08‏/05‏/2016

التنافس الأميركي الروسي في منطقة آسيا الوسطى


تقرير عن أطروحة الطالب حسن ناصر عبد الحسين
"التنافس الأميركي الروسي في منطقة آسيا الوسطى"
لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق
ناقش الطالب حسن ناصر عبد الحسين ، أطروحته المعنونة" التنافس الأميركي الروسي في منطقة آسيا الوسطى"، أمام اللجنة المكونة من الدكاترة خليل حسين وعمر حوري ووليد عبد الرحيم ورامز عمار وجورج عرموني ، وقد وجهت للطالب عدة ملاحظات وأجاب على بعض الأسئلة، وبعد المناقشة والمداولة، رأت اللجنة إن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في الحقوق بتقدير جيد.
         تعد ظاهرة التنافس من المواضيع ذات الأهمية البارزة في العلاقات الدولية، إذ أخذت بعداً أوسع من ظاهرة الصراع، ولاسيما بعد بروز أهمية العوامل الاقتصادية في العلاقات بين الدول. فأصبح العالم يواجه بيئة دولية جديدة فرضت عليه المتغيرات الاقتصادية نفسها بقوة.

    تأتي أهمية الدراسة من تنامي اهتمام القوى الدولية والإقليمية بمنطقة آسيا الوسطى نظراً لأهميتها الجيو استراتيجية. فالتنافس الأمريكي – الروسي في المنطقة أخذ يولد آثاره وتداعياته على التوازنات الدولية. فضلاً عن أن الدراسة تعكس أهمية الحقبة التاريخية، الممتدة منذ استقلال جمهوريات المنطقة في العام 1991حتى وقتنا الحاضر، والتي تخللها إنشاء العديد من التحالفات الدولية، مروراً بمجمل التطورات والأحداث التي شهدها العالم، نتيجة تفكك النظام الدولي السابق الذي كان قائماً على الثنائية القطبية، وبروز نظام دولي جديد هيمنت فيه الولايات المتحدة على مقاليد السياسة الدولية طوال عقدين من الزمن تقريباً.

كما سعت الدراسة بحسب الطالب إلى معالجة إشكالية إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على مد نفوذها إلى الأراضي المجاورة لروسيا الاتحادية ، بهدف تطويقها ومحاصرتها، بدءاً من منطقة آسيا الوسطى، ثم محاولة إغراء جمهوريات هذه المنطقة عبر المساعدات الاقتصادية والدعم السياسي، وهذه المنطقة تعتبرها روسيا مجالها الحيوي، التي كانت منذ مدة وجيزة ضمن الأسرة السوفييتية. نتج عن ذلك رفض روسيا الاتحادية لهذا التغلغل الأمريكي الذي كرسه تفكك الاتحاد السوفييتي ومواجهته. فقد بدأت عملية التنافس بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية منذ البداية، لكنها تصاعدت بشكل علني وواضح بعد وصول (فلاديمير بوتين) إلى سدة الرئاسة في العام 2000.

 ومن وجهة النظر الروسية فإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية لا تكتفي بالمنافسة على موارد النفط والطاقة في آسيا الوسطى، بل تسعى أيضاً إلى تحقيق مكاسب جيو سياسية بعيدة المدى، ذلك أنه لم يكن بمقدور الولايات المتحدة في السابق الوصول إلى هذه المنطقة. تسعى روسيا الاتحادية جاهدة الى استعادة مكانتها الدولية مجدداً، الأمر الذي يحتم عليها استعادة سيطرتها على مناطق نفوذها التقليدية، ومنها منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين – القوقاز. 

