19‏/02‏/2008

حديث لصحيفة الثورة السورية

حديث لصحيفة الثورة السورية
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

س – القانون الدولي والرد المتكافئ والرد المفرط
ج – ثمة العديد من الأعراف والقوانين الدولية المتعلقة بسير المعارك العسكرية والنتائج المترتبة عليها.بدء من قانون الحرب في القانون الدولي المتمثل بالعديد من الاتفاقات الدولية لا سيما اتفاقات جنيف الأربعة للعام 1949 واتفاقية لاهي للعام 1907 والبروتوكولان الملحقان بها.وفي مجمل تلك الاتفاقات والمعاهدات ثمة إشارات متعددة لحماية الأشخاص والممتلكات غير العسكرية أو غير المشمولة بالإعمال العسكرية الأمر الذي يستشف منه أن الأعمال العسكرية ينبغي أن لا تشمل إلا الأهداف العسكرية البحتة،علاوة على بعض الاستثناءات المحدودة التي لا يمكن تعميمها والبناء عليها كحالات يمكن الركون إليها في التعاطي العسكري لجهة الردود والردود المضادة.وفي هذا السياق إن الرد العسكري على أي عمل قد تمَّ في مرحلة سابقة ينبغي أن يكون ضمن إطار الرد المعقول بما يتناسب مع أساس مسببات العمل العسكري،وبالتالي لا ينبغي التوسع في الرد ليكون شاملا أو متجاوزا لحدود استعمال القوة المفرطة في المعارك العسكرية.والأمر ينطبق من الناحية العملية على حالة اختطاف الجنديين الإسرائيليين بهدف مبادلتهما بالأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية،إذ ان حجم العملية أقل بكثير عن سير العدوان التي نفذته إسرائيل ذد لبنان،علاوة على ذلك إن حجم الرد الإسرائيلي تضمن انتهاكات واضحة للقانون الدولي الإنساني اقلها جرائم حرب وابادة جماعية...ثمة أعراف وقواعد تلزم الرد المتوازن لحجم السبب الذي قامت على أساسه المعارك العسكرية،مع وجوب مراعاة المنشآت المدنية أو غير العسكرية والمدنيين.
إن الحرب الحالية التي تقودها إسرائيل ضد لبنان والتي باستمرارها على النحو البربري والوحشي الذي تعتمده أساسا لنجاحها وذلك بالقضاء على أكبر عدد ممكن من المدنيين العزّل والأبرياء وبتهديم ما أمكن من المنشآت المدنية والجسور والبيوت، تشكّل انتهاكا فاضحا للعديد من القواعد والمبادئ الأساسية التي تحكم النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، إذ أنها تخالف مبدأ الضرورة في اللجوء إلى استعمال القوة والحل العسكري، ومبدأ التقيّد بحدود دولية معينة لاستعمال وسائل القتال، وموجب تحييد المدنيين ومبدأ تناسب الوسيلة العسكرية المستعملة مع حجم الاعتداء أو الخطر المحدق بالجهة التي تلجأ إلى القوة من أجل حل نزاعها مع الطرف المستهدف.
