08‏/05‏/2016

السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة تجاه مصر وسوريا والكيان الإسرائيلي

 
 
تقرير عن أطروحة الطالب محمد عواضة
 السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة
 
تجاه مصر وسوريا والكيان الإسرائيلي
لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
 
ناقش الطالب محمد حسين عواضه، أطروحته " السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة تجاه مصر وسوريا وإسرائيل" ، أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة خليل حسين وكميل حبيب وعمر حوري وكمال حماد وجورج عرموني . وبعد العرض الذي قدمه الطالب والإجابات التي تمّت على العديد من الأسئلة، وبعد المداولة والمناقشة التي أجرتها اللجنة، تبين للجنة أن الطالب محمد عواضة يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
 
 
مع نهاية حرب الباردة وسقوط الثنائيّة القطبيّة، فقدت تركيا أهمّيتها الإستراتيجية بمواجهة الاتحاد السوفياتيّ، ما جعلها تتطلّع إلى الشّرق الأوسط، للقيام بدور إقليمي، من خلال إعادة الاعتبار للعلاقات التركيّة - العربيّة.
 
ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة العام 2002، اكتسبت العلاقات العربيّة التركيّة أهمّية كبيرة، بعد أن ظلّت هذه العلاقات، على مدار عقود ماضية مثار تساؤلات ومناقشات مختلفة.
واليوم، وأمام التطوّرات الدوليّة الجديدة، ومع المتغيّرات الإقليميّة المستجدة في الشّرق الأوسط، ، يُطرح السؤال حول قدرة تركيا الحالية بقيادة حزب العدالة والتنمية على إعادة تصويب ما اختلّ وَوَصْل ما انقطع من علاقات بين العرب والأتراك.
       حاول الطالب الإضاءة على دور تركيا المتجدّد في المنطقة، من خلال دراسة السياسة الخارجية التركيّة بعد الحرب الباردة تجاه مصر وسوريا وإسرائيل، في محاولة لتسليط الضوء على سياسة دولة مؤثّرة ومتأثرة مع محيطها في منطقة حسّاسة ومهمّة، وفي مرحلة زمنيّة يتمّ بوساطتها رسم نظام عالميّ جديد انطلاقاً من الشّرق الأوسط، خصوصاً وأنه بعد أحداث 11 أيلول العام 2001، دخلت تركيا على خطّ تأدية أدوار إقليميّة في المنطقة، فاختلطت الأوراق من جديد.
لكن،ومع قيام الانتفاضات العربيّة أواخر العام 2010، أخذ المعطى الإقليميّ اتجاهات أخرى، الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة حول الأهداف التركيّة من وراء العودة إلى الشّرق الأوسط، من جديد.
وقد توخى الطالب من هذا البحث برأيه ، تسليط الضوء على أهمية تركيا في المنطقة، وما تمثّله من واقع سياسي واقتصادي وعسكري مهمّ في الشّرق الأوسط، كونها عضواً فاعلاً في الحلف الأطلسي ومتمتّعاً بعلاقة وثيقة مع الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك لعلاقاتها الطبيعيّة مع روسيا وإيران من جهة، ولعلاقاتها الأيديولوجيّة المستجدّة من جهة أخرى مع بعض الدول العربيّة، مثل تونس وليبيا وقطر وغيرها.
ومع اتساع دائرة سياستها الخارجيّة مع الدول العربيّة، يبقى السؤال مطروحاً حول أسباب تغيير تركيا لهذه السياسة تجاه سوريا، وحول مشاكلها الحالية مع العراق وبرودة علاقتها مع إيران وتوتّر علاقتها مع روسيا ومصر. وأين أصبح شعار «سياسة صفر مشكلات مع الجيران»، وهل تحوّل هذا الشعار إلى سياسة «صفر علاقات» معهم؟
   انطلق الطالب من إشكالية الأطروحة التي أظهرها بتساؤلات عدة من بينها:
‌أ-      قدرة تركيا على التوفيق في سياساتها الخارجية بين العلاقة مع كلّ من إسرائيل والفلسطينيّين، بعد التغييرات الجيوسياسيّة في الشّرق الأوسط من جهة ، ومع التحوّلات في سياستها الإستراتيجية، من دولة تبنَّت العلمنة الشاملة مع المؤسّس (أتاتورك)، إلى أخرى مختلفة تلتزم الإسلام السياسي مع حزب العدالة والتنمية ، من جهة ثانية. وهل هذا الخيار الجديد يقرّبها أكثر من الدول العربيّة والإسلاميّة، ويبعدها عن الغرب، أم غير ذلك؟
‌ب-    إمكانيّة أن تملأ تركيّا الفراغ الذي شكّله خروج مصر، سياسياً من قصية الصّراع العربيّ- الإسرائيلي بعد اتفاق كامب دايفيد، وما تلاه من اتفاقيات سلام مع الفلسطينيّين والأردنيّين، ومحاولتها إيجاد موطئ قدم لها على حدود فلسطين وداخلها، وهل تستطيع بعد أن تؤدّي دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل، والمحافظة على علاقاتها القديمة والمميّزة مع الكيان الصهيوني؟
‌ج-     معرفة ما آلت إليه علاقة تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية، مع سوريا بقيادة حزب البعث العربيّ الاشتراكي، ومستوى التنسيق والتعاون بين الدولتين في حال قيام نظام حكم جديد في دمشق.
‌د-      وأخيراً واقع ومستقبل علاقتها مع مصر، خصوصاً بعد سقوط نظام حكم الرئيس محمّد مرسي، ومع دول الجوار الجغرافي الأخرى في ظلّ التعقيدات السياسيّة في المنطقة، ومشكلتيّ الأكراد والمياه العالقتان معها منذ زمن.
اتبع الطالب المنهج التاريخي لمعرفة تطوّرات السّياسة الخارجيّة التركيّة بعد الحرب الباردة، والمنهج التحليليّ في متابعة وتحليل مواقف هذه السياسة وتوجّهاتها، وكذلك المنهج المقارن بين السياسة الخارجيّة التركيّة منذ انتهاء الحرب الباردة، أي قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السّلطة وبعدها.
           وقسّم الطالب أطروحته إلى ثلاثة أبواب، وفقا للتالي:
-      الباب الأول: السياسة الخارجيّة التركيّة تجاه مصر.
-      الباب الثاني: عوامل تغيير السياسة الخارجيّة التركيّة تجاه سوريا.
-      الباب الثالث: السياسة الخارجيّة التركيّة تجاه إسرائيل.
         