      ,وبرأي الطالب إنَّ الموقع الجغرافي الحبيس لمنطقة آسيا الوسطى، وبحر قزوين، ولد إشكالية مزدوجة للدول المستقلة سياسية واقتصادية، تمثلت بصعوبة نقل الطاقة إلى الأسواق العالمية، ما لم تلجأ إلى استعمال أراضي وموانئ الدول المجاورة لها، والتي تعاني أغلبها من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والأمني. كما أن كثرة المتغيرات الدولية ولّدت إشكالية إضافية: فعلى المستوى الاقتصادي، حدثت أزمات اقتصادية متعددة وفي الكثير من المناطق، وعلى المستوى السياسي برزت أقطاب دولية منافسة للولايات المتحدة الأمريكية، ومناهضة لسياستها، منها: الصين والهند هذه المتغيرات أخذت أبعاداً مختلفة على المستويين الإقليمي والدولي، يضاف اليها سياسة الحرب على الإرهاب والتي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على كل دول العالم نتيجة أحداث  الحادي عشر من أيلول 2001، كل هذا ولد تحديات كبرى لدول المنطقة كافةً كان من الصعب السيطرة عليها أو تجنب آثارها.

     اتخذت العلاقات الأمريكية - الروسية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي من "التنافس" منطقاً لها، لأن التنافس أصبح الطريق الأفضل لإقامة علاقات سلمية بين البلدين. وبما أن الدولتين اعتمد "التنافس" بدل الصراع، في علاقاتهما، فقد برزت عدة فرضيات في هذا المجال من أهمها:

1-تصاعد ظاهرة التنافس بين الدولتين في عدد من المجالات. 

2-تعدد الأهداف لكلا الدولتين في منطقة آسيا الوسطى، ذات الأهمية الجيو إستراتيجية.

3-اعتماد وسائل وآليات مختلفة من قبل الدولتين، لتحقيق الأهداف المرجوة.

4-بروز دور الشركات النفطية "الأمريكية –الروسية" في منطقة آسيا الوسطى.

 5-الزيادة في الطلب العالمي على النفط زاد من أهمية نفط بحر قزوين، في ضوء التوقعات التي تشير إلى إمكانية اكتشاف كميات إضافية كبيرة من النفط والغاز هناك.

6-ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية تحديات مختلفة في منطقة آسيا الوسطى، منها ما هو متعلق بتصاعد أدوار القوى الدولية والإقليمية، مثل روسيا الاتحادية وجمهورية الصين وجمهورية إيران.

7-إن قدرة روسيا الاتحادية على احتواء التغلغل الأمريكي في منطقة آسيا الوسطى يتوقف على الإصلاحات الداخلية والخارجية التي بدأت بها القيادة الروسية الجديدة منذ عام 2000.

8-بروز أهمية العوامل الاقتصادية أدت إلى إذكاء ظاهرة التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، نتيجة ما ستفرزه مصالح البلدين في مرحلة جديدة من العلاقات بين الطرفين. ولغرض إثبات هذه الفرضيات، أو نفيها أو تعديلها، نرى من الضرورة طرح تساؤلات من قبيل: ما هي أهم مجالات التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية؟ وما هي إستراتيجيات هاتين الدولتين في عملية التنافس، والعوامل المحددة لتلك الإستراتيجيات؟ وما هو مستقبل التنافس الأمريكي – الروسي في تلك المنطقة؟ كما حاول الطالب من خلال الدراسة تحقيق أهداف معينة منها:

1.    ضرورة متابعة التطورات السياسية والاقتصادية الجارية في دول إسلامية قريبة من المنطقة العربية، وهي المنطقة المنافسة لمنطقة الخليج العربي، نظراً لأهمية موقعها الجغرافي، ولاحتوائها على الطاقة، مما يجعلها تحظى بمكانة متميزة لدى العرب.                                                                       

2.    معرفة مدى منافسة نفط بحر قزوين لنفط الخليج العربي.

3.    الاطلاع على دور بحر قزوين في السياسة الإقليمية والدولية، وذلك بهدف الإفادة من تجارب الآخرين، علاوةً على تحديد الدوافع الجيو بولتيكية التي تسعى القوى الدولية والإقليمية إلى تحقيقها من خلال منافستها في المنطقة.