أ‌- مخالفة مبدأ الضرورة في اللجوء إلى استعمال القوة أو الحل العسكري
لا تسمح قواعد القانون الدولي الإنساني باللجوء إلى استعمال القوة من اجل حل النزاعات بين الدول أو في داخل الدول إلا في حالة الضرورة القصوى بحيث تكون القوة الوسيلة الوحيدة التي يمكن استخدامها من أجل التوصل إلى حفظ السلم والأمن الدوليين أو من اجل رد العدوان أو وضع حد للأعمال الإرهابية التي تتعرض لها الدولة المعتدى عليها. وهذا ما يمكن استنتاجه من نص البند الثالث من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة الذي جاء فيه أنه " يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر". وهذا ما يؤكّد عليه أيضا وبشكل صريح البند الرابع من المادة ذاتها بنصه على أنه " يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة". مما يعني أن الدولة المعنية لا يمكنها استعمال القوة العسكرية ضد دولة أخرى أو بلد آخر إلا في حالة الضرورة كحالة الدفاع عن النفس أو كالحالة التي يصبح فيها استخدام القوة العسكرية الوسيلة الوحيدة المتوفرة لرد العدوان أو لحفظ الأمن والسلم الدوليين أو لمواجهة أعمال إرهابية تطال من أمن الدولة المعنية ومن سلامة مواطنيها. ولكن حتى في هذه الحالات لا يمكن استخدام مبدأ الضرورة الحربية كعذر يبرر القيام بأعمال غير إنسانية وانتهاكات تعبّر عن عدم الامتثال لقواعد قانون النزاعات المسلحة.
ومن مراجعة مجرى وطبيعة الأعمال الحربية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد لبنان، يتبيّن أن هذه الأعمال لا يمكن إسنادها إلى حالة الضرورة العسكرية، ذلك أن فعل خطف الجنديين الإسرائيليين لا يؤلّف مبررا كافيا ومقنعا كي يستخدم كأساس شرعي لهذه الحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل ضد لبنان، وهذا لأن هذا الفعل وان كان يتصف بالخطورة بالنسبة لدولة إسرائيل وبالنسبة للمجتمع الدولي، فهو لم يهدد فعلا الكيان الإسرائيلي ولم يحمل اعتداء خطيرا على أمن إسرائيل وسلامة مواطنيها ولا يبرر تاليا حربا مدمرة ومنظمة واسعة النطاق. هذا من جهة، أما من جهة ثانية فحالة الضرورة العسكرية لا تقوم قانونا إلا إذا كانت مسندة إلى سبب شرعي أو قانوني، مما يعني أنه لا يمكن اعتبار فعل خطف الجنديين الإسرائيليين اعتداء فعليا ضد الجيش الإسرائيلي طالما أن إسرائيل لا زالت تحتفظ بعدد من الأسرى اللبنانيين من دون وجه حق. ومن هنا، فان فعل خطف الجنديين الإسرائيليين يمكن إدخاله في خانة عمل المقاومة الشرعي ضد العدو الذي تجيزه شرعة الأمم المتحدة في البند الثاني من مادتها الأولى ( حق الشعوب في تقرير المصير) وبالتأسيس على هذه العناصر يمكن التأكيد على أن الحرب التي تشنها اليوم دولة إسرائيل ضد لبنان لا تقوم على أساس الضرورة العسكرية، وذلك من جهة لأن هذه الضرورة لا تستند إلى أي مبرر موضوعي حقيقي ولأن العملية الحربية التي يراد تبريرها بالضرورة العسكرية لا تتمتع بالشرعية الحاسمة من جهة ثانية.
ب‌- مخالفة مبدأ التقيّد بحدود معّينة في عملية استعمال القوة العسكرية.
إن حق اللجوء إلى استعمال القوة العسكرية ضد دولة ما أو مجموعة ما لا يعتبر حقا مطلقا، إذ أنه يخضع لقيود نصت عليها قواعد قانون النزاعات المسلحة وفرضت على جميع الدول التقيد بها واحترامها. فقد أكّدت المادة 35 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الموقع في العام 1977 على « إن حق أطراف أي نزاع مسلح في اختيار أساليب ووسائل القتال ليس حقا لا تقيده قيود". وفي الاتجاه ذاته، كانت قد أشارت صراحة المادة 22 من اتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة في 18 تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1907 إلى أنه " ليس للمتحاربين حق مطلق في اختيار وسائل إلحاق الضرر بالعدو".