      ويمكن تسجيل العديد من الملاحظات الايجابية والسلبية للأطروحة وهي:
أولا : من حيث الشكل:
1.    ثمة توازن مقبول بين الأبواب والفصول والمباحث.
2.    كما أن التقسيم يعتبر مبررا أكاديميا وعلميا.
3.    جاء مضمون الأطروحة متطابقا مع عنوانها وأهدافها.
4.  عانت الأطروحة بشكل عام من اتساع موضوعاتها بالنظر لتعدد النماذج المأخوذة للمعالجة، مصر سوريا وإسرائيل، ما أدى إلى بعض التكرار في الأفكار وطرق المعالجة.
5.  ثمة استطراد كثير في معالجة القضايا، وظهور المنهج التاريخي والوصفي بشكل متكرر ، ما افقد التركيز على بعض القضايا.
6.    ثمة أغلاط مطبعية ولغوية ونحوية كان من الممكن إصلاحها.
7.    ثمة أخطاء في كتابة العديد من المراجع العربية الأجنبية.
8.    اللغة مقبولة نسبيا رغم وجود بعض النصوص الركيكة الناجم عن الاستطراد في طرح المعلومات التاريخية.
 
ثانيا : في مضمون الأطروحة:
 
1.  تعتبر الأطروحة مقبولة من الناحية الأكاديمية لجهة أهمية الموضوع ، وبالتالي طريق المناقشة التي استعملها الطالب.
2.  لقد عرض الطالب إشكالية الأطروحة عبر عرض عدة أسئلة، ورغم وضوحها النسبي، فقد اختلطت الإشكالية بفرضيات الأطروحة ، مما اظهر تشويشا في رؤيته للموضوع.
3.    لم تتضمن مقدمة الأطروحة الفرضيات والأهداف التي يسعى إليها الطالب، واختلطت مع الإشكاليات المطروحة.
4.    رغم غزارة المراجع المستعملة، ثمة بعض المعلومات التي لم يسند إليها مراجع محددة او متخصصة في نطاقها.
5.  يمكن قراءة نمطين في الأطروحة، نمط موضوعي في توصيف بعض القضايا والمسائل، ونمط استعراضي من الممكن تفاديه بسهولة.
6.    نجح الطالب في الكثير من الأحيان في إبراز مقدرته على التعبير عن المسائل الأساسية التي تم عرضها.
7.  أما فيما خص خاتمة الأطروحة، فقد افتقدت إلى الدقة في تحديد آليات تنفيذ المقترحات التي عرضها الطالب، كما تضمنت مواقف متناقضة عمليا، يصعب تنفيذها واقعيا وعمليا.
       لقد عرض الطالب أطروحته بشكل جيد، ما اظهر شخصيته كباحث يمكن متابعة عمله بمعزل عن إشراف آخر، كما تمكّن من الإجابة على عدة أسئلة بشكل أكاديمي وموضوعي ، ما يعني تمكّنه من الموضوع الذي عالجه.
       ناقش الطالب محمد حسين عواضه، أطروحته " السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة تجاه مصر وسوريا وإسرائيل" ، أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة كميل حبيب وعمر حوري وكمال حماد وجورج عرموني وخليل حسين. وبعد العرض الذي قدمه الطالب والإجابات التي تمّت على العديد من الأسئلة، وبعد المداولة والمناقشة التي أجرتها اللجنة، تبين للجنة أن الطالب محمد عواضة يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد جدا.
 
 
     بيروت: 10/8/2015                                      أ.د.خليل حسين