20‏/02‏/2008

مرصاد 1 وأخواتها : فعل ردع للمستقبل

مرصاد 1 وأخواتها : فعل ردع للمستقبل
د.خليل حسين
استاذ المنظمات والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب اللبناني
بصرف النظر عن حجم الاستثمار الذي ستؤديه الطلعة الثانية لمرصاد1 ، تبقى دلالاتها الخاصة تطغى على أي فعل داخلي او اقليمي في سياق الصراع العربي الاسرائيلي.وكونها لم تعد سابقة باتت طائرة المرصاد وأخواتها فعلا غير ناقص، بل فعل ردع للمستقبل قابل للصرف بوجه فعل التعدي الاسرائيلي الدائم على لبنان برا وبحرا وجوا.
لقد اتت الطلعة الثانية في ظروف ضاغطة على المقاومة بهدف نزع سلاحها، خارجيا ممثلة بتداعيات القرار 1559 وبقيادة امريكية فرنسية مشتركة،وداخليا ممثلة بمطالب بعض فئات المعارضة بمبررات ومسميات وشعارات مختلفة،فكيف يمكن تقييم هذه الطلعة وما هي بالتالي ابعادها وخلفياتها.
فلجهة التوقيت لا يعتبر الحدث مصادفة او نوعا من انواع الضروب الاعلامية، فسر نجاح المقاومة كان بابتعدها الدائم عن السبق الاعلامي في مختلف ميادين عملها،وهي اولا واخيرا ليست بحاجة الى اثبات حضورها الدائم في مواجهة اسرائيل بعمل من هذا النوع والحجم، وقد عوّدت المقاومة كل من يعنيه الامر بأنها قادرة وببراعة فائقة اختيار المكان والزمان المناسبين لأستثمار الظروف الاقليمية والدولية لتنفيذ عمليات موجعة ضد اسرائيل بأقل قدر ممكن من الكلفة،اضافة الى ان النتائج السياسية لعملياتها استثمرت اقليميا دون تأثير مباشر على نوعية واسلوب ادائها.
كما ان تزامن الحدث مع الضغوط الخارجية والداخلية ، هي اشارة واضحة لمن يعنيه الامر ان المقاومة لن تتأثر بظروف الضغوط التي تمارسها بعض عواصم القرار الدولي على لبنان من خلال القرار 1559، بل ان خيار المقاومة لمختلف المشاريع المطروحة في المنطقة هو الانتقال النوعي الى مستوى رفع درجة الردع القائم بين المقاومة واسرائيل،بعد محاولة الاخيرة لتغيير بعض القواعد السائدة منذ اتفاق نيسان 1996 وما استتبعته من تغييرات طفيفة بعد انسحاب اسرائيل من غالبية اراضي جنوب لبنان.
وفي نفس السياق،ان تزامن الحدث مع تعثر المفاوضات الاوروبية - الايرانية حول تخصيب اليورانيوم هي اشارة اخرى لاسرائيل بأن دخولها على الملف النووي لن يكون سهلا كدخولها السابق على الملف النووي العراقي رغم اختلاف الملفين شكلا ومضمونا واستثمارا،وبالتالي ان اي تحول اسرائيلي في هذا الملف سيكون من شأنه اعادة النظر ببعض قواعد مقاومة اسرائيل من جنوب لبنان.وبمعنى آخر ان ما يمكن ان يستجد من ظروف على المنطقة في الفترة اللاحقة سيستدعي الارتقاء الى مستويات اعلى من مستويات الردع القائمة حاليا وهي ليست بالضرورة طائرة المرصاد 1 وأخواتها.
ان عملية الاطلاق الثانية تشكل ضربة قاسية وموجعة للاستخبارات الاسرائيلية التي صرفت الكثير من الجهد لمنع وصول اسلحة نوعية للمقاومة،وهي بالتالي تشكل وجها آخرا من الحروب الاستخبارية النوعية وربما تكون مقدمة لاشياء اخرى، متعلقة بقدرة المقاومة حتى على اختراق الاجهزة الاسرائيلية وربما احد الامثلة الصارخة على ذلك، كانت استدراج العقيد احتياط الحنان تننباوم وغيرها من الملفات كعملية انصارية وغيرها الكثير من العمليات غير المعلنة والتي تصفها اسرائيل عادة ببصمات حزب الله.
ان اهم دلالات الاطلاق الثاني تظهر في اصرار المقاومة على التاكيد ان وجهة السلاح الذي تملكه مصوب باتجاه اسرائيل،وهو بطبيعة الامر غير قابل للصرف في القضايا الداخلية اللبنانية كما يدعي البعض، فهل يعي اللبنانيون جميعهم اهمية فعل الردع الذي تملكه المقاومة بمواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية؟ اسئلة ينبغي الاجابة عليها لتمتين الوحدة الوطنية الداخلية.