرى من حراك سياسي أثبت خطأ هذه الفرضية.
       الفرضية الثانية كانت تقوم على إمكانية تحقيق تقدم اقتصادي يقود إلى انفراج سياسي داخل تلك الدول العربية، ليقود ذلك إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل أو ترطيبها. ومرة أخرى ثبت بطلان فرضية التركيز على المسائل الفرعية على حساب القضية الأساسية «الصراع مع إسرائيل»، فترتيبات التمويل المشترك، أو اقتراح مشاريع في مجالات المياه، والسياحة، والبنية التحتية التي كان يفترض أن تكون إسرائيل جزءاً منها، لم ينفَّذ منها شيء. وكان ذلك واضحاً في شكل خاص في ما يخص آخر صيغة طرحها الرئيس الفرنسي السابق  نيكولا ساركوزي وهي الاتحاد من أجل المتوسط، ، إذ فشلت أولى محاولات التوصل إلى صيغة للتفاهم حول الحقوق المائية حين اختُلف على تسمية الضفة الغربية وقطاع غزة بين المندوبين العرب ونظرائهم الإسرائيليين.
      الفرضية الثالثة ،  قامت على عدم حاجة شعوب جنوب المتوسط إلى الديموقراطية، وأن حكومات هذه الدول تعرف مصلحة شعوبها وتمثلها. ويرتبط بهذا أن البديل لهذه الحكومات هو «الإسلام المتطرف»، لذلك كان الخيار محصوراً بين التطرف والأنظمة المتسلطة المستبدة، ومرة أخرى تشير التجربة إلى تنوع هذه المجتمعات وتعدد خياراتها وعدم حصرها في ثنائية حكمت العلاقات وبات صناع السياسة يتعاملون معها كحقائق.
     الفرضية الرابعة ،  قامت على أن أوروبا القوية المتماسكة ستظل ممسكة بزمام الأمور في المنطقة لحاجة الجنوب إليها ، وأنه لا يوجد بدائل لها، لكن التطورات الاقتصادية في العالم تجاوزت هذا الوضع، فمن جهة برزت قوى اقتصادية صاعدة تقترب من المنطقة ،  ولها مصالح فيها مثل الصين. كذلك تبرز قوى من داخل المنطقة مثل تركيا التي لا تخفي رغبتها في ممارسة دور إقليمي، ويرافق هذا الصعود أزمة جدية تهدد مستقبل الاتفاقية النقدية الأوروبية وما يجري في اليونان وبعض الدول الأوروبية مثل إيرلندا وإيطاليا يشير إلى أن أوروبا يمكن أن تنكفئ داخلياً لمصلحة أطراف جديدة راغبة في ملء هذا الفراغ وتمتلك القدرة على ذلك.
       ومع سقوط الفرضيات والأوهام التي سادت العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية المنخرطة في اتفاقات الشراكة، اتضح أن ثمة حاجة إلى صيغ جديدة أكثر توازناً تقر بالواقع الجديد الذي يتشكل. والعلاقات الجديدة ،  يجب أن تنطلق من الحاجة إلى التواصل مع المجتمعات العربية وإدراج بنود جديدة مثل الحريات الأساسية، وتنظيم أسواق العمل والتعليم في اتفاقات الشراكة التي ركزت على البعد التجاري والاستثماري، فكانت النتيجة ميل الميزان التجاري خلال فترة الاتفاقات لمصلحة أوروبا باستثناءات قليلة.
      كل ما ذكر أعلاه لا يعفي الدول العربية من مسؤولياتها، فعليها واجب تطوير برامج تخص احتياجاتها، ولا يكون هدفها الأساسي تحصيل المنح من أوروبا لتمويل نفقات جارية أو مشاريع تقليدية، فالحاجة ماسة إلى برامج تنموية تنطلق من حاجات المجتمعات، ولا تحددها رغبات الدول المانحة كما هو حاصل الآن. هذا النهج الجديد من شأنه إرساء أسس جديدة للعلاقات تكون أكثر تكافؤاً واستجابة لحاجات المواطن، أما البرامج الطموحة السابقة والمبادرات التي بنيت على افتراضات خاطئة ،  ساهمت بتعزيزها حكومات الدول على ضفتي المتوسط ، فقد وصلت إلى طريق مسدود. وحتى الآن لا تظهر بوضوح طبيعة الصيغ الجديدة التي ستحكم العلاقات التي لا غنى عنها بين الطرفين، فهناك تصريحات جديدة من قبل بعض مسؤولي دول الاتحاد الأوروبي لكنها لا تعكس متغيرات «الربيع العربي».
        حاول الطالب معالجة الموضوع من خلال مفاصل عدة مرتبطة أساسا بجوهر الموضوع واشكاليته، محاولا الإجابة على الأسئلة المركزية المتصلة بالموضوع ، لجهة خلفيات فشل الشراكة الأوروبية المتوسطية والانتقال إلى الاتحاد من اجل المتوسط.
       إن أهمية الموضوع الذي اختاره الطالب تكمن في انه موضوعا جديدا، لم يتم التطرق إليه بشكل أكاديمي، فمجمل الموضوعات التي كتبت حوله اقتصرت على المقالات الصحفية وفي أحسن الأحوال دراسات مركزة لم تتطرق إلى تفاصيل الموضوع وخلفياته واشكالياته.
        ثمة ملاحظات عدة وجعت للأطروحة منها:
أولا  : في الشكل:
1.    لم يعتمد التقسيم الثنائي بشكل صحيح.
2.    لا توازن بين الأقسام والفصول
3.    غاب الترتيب التقسيمي للموضوع، بحيث قسم الفصل إلى مباحث ولم يتابع التقسيم في المطالب أو غيرها.
4.    ثمة أغلاط مطبعية ولغوية رغم قلتها.
5.    ثمة أخطاء في كتابة المراجع العربية والأجنبية.
6.    لائحة المراجع لم يراع فيها الترتيب الأبجدي.
7.    ثمة أخطاء في إخراج الأطروحة لجهة الخط وتخفيض عدد الأسطر في الصفحة الواحدة.
 