وعلى هذا الأساس، ليس للمتحاربين الحق غير المقيّد بأي قيد في اختيار وسائل الإضرار، وهذا لأن الهدف الرئيسي للحرب يكون ضرب القوة العسكرية للعدو وإيقاع الهزيمة به. وفي السياق ذاته، يحظّر البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 استخدام الأسلحة التي من شأنها زيادة معاناة الجرحى وآلامهم وجعل تدهور حالتهم الصحية أو موتهم أمرا محتوما ومؤكدا. وهذا ما كانت قد أكّدت عليه من قبل المادة 12 من اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان المؤرخة في 12 آب / أغسطس 1949 والتي جاء فيها أنه " يجب في جميع الأحوال احترام وحماية الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة وغيرهم من الأشخاص المشار إليهم في المادة التالية". وكذلك تنص المادة 16 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب على أنه " يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين...". وبالنظر إلى هذه القواعد، يظهر أن إسرائيل لم تفرط في استعمال القوة العسكرية فحسب وإنما لم تتقيد بأي حدود أو سقف في تنفيذ عملياتها العسكرية حيث لجأت إلى استعمال كافة الأسلحة الثقيلة وحتى بعض الأسلحة المدمرة وغير المسموح استعمالها والمحرّمة دوليا ضد المدنيين العجزة ولأطفال والنساء والمرضى من دون تمييز ومن دون شفقة أو رحمة ولم تضع لعملياتها الحربية أي حدود أو أهداف واضحة ومحددة غير تلك التي تبتغي القتل والدمار والتهجير ليس إلا. هذا بالإضافة إلى أن الأعمال الحربية العنيفة التي يقودها الجيش الإسرائيلي اليوم ضد لبنان لم تؤد إلى تدمير أو إصابة أي هدف أو موقع عسكري، ما يؤكّد أن لجوء إسرائيل إلى استعمال القوة يهدف إلى تدمير لبنان والقضاء على بنيته التحتية وعلى اقتصاده ويتخطى حدود وأهداف العمليات العسكرية المسموح بها في قانون النزاعات المسلحة.

س – توصيف الجرائم المرتكبة في العدوان الإسرائيلي على لبنان
ج - لقد انتهكت إسرائيل جميع الأعراف والتقاليد والقوانين الدولية ذات الصلة بحقوق ألامسان إبان الحروب ويمكن إدراج هذه الانتهاكات في العديد من المواقع القانونية كما يلي:
أولاً- جريمة الإرهاب: وإن لم يتم الاتفاق على تحديده هذه الجريمة، بشكل دقيق ومقبول من الكافة، فإن المعاهدات والقرارات المختلفة المتعلقة بها تنص على حالات بث الذعر بين الناس بواسطة الأسلحة والمتفجرات المستخدمة فعلاً ضدهم أو التي تهددهم في البر أو البحر أو الجو لتحقيق أهداف خاصة لمستعمل هذه الأسلحة. فقد وصف ريمون آرون هذه الجريمة بقوله: "إن عدم تمييز الإرهاب بين إنسان وآخر يساعد على خلق هذا الشعور بالخوف"، أما بول فاغنر فهو يحصره بالترويع في سبيل تحقيق هدف سياسي، فهو يقول: "إن الإرهاب يتميز عن أشكال العنف الأخرى بأن له محتوى سياسياً". والموقف نفسه يتخذه بالجيت سنغ عندما يصف الإرهاب قائلاً: "إن الإرهاب السياسي يهدف أساساً إلى ترويع النفوس لا الآلة العسكرية بحد ذاتها". إن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي، لا سيما سلاح الجو والبحرية، يدخل تحت هذا المفهوم من بابه الواسع. وإذا كان بعض السياسيين حاول حصر الإرهاب بالأفراد، فإن هناك رأياً واسعاً يرى أنه يمكن أن يحصل على أيدي الأفراد أو على أيدي الجيوش النظامية، وهذا ما يؤكده غريغور بالود بقوله: "الإرهاب أن يقوم فرد أو مجموعة أو دولة، بأعمال عنيفة هادفة إلى خلق شعور بالرعب عند السكان المدنيين، وأن يتسبب بآلام تتجاوز الأهداف المرجوة من العمل". وعندما تقوم به الدولة فهو بشكل ما يسمى: "إرهاب الدولة" وهو أشد خطراً و فتكاً من إرهاب الأفراد أو الجماعات. إن ترويع المدنيين اللبنانيين وتهديم المساكن فوق رؤوسهم وقصف المركبات التي تتحرك على الطرقات ونثر أعضائهم ولحمهم بين الركام هو من أبشع أشكال الإرهاب.
