20‏/02‏/2008

سنة أولى على غياب الرئيس حافظ الأسد

سنة أولى على غياب الرئيس حافظ الاسد
الأحد :10-6-2001
د.خليل حسين
مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني
ربما تكون الظروف قد لعبت دورا في اظهاره بهذا الحجم الكبير ،كظروف النكسة العربية عام 1967 ، وغياب الرئيس جمال عبد الناصر ، وغياب الوجوه القيادية الملهمة، الا ان الكثير من الصفات قد جعلت من هذه الظروف تتبدد ويثبت موقعه وسط زعامات متناحرة على قيادة الامة العربية دون ان تفلح في اعطائها بعض ما تستحق هذه الامة .
باختصار كان اسدا بمواقفه ، لا ينحني ولا يهتز امام الضغوط ؛ يشتد امام الصعاب ولا يلين ، تمرس في السياسة في ادق المراحل وأكثرها حساسية وتمكن من ايصال سوريا الى اماكن لم يتمكن احد من ايصالها اليه، وقاد الامة العربية دون منازع بحنكته ودهائه السياسي ، فلم يتمكن احد من أخذ شيء منه لا يريد اعطاؤه ، ولم يتمكن احد من فرض شروط عليه ، بل تمكن من فرض شروط اللعب التي يريدها على المستوى الاقليمي .
حافظ الاسد ، كلمتين تختصران تاريخ بكامله ، حافظ على سوريا والعرب في اظلم المراحل ، وكان اسدا بمواجهة من يحاول التربص به وبمن يقف معه ، باني سوريا الحديثة ، ومؤسس الفكر السياسي العربي المعاصر في مواجهة اعداء الامة ، اتى الى الحكم في ظروف اللآت العربية الثلاثة ، لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف ، وحكم سوريا وارخى فكره السياسي على العرب ، بمواجهة لا يريدها خاسرة مع اسرائيل وحلفائها ، فلم يمانع سلام الشجعان ، السلام الذي يعيد الحقوق المشروعة لسوريا والعرب كاملة غير منقوصة ، سلام عادل وشامل ومتكافىء وغير مشروط.
لقد راهن الكثيرون من اميركا واسرائيل على ان الاسد سيكون موقع السلام مع اسرائل ، وادرك خطورة ذلك ، ورحل ونال شرف عدم وضع يده بيد صهيوني ، واختتم حياته السياسية بطلا كبيرا ، كما كان يردد ان لم نكن قادرين على تحقيق النصر فلنتركه الى الاجيال القادمة ، وقد رأى قبل رحيله بعض النصر العربي الذي تحقق في لبنان باخراج اسرائيل مهانة ذليلة ، ذلك بفضل الدعم السوري للمقاومة التي تعتبر احد اولاده الذي راهن عليها ووفت له بعض ما قدمه لها .
لقد قارع الاسد الكثيرين من الاقوياء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الاميريكية ، ولم يتمكن احد من جره الى متاهات السياسات الامريكة على امتداد الصراع العربي – الاسرائيلي رغم المحاولات الكثيرة والتي كانت آخرها قبل وفاته باسابيع قليلة بلقائه الر ئيس الامريكي بيل كلينتون في جنيف ، كانت مقارعته شديدة وقوية يعرف ماذا يريد ويفهم كيف يدير اللعبة وكيف يستطيع جر اخصامه الى حيث يريد .
لقد رأى العالم كله الرؤساء الامريكيين في دمشق ولم ير العالم الاسد في واشنطن ، وفي احسن الاحوال جلب الرؤساء الى منتصف الطريق في جنيف اوغيرها .
لا شك ان وفاته تركت فراغا كبيرا في سوريا وعلى الصعيد العربي ، صحيح ان الزعامة استثناء في حياة الشعوب الا ان شعبا عربيا عانى ويعاني لن يبخل في اظهار زعيم يقود الامة ويسيسها الى بر الامان .