03‏/09‏/2013

العمل الاجتماعي والتنموي التطوعي

العمل الاجتماعي والتنموي التطوعي
د.خليل حسين
استاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية
      يعتبر العمل الاجتماعي والتنموي من ابرز الوسائل المستخدمة للمشاركة في عملية النهوض في عصرنا الحاضر. ويكتسب العمل الاجتماعي أهمية متزايدة يوماً بعد يوم, فثمة قاعدة مسلم بها مفادها أن الحكومات سواء في البلدان المتقدمة أو النامية ، لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها. فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الاحتياجات الاجتماعية وأصبحت في تغيّر مستمر، لذلك لا بد من وجود جهة أخرى موازية للجهات الحكومية تكمّل الدور الحكومي في تلبية الاحتياجات الاجتماعية، ويطلق على هذه الجهة " المنظمات الأهلية ". وفي أحيان كثيرة يعتبر دور المنظمات الأهلية دوراً سباقاً في معالجة بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وليس تكميلياً وأصبح يضع خططاً وبرامج تنموية تحتذي بها الحكومات.
       شهد العمل الاجتماعي عدّة تغيّرات وتطورات في مفهومه ووسائله ومرتكزاته, بفعل التغيرات التي طرأت في الاحتياجات الاجتماعية، وما يهمنا هنا التطورات التي حدثت في غايات وأهداف العمل الاجتماعي. فبعدما كان الهدف الأساسي تقديم الرعاية والخدمة للمجتمع بمختلف فئاته، بات الهدف تغيير وتنمية المجتمع. وبالطبع يتوقف نجاح تحقيق الهدف على جديّة العمل الاجتماعي ورغبة المجتمع في إحداث التغيير والتنمية. ومن الملاحظ أن العمل الاجتماعي بات يعتبر أحد الركائز الأساسية لتحقيق التقدّم الاجتماعي والتنمية ومعياراً لقياس مستوى الرقي الاجتماعي للأفراد
      يعتمد العمل الاجتماعي على عدّة عوامل لنجاحه، من أهمها الموارد البشرية، فكلما كان المورد البشري متحمساً للقضايا الاجتماعية ومدركاً لأبعاد العمل الاجتماعي كلما أتى العمل الاجتماعي بنتائج إيجابية وحقيقية. كما أن العمل الاجتماعي يمثل فضاءً رحباً ليمارس أفراد المجتمع ولاءهم وانتماءهم لمجتمعاتهم. كما يمثل العمل الاجتماعي مجالاً مهماً لصقل مهارات الأفراد وبناء قدراتهم.
     وانطلاقاً من العلاقة التي تربط بين العمل الاجتماعي والمورد البشري، فيمكن القول بأن عماد المورد البشري الممارس للعمل الاجتماعي هم الشباب، خاصة في المجتمعات الفتية. فحماس الشباب وانتمائهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه ومضمونه.
       ورغم ما يتسم به العمل الاجتماعي من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات وتنمية قدرات الأفراد، إلاّ أننا نجد نسبة ضئيلة جداً من الأفراد الذين يمارسون العمل الاجتماعي،فثمة عزوف من قبل أفراد المجتمع وخاصة الشباب منهم عن المشاركة في العمل الاجتماعي بالرغم من أن الشباب يتمتع بمستوى عال من الثقافة والفكر والانتماء وبالرغم من وجود القوانين والمؤسسات والبرامج والجوائز التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم.

أولا :أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب:

1.       تعزيز الانتماء والمشاركة للشباب في مجتمعهم.
2.       تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية.
3.       اتاحة التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع.
4.       اتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع.
5.       توفير الفرصة للشباب لتأدية الخدمات بأنفسهم وحل المشاكل بجهدهم الشخصي.
6.       توفير الفرصة لمشاركة الشباب في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع, والمشاركة في اتخاذ القرارات.

 ثانيا : إطار العمل الاجتماعي التطوعي:
     يتصف العمل التطوعي بأنه عمل تلقائي, ولكن نظراً لأهمية النتائج المترتبة عن هذا الدور والتي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع وأفراده, فيجب أن يكون هذا العمل منظماً ليحقق النتائج المرجوّة منه وإلا سينجم عنه آثاراً عكسية. وعادة ما يتم تنظيم العمل الاجتماعي بالأطر التالية:
1.   القوانين:
       وهي مجموعة القوانين التي تنظم العمل الاجتماعي وتحدد قطاعاته, كما تنظم إنشاء وعمل المؤسسات الأهلية العاملة في المجال الاجتماعي التطوعي.
2.   إطار المجتمع:
        يأتي العمل الاجتماعي التطوعي استجابة لحاجة اجتماعية، فهو واقعي ومعبر عن الحس الاجتماعي. وبالرغم من أن انفتاح المجتمعات يؤدي إلى اتساع الخيارات أمام العمل الاجتماعي، إلا أنه يبقى هناك حد أدنى من التغيرات الاجتماعية التي يهدف العمل التطوعي إحداثها يرفضها المجتمع.
3.    المؤسسات:
      وهي مؤسسات حكومية أهلية, فبإمكان الشباب المشاركة في البرامج التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية كالوزارات والمدارس والجامعات والمؤسسات الدينية ... الخ, كما يمكن للشباب ممارسة العمل التطوعي من خلال انتسابهم للمؤسسات الأهلية كالجمعيات والوادي والهيئات الثقافية ... الخ 
ثالثا : معوقات مشاركة الشباب الاجتماعية:
1.    الظروف الاقتصادية السائدة وضعف الموارد المالية للمنظمات التطوعية.
2.    بعض الأنماط الثقافية السائدة في المجتمع كالتقليل من شأن الشباب والتمييز بين الرجل والمرأة.
3.    ضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي.
4.    قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية.
5.    عدم السماح للشباب للمشاركة في اتخاذ القرارات بداخل هذه المنظمات.
6.    قلة البرامج التدريبية الخاصة بتكوين جيل جديد من المتطوعين أو صقل مهارات المتطوعين.
7.    قلة تشجيع العمل التطوعي.
 رابعا : التوصيات:
1.      إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة.
2.      تكريم المتطوعين الشباب ووضع برنامج امتيازات وحوافز لهم.
3.      تشجيع العمل التطوعي في صفوف الشباب مهما كان حجمه أو شكله أو نوعه.
4.      تطوير القوانين والتشريعات الناظمة للعمل التطوعي بما يكفل إيجاد فرص حقيقية لمشاركة الشباب في اتخاذ القرارات المتصلة بالعمل الاجتماعي.
5.      إنشاء اتحادات وجمعيات خاصة بالمتطوعين يشرف على تدريبهم وتوزيع المهام عليهم وينظم طاقاتهم.
6.      تشجيع الشباب وذلك بإيجاد مشاريع خاصة بهم تهدف إلى تنمية روح الانتماء والمبادرة لديهم.
7.      أن تمارس المدرسة والجامعة والمؤسسة الدينية دوراً أكبر في حث الشباب على التطوع خاصة في العطل الصيفية.
8.      أن تمارس وسائل الإعلام دوراً أكبر في دعوة المواطنين إلى العمل التطوعي, والتعريف بالنشاطات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والجمعيات.