ثانياً: خرق مبدأ التناسب بين الفعل ورد الفعل. فردّاً على أسر جنديين راح الجيش الإسرائيلي يدمر لبنان ويقتل أبناءه وهذا ما لاحظته لويز أربور المفوضة السامية لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة في حديث إلى جريدة "الموند" في 22 تموز ‏2006‏‏‏
ثالثاً: ممارسة جميع أنواع الجرائم بواسطة أكبر ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط وهي:
1- جريمة العدوان:والتي، إن لم تعرف بدقة في القانون الدولي، إلا أن أبسط مفهوم لها هو: أن تشن دولة حرباً شاملة على دولة أخرى، دون أي مسوغ قانوني مقبول، وتمعن في التدمير الشامل والقتل بالجملة دون تمييز، والتي تأتي خرقاً فاضحاً لمبادئ القانون الدولي ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة، سواء في ديباجته التي آلت فيها شعوب الأمم المتحدة "أن تنقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب..." أم في مادته 2/4 التي تقضي بأن "يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة".
2 - جرائم ضد الإنسانية:يقوم الجيش الإسرائيلي، في إطار هجوم واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين، بأعمال القتل العمد، إذ تدك البيوت فوق العائلات، كما حصل في قانا حيث سقط 55 شهيدا بينهم 72 طفلا بعضهم من المعاقين، وقبلها في الدوير وعين عرب والنميرية وصريفا ومروحين وعيترون وصور والنبي شيت وبعلبك وبريتال والشياح وغيرها... حيث تجاوز عدد الضحايا حتى هذه اللحظة 1000 شهيد 3000 جريح غالبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء والشيوخ، وقد عاينّا تناثر الأشلاء وسط الدمار.
3- جرائم الحرب:يرتكب الجيش الإسرائيلي كل أنواع جرائم الحرب ، فهو يرتكب خرقا فظيعا لاتفاقيات جنيف 12 آب 1949 وبروتوكولوها الأول (م 85 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف الذي يحيل إلى المواد 50 من الاتفاقية الأولى، 51 من الثانية، 130 من الثالثة و147 من الرابعة).وهو يقوم :بالقتل العمد. بأخذ الرهائن، كما حصل في بعلبك إبان إنزال ليل 1-2 أب ‏2006‏‏.بتوجيه غارات أرضية وبحرية وجوية، مما يحدث تدميراً واسع النطاق في الممتلكات والمؤسسات التجارية والصناعية المدنية، دون أية ضرورات عسكرية كما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت وشتورة والنبطية وسائر الجنوب وبعلبك وبدنايل والغازية والبقاع الغربي...
