05‏/09‏/2013

شيلان رستم / السياسة الخارجية التركية منذ انتهاء الحرب الباردة

اسم الطالبة شيلان رستم
موضوع الرسالة : السياسة الخارجية التركية منذ انتهاء الحرب الباردة
الشهادة : درجة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية


تبنت الحكومة التركية الفلسفة السياسية الغربية كمبادئ وآليات للنظام السياسي القائم على الحرية الفردية، وتشكيل ثقافة سياسية جديدة تتواءم مع الوضع الدولي. واتخذت تركيا قرارات  جذرية، وفضلّت أن تكون قوة إقليمية تدخل تحت المظلة الأمنية لحوض الحضارة الغربية الحاكمة.
على الرغم مما قيل عن تراجع أهمية تركيا في الإستراتيجية الغربية في زمن القطبية الثنائية، إلا أن توسيع مهام حلف شمال الأطلسي، وأهمية الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية خصوصا والغرب عموما، كان لها الأثر في تحديد ملامح سياسة تركيا الخارجية، لمراحل زمنية مقبلة، لأن قياداتها ونخبها كانت قد حسمت توجهاتها نحو الغرب، وأدارت ظهرها لمحيطها العربي والإسلامي، مما نقلها من دور الدولة القائدة للعالم الإسلامي إلى دور الدولة غير المؤثرة في تفاعلات بيئتها الإقليمية والدولية.
وبعد انتهاء الحرب الباردة والتغيرات التي طرأت على العلاقات الدولية، وفي الوقت الذي بُعثت في تركيا المخاوف من احتمال تراجع دورها إلى دولة هامشية، أتيحت لها بالمقابل فرصة جديدة بحكم موقعها ومميزاتها الجيوسياسية، وحجمها السكاني الكبير، لتعيد بناء نفسها من جديد، أمنياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً.
 لذلك سعى قادتها إلى انتهاز الفرصة لرفع بلادهم إلى مركز الدولة المحورية، ليس لدى الغرب فحسب، وإنما بالنسبة لفضاءاتها الإقليمية أيضا. فحاولت تركيا أن تكون ممارسة حلقة الوصل بين الشرق الأوسط والغرب، وأن تمثل دور الغرب في الشرق الأوسط، من خلال مشاركتها في حرب الخليج الثانية عام 1991، والمشاركة في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وبالنسبة الى علاقاتها مع الغرب، فقد استمر خطابها السياسي ضمن سقوف وثوابت معتادة خلال الحرب الباردة، أي النظر اليها كجزء من المحور الغربي مع بعض التعديلات المحدودة في المكان والزمان، واعتبارها كحجر زاوية في أي سياسة أمريكية تجاه الشرق الأوسط،.
وهكذا استمرت تركيا في سياستها الخارجية، حتى وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، إذ  حصل تغيير جذري في سياستها الداخلية والخارجية، فللمرة الأولى وصل إلى السلطة حزب يحمل مسبقاً رؤية مختلفة لمكانة تركيا وموقعها ودورها في الساحتين الاقليمية والدولية، فقد أعادت صياغة علاقاتها الخارجية. وارتكزت سياستها الجديدة على مجموعة مبادئ، مثل التوفيق بين الحريات والأمن، وإنهاء المشكلات بينها وبين جيرانها إلى نقطة الصفر، وإتباع سياسة خارجية متعددة الأبعاد والمسالك، وتطوير الأسلوب الدبلوماسي وإعادة تعريف دورها في الساحة الدولية، والانتقال من سياسة الجمود في الحركة الدبلوماسية إلى الحركة الدائمة.
ورغم حيازة تركيا اهتمام البحاثة والدارسين في شؤونها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، وعلى مستوى سياستها الخارجية، فقد ظلت محط اهتمام مراكز البحوث والدراسات العالمية بهدف استجلاء حقيقة الأدوار الجديدة التي يمكن لحكومة حزب العدالة والتنمية أداؤها في السياسة الدولية والإقليمية، وهو اهتمام ليس مفصولا عن محاولات سابقة. كل ذلك دفع الطالبة لدراسة السياسة الخارجية التركية منذ انتهاء الحرب الباردة، مع التركيز على التغييرات الجيوسياسية وتأثيرها في السياسة الخارجية التركية، والتركيز على آثار هذه التغييرات لجهة تحول السلطة من الأحزاب العلمانية الى حزب ذات جذور أسلامية، أحدثت تغييرات في السياسة الخارجية التركية.
اما إشكالية البحث بحسب الطالبة فتنطلق من
1- ان السياسة الخارجية التركية بعد إنتهاء الحرب الباردة، وفي ضوء تفاعلات بيئتها الدولية والإقليمية، لم تفقد أهميتها بالنسبة للغرب، بل أن موقعها الجيوسياسي ساعد على بقاء أهميتها الإستراتيجية، فحاولت أن تؤدي دوراً إقليمياً جديداً في مرحلة ما بعد الحرب. ولكن كيف استطاعت بعد التغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، أن تكون جزءاً من لعبة الأمم في المنطقة؟ وكيف استطاعت أن تعزز دورها الإقليمي من خلال انخراطها في الخطط الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟ والى أي مدى استطاعت من خلال تفعيل دورها في آسيا الوسطى والجمهوريات الإسلامية إرساء نموذجها العلماني الديموقراطي في هذه الجمهوريات؟ وماذا كان وراء قيام تركيا بالدور الحيوي في الإستراتيجية الأمريكية؟ ولماذا لم تتمكن من نيل عضوية الاتحاد الأوربي؟
2- بعد وصول حزب العدالة والتنمية وتسلّم مهندس السياسة الخارجية، أحمد داود أوغلو، وزارة الخارجية، وبعد شروع تركيا، مع بداية الألفية الثانية، بتطوير رؤيتها وسياستها الجديدة، وهي العودة الى الشرق وتصفير المشكلات مع دول الجوار، يثار السؤال الى أي مدى تمكنت من إرساء هذه الرؤية على أرضية صلبة؟ وهل استطاعت أن ترفع هويتها الشرقية من خلال نظرتها الأوروبية؟ وما هي الوسائل التي استخدمتها لتثبيت مكانتها وملء الفراغ في الشرق الأوسط؟ والى أي مدى كان للجذور الإسلامية دور في تقربها من الدول الإسلامية؟
   وبسبب شمولية موضوع الدراسة كما رأت الطالبة، اعتمدت عدة مناهج ، فتمت الاستعانة بالمنهج التاريخي في دراسة تطورات السياسة الخارجية التركية بعد الحرب الباردة والتطورات اللاحقة، والمنهج التحليلي في متابعة وتحليل أهداف وتوجهات السياسة الخارجية التركية، وكذلك منهج المقارنة بين السياسة الخارجية التركية منذ انتهاء الحرب الباردة، أي قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة، وبعد وصول هذا الحزب الى السلطة.
   ناقشت الطالبة شيلان احمد رستم رسالتها المعنونة" السياسة الخارجية التركية منذ انتها الحرب الباردة ،بتاريخ 10/6/2013، امام اللجنة المكونة من الدكاترة محمد المجذوب وخليل حسين وجورج عرموني ووليد عبد الرحيم، وبعد المناقشة والمداولة رأت اللجنة ان الطالبة تستحق منح درجة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية بدرجة جيد  جدا.
بيروت : 10/6/2013                                                أ.د. خليل حسين