20‏/02‏/2008

مقترحات الرئيس الامريكي بيل كلينتون للقضية الفلسطيني

مقترحات الرئيس الامريكي بيل كلينتون للقضية الفلسطينية
د.خليل حسين
الثلاثاء :9-1- 2001

هل يصح ان يقال : تمخض الجبل فولد فأرا ، فمع هذه المقترحات يصح هذا المثل بامتياز .فبعد ثلاثة اشهر من الانتفاضة وحوالي ثلاثماية شهيد ومايفوق العشرة آلاف جريح وبعثات بالجملة والمفرق من القريبين والبعيدين ، وبعد اسبوعين من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين بمشاركة امريكية في واشنطن وما تلاها من احاديث عن مفاوضات سرية عقدت بعدها ، رأى الرئيس بيل كلينتون ان من واجبه الادبي تجاه ما تكفل به من خطوات السلام الموعود ان يعلن عن افكار ربما عفى عنها الزمن ولم تعد تصلح لمجرد رأي خاص في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة .
واللافت في هذه المقترحات العديد من الامور التي يجب القاء الضوء عليها وأبرزها :
- اصرار كلينتون على المضي في مشروعه على قاعدة "عنزة ولو طارت" باعتبار انه يدرك تماما قبل غيره ان الوقت لم يعد يساعده اذ لم يتبقى من ولايته ليس اشهرا بل اياما لا تتعدى الاحدى عشرفقط في البيت الابيض.
- ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لا يبدوان مستعجلين على تلهف الحلول المقترحة ، فلكل واحد منهما معطياته الخاصة التي يود استثمارها مع الادارة الجمهورية الجديدة ،وبالتالي ليس من مصلحتهما بيع هذا الموضوع لكلينتون في هذا الوقت الضائع بالذات.
- ان تعقيد الموضوع الفلسطيني والحد الذي وصل اليه لم يعد يتتطلب اقتراحات من هنا او هناك بقدر ما يتتطلب تدخلا فاعلا ومدروسا على قاعدة الراعي العادل وفقا لما وعدت به الولايات المتحدة الامريكية في بدء المفاوضات بين العرب واسرائيل في مدريد ووفقا لمبدأ الارض مقابل السلام والشرعية الدولية وفقا للقرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي لا سيما 242 و338 و194 وغيرها من القرارت ذات الصلة.
- اما على صعيد المقترحات نفسها ، فقد بدت تكرارا لبعض الافكار السابقة والتي تداول بها غير فريق مع بعض التعديلات غير الجوهرية ، والتي اعتبرها بعض المراقبون انها اقرب للفلسطينيين رغم انها لا تلبي طروحاتهم عمليا .
- فعلى الرغم من اقرار المقترحات بان لا مفر من بناء دولة مستقلة للفلسطينيين فان حدودها ومعالمها لم توضح ، وان اقر بان مبدأ حياة هذه الدولة واستمرارها يتتطلب تنازلات اسرائيلية في مسائل الارض عن طريق التبادل ، الا ان التحديد العام لا يعطي انطباعا مريحا للفلسطينيين .
- وفيما يتعلق بالقدس، فالمقترحات اشارت الى تقسيم القدس الى احياء ذات اغلبيات يعطى فيها السيطرة للاسرائيليين على الاحياء ذات الكثافة اليهودية ويعطى للفلسطينيين السيطرة على بعض الاحياء ذات الكثافة العربية وهي بالطبع قليلة ومعدومة في بعض المقاييس.
- اما بخصوص اللاجئين فلا عودة الا للحالات الانسانية أي لمّ الشمل وقد جاء الاقتراح بشكل خجول وغامض بحيث يستشف منه ان لا عودة لاحد الا لمن انتهت حياته عمليا ، اما الباقي فيوطن حيث هم ، اما في بلد ثالث بعد التعويض عليهم .
وباختصار لقد بدت هذه المقترحات واضحة تماما لجهة الغموض الذي يلفها ، ولم تحاول حل المشاكل بقدر ما تعطي الانطباع بتعقيدها في معرض تطبيق المقترحات ؛ ولذلك لن تكون هذه الافكار او المقترحات قابلة لترى النور لاسباب كثيرة منها ما يتعلق بطبيعتها ومنها ما يتعلق بالوقت الضائع الذي قدمت به .
وعلى أي حال وكما درجت العادة فان الانتظار سيكون سيد الموقف لتأخذ الادارة الجديدة وقتها الكافي لتحركها الذي لن يكون بالتأكيد احسن حالا من الادارة الحالية.