كما يتعمد الجيش الإسرائيلي: توجيه هجمات ضد السكان المدنيين في كافة مدن الجنوب اللبناني وبعض جبل لبنان، وكذلك في أقسام واسعة من البقاع والشمال، -تهجير السكان بالقصف والتهديد بتصعيده، حيث تم طرد حوالي مليون إنسان من الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية.- توجيه هجمات ضد مواقع مدنية في كافة المناطق المذكورة، من مصانع ومحطات وقود ومخازن مواد غذائية وإغاثة. - شن هجمات ضد منشآت ومركبات مدنية، وكذلك مركبات تقوم بمهمات للمساعدة الإنسانية، كقصف محطات توليد الكهرباء.- توجيه هجمات ضد أماكن تجميع المرضى والجرحى كما حصل في صور حيث قصف مقر للدفاع المدني و غير ذلك من المؤسسات الإنسانية.- تعمد إلحاق أضرار زائـدة باستخدام القذائف الفسفورية الحارقـة كما حصل فـي منطقة شبعا.- تعمد تجويع السكان عن طريق قصف كل شاحنة تتحرك على الطريق في كافة الأراضي اللبنانية. - الهجوم على الممتلكات الثقافية والتراث الإنساني كما حصل في صور وبعلبك وغيرها وكذلك دور العبادة كما حصل في صور وغيرها من مدن وقرى الجنوب اللبناني وبعلبك وبوداي وغيرها...الاعتداء على مراكز الأمم المتحدة, وقتل ضباط وموظفي قوات الطوارئ الدولية في الجنوب كما حصل في مناطق الخيام وصور ومارون الراس.الاعتداء على عناصـر وآليات الصليب الأحمر وإعاقتهم بالقصف الذي عدتـه المادة 85/4/ د من البروتوكول الأول من الانتهاكات الجسيمة وبالتالي من جرائم الحرب.
4- جرائم الإبادة الجماعية:
يتعمد الإسرائيليون القتل والأذى وسائر الأضرار بشعب لبنان. وهكذا فإن إسرائيل تخرق كل القواعد والأعراف المتعلقة بالحرب لا سيّما:
1- قواعد الحرب البرية (لاهاي 1907) في موادها:
- 22- التي تحظر تدمير الممتلكات دون أية ضرورة ملحة.
- 25- التي تحظر مهاجمة وقصف المدن والمساكن غير المحمية.
- 27- التي تقضي باتخاذ كافة الاحتياطات لتفادي الهجوم على مواقع تجميع الجرحى.
2- اتفاقية منع الإبادة الجماعية لسنة 1948 باستهداف العمليات العسكرية الإسرائيلية لكل المواطنين اللبنانيين بصفتهم تلك.
3– اتفاقيات جنيف: م 3/1/ ب المشتركة التي تمنع أخذ الرهائن، والاتفاقية الرابعة التي تقضي بحماية السكان المدنيين لا سيما في موادها 12-26 حول حماية الجرحى والمرضى.
4- البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1949 وذلك في مواده:
- 35/2- التي تحظر استخدام الأسلحة والقذائف والمواد ووسائل القتال التي من شأنها إحداث إصابات أو آلام لا مبرر لها.
- 48- التي تقضي بالتمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان والمدنية والأهداف العسكرية وفي حالة الشك يعد السكان مدنيين ( م . 5/2) والأعيان مدنية (م 50/3).
- 51- تحريم أعمال العنف الرامية إلى بث الذعر بين السكان المدنيين كما تحظر الهجمات ضدهم.
- 54/1- التي تحظر تجويع المدنيين كأسلوب قتال.
- 54/2- التي تحظر مهاجمة أو تدمير الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان، من مواد غذائية وشبكات مياه الشفة والري.
- 56 - التي تحظر مهاجمة الجسور والأعيان الهندسية.
- 57/2/ب- التي تقضي بأن يلغى أو يعلق أي هجوم إذا تبيّن أنه قد يتوقع منه أن يحدث خسائر في أرواح المدنيين أو يلحق الإصابة بهم أو يضر بالأعيان المدنية.
- 61-67- المتعلقة بحماية قوات الدفاع المدني والأشخاص ووسائل النقل العاملة فـي إطـاره، وهـذا ما يتعرضـون له يومياً في جنوب لبنان وغيره من المناطق، كما تبرزه وسائل الإعلام.
- 70 و71- التي تمنع إعاقة أعمال الغوث للمدنيين، كما يجري على أيدي القوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب.
