05‏/09‏/2013

فاديا المجالي / جدار الفصل العنصري في فلسطين امام محكمة العدل الدولية

اسم الطالبة : فاديا المجالي
موضوع الرسالة : جدار الفصل العنصري في فلسطين امام محكمة العدل الدولية
الشهادة الممنوحة : درجة الماجستير في العلوم السياسية
 
تعتبر دراسة جدار الفصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو من الأمور المعقّدة على أكثر من صعيد. فمن ناحية ينبغي تحديد الأهداف الإسرائيلية الحقيقية لبنائه، كونها تدعي أمام العالم أن سببه الدواعي الأمنية، فتكون بشكل أو بآخر ربطت الموضوع بفكرة الحدود الآمنة، وهذا ما كان سبباً لنظريات متعددة من جانب المفكرين الإسرائيليين. فتارةً كان التوسع الجغرافي ضمانةً للأمن الإسرائيلي، وتارةً كان يتم التركيز على التفوق العسكري الإستراتيجي وما تخفيه إسرائيل في هذا المجال من قدرات نووية أصبحت معروفة من الجميع. ومن جهة أخرى كان جانب من الزعماء الإسرائيليين يربط مفهوم الحدود الآمنة بسياسة الاستيطان، والتأكيد على ضرورة الاحتفاظ بهذه المناطق لضمان أمن الإسرائيليين، على أساس أن حدود عام 1967 تعد حدوداً مثالية بالنسبة لإسرائيل، وطبعاً بعد تعديل هذه الحدود وفق التفسير الإسرائيلي للقرار رقم 242 الذي يعتبر أنه لا يلزمها سوى بالانسحاب من بعض الأراضي المحتلة عام 1967 وليس من كل هذه الأراضي.
إن جدار الفصل هو مشكلة سياسية قائمة بذاتها، وهو امتداد لنكبة فلسطين، بحيث أنه يفرض اتخاذ مواقف على قدر كبير من الجرأة، كما يستدعي توقع نتائج محتملة، فيكون الفلسطيني ملزماً بأن يثبت للعالم ماذا يريد بالفعل، وأن يحدد مطالبه بدقة، ويعرِّف العالم على حقوقه ويوضِّح معالمها، وهذا يستدعي وضع برنامج سياسي واضح، بعيد عن الشعارات الفضفاضة.
وتزداد الأمور تعقيداً في الجانب القضائي، حيث أن فتوى محكمة العدل الدولية في موضوع الجدار، عالجت أموراً متعلقة بالوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ أيام الانتداب البريطاني لغاية تاريخ صدورها. وقد أثيرت في معرض السير بإجراءاتها نقاطاً قانونية على جانب كبير من الأهمية. والسؤال الذي يأخذ جانباً مهماً هو التالي: لو لم تكن اتفاقية أوسلو موقعة، وأتيح للقضاء الدولي أن ينظر في قضية متعلقة بفلسطين، فهل كان سيستند إلى قرار التقسيم الصادر عام 1947، أم على حدود عام 1967 وهو ما يعرف بالخط الأخضر؟
لقد كرست فتوى محكمة العدل الدولية حول الجدار وجود الحقوق الفلسطينية، إضافة إلى وجود الشعب الفلسطيني على الصعيد القانوني الدولي، ولهذا الأمر أهميته القصوى، بحيث أنه سيفتح الباب القانوني الواسع أمام الاعتراف بالدولة الفلسطينية المنتظرة التي يؤجل المحتل الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة الأميركية نشأتها، بغية الحصول على تنازلات إضافية.
وهنا تبرز أهمية دراسة الفتوى لكونها أكدت وجود الشعب الفلسطيني، وأهملت النظريات الإسرائيلية بأن أراضي العام 1967 لا صاحب لها، وأنها أي إسرائيل ومن خلال نظرية ملء فراغ السيادة يمكنها أن تسيطر عليها. وبالتالي أكدت المحكمة ملكية الفلسطينيين لهذه الأراضي، فتكون قد أنتجت النواة الأساسية لأية دولة. وهذه التأكيدات تحققت سواء أثناء عرض وقائع النزاع أمام المحكمة، أو أثناء البتّ بالدفوع الشكلية، إضافة إلى الحيثيات في موضوع النزاع. علماً بأن فلسطين ككيان كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، وهذا ما أشارت إليه الفتوى أيضاً.
كما تبرز أهمية دراسة الفتوى من خلال تأكيدها الأهمية الفائقة لحق تقرير المصير في عالمنا المعاصر، وأن المسار الذي اختارته إسرائيل للجدار والتدابير المتخذة في هذا الشأن، تعد خرقاً لالتزام إسرائيل باحترام هذا الحق، وبطبيعة الحال لم تتوصل المحكمة إلى هذه النتيجة إلا بعد أن اطّلعت على كافة الوقائع المادية والمبادئ القانونية التي يحتويها النزاع، وهذا حتّم علينا تخصيص جزء من هذه الدراسة للجانب العملي في الجدار تمهيداً لوضع النتيجة القانونية للفتوى ضمن إطارها على صعيد القانون الدولي وكافة الأحكام والمبادئ القانونية ذات الشأن، إلى جانب قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن.
وأمام هذا التأكيد من أعلى مرجعية قضائية دولية لحقوق الشعب الفلسطيني، حاولت الطالبة قدر الإمكان أن تعرض الموجبات التي فرضتها فتوى المحكمة، على كافة الصعد، سيما وأن إمكانية الاستفادة منها كبيرة، وهي تشكل سنداً قانونياً لسنوات طويلة. ومن هنا تبرز المسؤوليات الملقاة على السلطة الفلسطينية، ومعها الدول العربية، والمجتمع الدولي، ودورهم في وضع الفتوى موضع التنفيذ.
       وانطلاقاً من ذلك، حاولت الطالبة دراسة جدار الفصل العنصري من خلال بابين، الباب الأول موضوعه جدار الفصل العنصري – الأهداف والجغرافيا والآثار ، والباب الثاني موضوعه قضية الجدار أمام محكمة العدل الدولية. مستعينة في ذلك بالمنهجين التاريخي والقانوني بهدف الوصول الى ما تم عرضه.
       ناقشت الطالبة فاديا المجالي رسالتها جدار الفصل العنصري في فلسطين امام محكمة العدل الدولية بتاريخ 11/6/2013،امام اللجنة المكونة من الدكاترة خليل حسين وسناء حمودي وكمال حماد ومحمد الدسوقي، وبعد المداولة والمناقشة قبلت اللجنة الرسالة ومنحن صاحبتها درجة الماجستير في العلوم السياسية بدرجة جيدا.
بيروت : 11/6/2013                                             أ.د. خليل حسين