ثانيا: في المضمون
1.    لم تتضمن المقدمة توضيحا لمنهج الأطروحة
2.    لم تكن الإشكالية واضحة بدقة
3.    لم تتضمن الخاتمة الاستنتاجات والمقترحات.
4.    لم تتضمن الأطروحة جوانب عدة من المفيد التطرق إليها، كأثر الحراك العربي ومآلاته على العلاقات العربية - الأوروبية.
5.    لم توضح خلفية الشراكة الأوروبية المتوسطية وكذلك الاتحاد من اجل المتوسط ربطا بالصراع العربي الإسرائيلي.
 
            وجهت للطالب عدة أسئلة من بينها:
1.    ما هي الأهداف المعلنة والمضمرة للاتحاد من اجل المتوسط، وما هي انجازاته ومشكلاته؟
2.    ما هي الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي أدت الى تعثر الشراكة الأوروبية المتوسطية؟
3.    ما هي ابرز معوقات تطوير قطاعي الزراعة والصناعة في ضوء الاتفاقات الموقعة مع الاتحاد من اجل المتوسط؟
4.    ما هي السياسات والخطط العربية لمواجهة الثغر في الاتفاقيات الموفعة مع الاتحاد من اجل المتوسط؟
5.    خلفيات الاتحاد من اجل المتوسط بالصراع العربي الاسرائيلي؟
6.    ما هو الدور الأوروبي في الحراك القائم في بعض الدول العربية وما هو أثره على مستقبل العلاقات العربية الأوروبية؟
7.    برأيك كيف عالجت أوروبا قضايا الهجرة غير الشرعية واللجوء الجماعي؟
 
   أجاب الطالب على هذه الأسئلة بحرفية علمية جيدة، كما عرض مضمون أطروحته بشكل جيد، مما عزز وضع علامته،رغم الانتقادات الموجهة للأطروحة شكلا ومضمونا.
       وبعد المناقشة والمداولة ،قبلت اللجنة المكوّنة من الدكاترة محمد المجذوب رئيسا، وعضوية كل من ووليد عبد الرحيم وكمال حماد وجورج عرموني وخليل حسين، أطروحة الطالب مازن احمد قبيسي المعنونة: " التحول من الشراكة الأوروبية المتوسطية إلى الاتحاد من اجل المتوسط: أسباب وأبعاد"، ورأت أن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
 
                                                                    بيروت: 4-9-2015
                                                                        أ.د.خليل حسين