- 79- التي تمنع التعرض للصحافيين والتي خرقتها القوات الإسرائيلية بقصف مواكب الإعلاميين في منطقة حاصبيا ثم في منطقة عيتا الشعب.
5- اتفاقية لاهاي لسنة 1954 لحماية الممتلكات الثقافية وأماكن العبادة والتي استعادتها المادة 85 من البروتوكول الأول وعدتها من الانتهاكات الجسيمة وبالتالي من جرائم الحرب :
كما حصل من ضرب المساجد والكنائس والآثار في صور وراشيا وبوداي وبعلبك وغيرها.
6- اتفاقية حظر استخدام تقنيات التغيير في البيئة لأغراض عدائية 10 كانون الأول 1976 والتي استعيدت أحكامها بالمادة 55 من البروتوكول الأول الملحق باتفاقيات جنيف. كما جرى بعد قصف خزانات النفط في الجية والدورة مما دفع كميات كبيرة من البترول إلى البحر تهدد معظم الساحل اللبناني.
7- اتفاقية 1980 وبروتوكولاتها التي تحظر وتقيد استعمال الأسلحة التقليدية التي يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر، وذلك بالقصف المتمادي، دون تحديد أهداف عسكرية في التجمعات السكنية.
8- بروتوكول 3 أيار 1996 المتعلق بالألغام، والذي ينص، في مادته العاشرة، على أن تكسح أو تزال أو تدمر أو تصان كل حقول الألغام والمناطق الملغومة والألغام والشراك الخداعية الأخرى.
وأنه على الطرف الذي زرع هذه الأشياء أن يقدم المساعدة التقنية والمادية للقيام بمسؤولية نزعها. وهذا يستلزم قبل كل شيء تسليم الخرائط الخاصة بها، الأمر الذي ما زالت إسرائيل تمتنع عن القيام به منذ انسحاب جيشها في أيار سنة 2000.
إن ما تقترفه إسرائيل من اعتداءات على المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ وعلى المنشآت المدنية من منازل ومستشفيات ومدارس ومزروعات وبنى تحتية من جسور ومحطات توليد الكهرباء وشبكات الهاتف والمياه والطرق ومراكز الصليب الأحمر ووسائل نقل الجرحى... كل هذا وغيره يشكل كما بينا ليس فقط خرقاً، بل اعتداءً على القانـون الدولـي الإنسانـي والمواثيق والأعراف الدوليـة، واعتداءً همجياً على الإنسانيـة وعلى كرامـة الشعوب، وهو يستلزم إنشاء محاكم جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين عنه من سياسيين وعسكريين إسرائيليين.

س – القانون الدولي والحد من الهيمنة الأمريكية
ج – إن المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتحديد هي تعبير واضح عن النظام الدولي وتوازن القوى فيه،ومن المعروف ان الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت في العقد الأخير من القرن العشرين بالاستئثار في قيادة العالم وفقا لمشيئتها ورغبنها وبالتالي لم يعد في الامكان استعمال الكثير من المؤسسات الدولية للحد من تلك الهيمنة لا سيما مجلس الأمن الدولي الذي تحول أداة طيعة لتنفيذ مشاريعها وخططها لا سيما المتعلقة بالدول العربية وقضاياها المحقة.
إن القانون ينشا الحق لكن الحق يستلزمه القوة للتطبيق،من هنا بات القانون الدولي في هذه الظروف لا يسمن ولا يغني من جوع بخاصة في القضايا التي تتعارض مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية. من هنا لا يمكن التعويل الا على القدرات الذاتية والمتمثلة في الممانعة والمقاومة التي اثبتت كفاءتها وجدارتها كتجربة المقاومة في لبنان والتي من خلالها تمكنت من تحقيق الكثير الكثير في مواجهة أميركا وإسرائيل في مجلس الأمن وغيره من المواقع والمؤسسات الدولية.