4.الاطلاع على استراتيجيات الدولتين المتنافستين في كيفية توظيف إمكانياتهما المختلفة للسيطرة على المناطق الإستراتيجية من العالم، مثل منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين. لهذا ستتناول دراستنا للتنافس الأمريكي -الروسي في منطقة آسيا الوسطى عدة محاور، تتعلق بواقع منطقة آسيا الوسطى، وأهميتها الجيو إستراتيجية والجيو اقتصادية، ثم سيتم بحث مجالات التنافس بين الدولتين على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. كما يسعى الباحث لاستشراف مستقبل التنافس الدولي والإقليمي تجاه منطقة آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين والدول المطلة عليه، إذ إنَّ الدراسات المستقبلية أضحت في عالم اليوم أمراً لا غنى عنه لكافة الدراسات، وذلك بغية رسم صورة المستقبل المحتملة.

      لقد اعتمد الطالب في أطروحته على عدد من المناهج العلمية منها: المنهج التاريخي، الذي يعتمد على عامل الزمن والوقائع التاريخية لتفسير الظواهر السياسية، والمنهج التحليلي الهادف لبحث السلوك السياسي لصناع القرار، والمنهج المقارن الذي هدفه الوصول إلى وضع قواعد عامة، ولاسيما فيما يخص ظاهرة التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية في منطقة آسيا الوسطى والعلاقة بين البلدين، التي انطوت عليها الدراسة، كما اعتمد الباحث أيضاً على "المنهج التطبيقي" من خلال اختيار عينات معينة لمجالات متعددة على المستويات، السياسية والاقتصادية، فضلاً عن المجال العسكري، ذلك بغية توضح طبيعة التنافس بين الطرفين، كما أستندنا أخيراً على المنهج الاستشرافي، لدراسة مستقبل التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية. تتوزع هيكلية الدراسة إلى جانب المقدمة والخاتمة في فصل تمهيدي وأربعة فصول رئيسة مقسمة على (بابين). حيث تناول الفصل التمهيدي، الواقع الاجتماعي والسياسي والجغرافي لمنطقة آسيا الوسطى، ثم الأهمية الإستراتيجي والاقتصادية والعسكرية. أما الباب الأول: فقد تضمن الفصلين الأول والثاني، وقد تناول الفصل الأول: الإستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة آسيا الوسطى، أما الفصل الثاني فقد تناول: الإستراتيجية الروسية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى. أما الباب الثاني فقد تضمن فصلين آخرين هما، الفصل الأول والثاني، وقد تناول الفصل الأول: التنافس عبر المجالات الجيو اقتصادية في حين تناول الفصل الثاني المشاهد المستقبلية المحتملة لظاهرة التنافس الأمريكي – الروسي في منطقة آسيا الوسطى.

    وجهت للدراسة العديد من الملاحظات المتصلة شكل ومضمون ومنها:

1.    ثمة أغلاط لغوية ونحوية ومطبعية كان من الممكن تلافيها.

2.    ثمة أخطاء في كتابة بعض المراجع ، إضافة إلى كيفية الاستناد أليها، أو الاستفادة منها بشكل أفضل.

3.    ثمة ترهل في حجم الأطروحة، إذ يمكن حذف الكثير من مواضيعها دون التأثير على مضمونها.

4.    شطط واستطراد في عرض بعض الجوانب ، والاسترسال كثيرا في بعضها الآخر.

5.    أخطاء في شكل الإخراج للإطروحة.

6.    أخطاء في تقسيم المراجع في نهاية الأطروحة.

7.    لم تتضمن الخاتمة أية مقترحات عملية.

8.    الاستنتاجات الواردة في الخاتمة كانت موجزة في بعضها، وفيها بعض التناقض في بعضها الآخر، كالفقرة 6 و9 مثلا.

9.    رغم ذلك، يبدو أن الطالب ملما بشكل عام في تفاصيل أطروحته وبالتالي القدرة على المدافعة عما ورد فيها.

        ناقش الطالب حسن ناصر عبد الحسين ، أطروحته المعنونة" التنافس الأميركي الروسي في منطقة آسيا الوسطى"، أمام اللجنة المكونة من الدكاترة خليل حسين وعمر حوري ووليد عبد الرحيم ورامز عمار وجورج عرموني ، وقد وجهت للطالب عدة ملاحظات وأجاب على بعض الأسئلة، وبعد المناقشة والمداولة، رأت اللجنة إن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في الحقوق بتقدير جيد.

بيروت:16/12/2015                                     أ.د.خليل حسين