س - سبل مقاضاة إسرائيل على جرائمها
ج - إن إعداد ملف مقاضاة إسرائيل" يفترض أولا تعيين المرجع القضائي الصالح للنظر في الدعوى، ثم التعرض للأساس القانوني للدعوى ولمطالب الدولة اللبنانية".وثمة خيارات عدة للمقاضاة منها:
- بالنسبة الى محكمة العدل الدولية "من الراهن انه لا يوجد أي تصريح مسبق، صادر عن لبنان التزام صلاحية هذه المحكمة. وان إسرائيل عمدت في 19/11/1985 إلى إلغاء مفعول هذا التصريح وبالتالي إلغاء قبولها بولاية المحكمة.إلا أن كلا من لبنان وإسرائيل قد انضم إلى الاتفاق الدولي المتعلق بمعاقبة جريمة الابادة الجماعية للعام 1948 التي أصبحت نافذة اعتبارا من 12/1/1951. وان المادة 9 من هذا الاتفاق تعطي محكمة العدل الدولية صلاحية النظر في كل نزاع ينشأ عن تفسير هذا الاتفاق أو تطبيقه، بما في ذلك مسؤولية إحدى الدول عن أعمال الإبادة التي ترتكبها، بحيث أن الدعوى - في حال تقديمها على أساس اتفاق عام 1948، تكون مقبولة في الشكل، وفق ما تمشى عليه اجتهاد هذه المحكمة، من دون الحاجة إلى موافقة خاصة من دولة أخرى منضمة إلى الاتفاق. كما أن تقديم الدعوى أمام هذه المحكمة لا يمكن أن يفسر بأنه اعتراف قانوني من جانب لبنان بالكيان الإسرائيلي، وذلك أسوة بالانتساب إلى الأمم المتحدة أو الانضمام إلى اتفاق دولي واحد. إذ أن التعامل استقر على أن الإنتساب إلى الأمم المتحدة أو الانضمام إلى اتفاق دولي لا يشكلان اعترافا ضمنيا متبادلا بين سائر الدول الأعضاء في هيئة الأمم أو بين الدول المنضمة إلى الاتفاق الدولي نفسه.وإذا أثيرت مسألة ما إذا كان يحق لإسرائيل، في حال مقاضاتها أمام محكمة العدل الدولية بالإستاد إلى اتفاق الإبادة الجماعية، إن تتقدم بدعوى مقابلة ضد لبنان أمام المحكمة ذاتها. والجواب عن هذه المسألة إن نظام محكمة العدل الدولية (المادة 80) يسمح للدولة المدعى عليها بتقديم دعوى مقابلة، إلا انه يقيد ممارسة هذا الحق شرط التلازم بين الدعوى المقابلة والدعوى الأصلية بحيث لا يؤدي ذلك إلى توسيع الصلاحية الأصلية للمحكمة. وبعبارة أخرى، فان الدعوى المقابلة تفترض الادعاء أن لبنان أقدم على ارتكاب أفعال ابادة جماعية بحق إسرائيل. إن مجرد طرح الموضوع يكفي للتدليل على عدم جديته، وبالتالي للرد عليه".- ان "السند القانوني في حال تقديم الدعوى على أساس الإبادة الجماعية، هو اتفاق عام 1948 المتعلق بجريمة الابادة الجماعية، علما أن هذه الجريمة، أسوة بسواها من الجرائم الدولية هي الأكثر خطورة، وان هذا النوع من الجرائم لا يمر الزمن عليه وفق ما تمشى عليه اجتهاد القانون الدولي. وان الجمعية العمومية للأمم المتحدة أقرت في 26 تشرين الثاني 1968 اتفاقا أصبح نافذا في 11 تشرين الثاني 1971 ينص صراحة على أن لا مرور زمن في جرائم الحرب أو في الجرائم ضد الإنسانية. وقد كانت إسرائيل في عداد الدول التي صوتت على القرار الرقم 2391 العائد إلى هذا الاتفاق>
إن الأفعال التي ارتكبتها إسرائيل منذ بداية عدوانها الأخير على لبنان في 12 تموز 2006، بما في ذلك القصف الكثيف والمركز على المدنيين، لا سيما في جنوب لبنان، وقتل المئات منهم، وترهيب الباقين وانذارهم بمغادرة قراهم وبيوتهم ومطاردة النازحين ومعاقبة اولئك الذين لا يذعنون لقرار التهجير، كل هذه الأفعال، يضاف إليها، في حال ثبوتها، استعمال أسلحة ممنوعة، من شأنها أن تثبت توافر نية الإبادة بمفهوم اتفاق 1948. والدليل على وجود هذه النية لدى إسرائيل لا بد أن يستند إلى ما ارتكبته إسرائيل من أفعال في جنوب لبنان على مر السنين، والحروب التي شنتها على لبنان وخصوصا عام 1982 والاحتلال غير المشروع للجنوب من الجيش الإسرائيلي وما رافقه من مجازر وقتل مدنيين بمن فيهم المدنيون في مخيمي صبرا وشاتيلا (1982) أو الذين لجأوا إلى مركز الطوارئ التابع للأمم المتحدة في قانا (1996)، وما رافق كل ذلك من استعمال للقنابل الفوسفورية والانشطارية وغيرها من الأسلحة الممنوعة. يضاف إلى ذلك زرع الألغام في المناطق التي اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب منها عام 2000 وأحجام هذه الأخيرة عن تزويد لبنان أو الهيئات الدولية المختصة، رغم المطالبات المتكررة بالخرائط التي ترشد إلى مواقع هذه الألغام.كما أن مجزرتي مروحين وقانا في العدوان الأخير تتوافر فيهما عناصر الابادة. وان مجزرة قانا "كانت حلقة في سلسلة المجازر الجوالة والمتنقلة التي ضربت جنوب لبنان منذ بدء العدوان، وأودت بحياة العشرات أكثرهم من الأطفال، كانوا في ملجأ بناية دمرها القصف الإسرائيلي.كما أن "إقامة الدعوى أمام محكمة العدل الدولية تهدف، فضلا عن إعلان مسؤولية إسرائيل وإدانتها بموجب اتفاق 1948 لمنع جريمة الابادة، إلى إلزامها التعويض عن مجمل هذه الأفعال ودفع المبالغ التي تتناسب مع طبيعة الأضرار المشكو منها وحجمها وأهميتها.
- أما بالنسبة المحكمة الجنائية الدولية وجد فان فالعديد من الأفعال التي ارتكبتها إسرائيل في عدوانها الأخير يقع تحت طائلة الجرائم موضوع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية التي لا تحاكم دولا، بل يمكنها محاكمة أفراد متهمين بارتكاب جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة ضمن اختصاصها. فالمحكمة تضع يدها على القضية وتمارس اختصاصها إما بإحالة القضية من دولة طرف في نظام المحكمة وقبلت بصلاحياتها (يقتضي استبعاد هذه الحالة إذ أن لا لبنان ولا إسرائيل انضما إلى اتفاق روما أو قبلا بصلاحية المحكمة)، وإما إحالة القضية من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وهذه الحالة مستبعدة أيضا لاعتبارات الفيتو الأمريكي. وتبقى الحالة الأخيرة، وهي إحالة القضية من جانب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية الذي يحق له التصرف تلقائيا. وقد لحظت المادة 12 من اتفاق روما في فقرتها الثالثة أنه يمكن الدولة غير المنضمة إلى الاتفاق إذا وقعت إحدى الجرائم على أرضها أن تعلن قبولها بصلاحية المحكمة لهذه الجرائم بالذات، وان تطلب من المدعي العام أن يتحرك، وان يحيل القضية على المحكمة إذا تبين له من التحقيق الذي يجريه وجود أدلّة كافية تشكل أساسا معقولا للمحاكمة.