13‏/02‏/2008

إسرائيل واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا

إسرائيل واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
مدير الدراسات في المجلس النيابي اللبناني
تعتبر الأعراف والقوانين الدولية الأسلحة المحرمة دوليا كل ما يدخل في إطار أسلحة الدمار الشامل ،أي بمعنى الأسلحة التي تؤدي إلى إحداث قتل واسع النطاق وتدمير شامل بهدف إجبار طرف على الإذعان لشروط الطرف الآخر.ويمكن تقسيم هذه الأسلحة إلى ثلاثة أنواع؛الأسلحة النووية وتعتمد في قوتها التدميرية على عملية الإنشطار النووي حيث بامكان قنبلة نووية واحدة من تدمير أو إلحاق إضرار فادحة بمدينة بكاملها وثمة ثلاثة أنواع رئيسة من الأسلحة النووية وهي:الأسلحة النووية الأنشطارية Fission Weapons وتشمل على هذه الأنواع الفرعية: قنابل الكتلة الحرجة Critical Mass , قنابل المواد المخصبة Enriched Materials , الأسلحة النووية الأندماجية Fusion Weapons ومن أهم أنواعها القنابل الهيدروجينية Hydrogen Bombs التي تعرف أيضا بالقنابل النووية الحرارية Thermonuclear Bombs والقنبلة النيوترونية Neutron Bomb الأسلحة النووية التجميعية Combination Methods وتشمل على هذه الأنواع الفرعية: القنابل ذو الانشطار المصوب Gun-type Fission Weapon , وقنابل الأنشطار ذو الأنضغاط الداخلي Implosion Method . الأسلحة البيولوجية وتتميز بسرعة إنتاجها وقلة تكاليفها وقوة فتكها إذ تستهدف الكائنات الحية والبيئة الموجودة فيها،,وابرز الفيروسات هي: تشيكنجنيا، حمى هيمورهاجيك ،كونجو-كريمين، حمى الضنك، التهاب الدماغ الخيل الشرقي، إيبولا ، هانتاان ،حمى لاسا،حمى الوادي،الجدري،جدري القرد ،ماربرج،التشوريومينينجيتيس. الاسلحة الكيميائية وهي لا تحتاج إلى خبرات عالية لإنتاجها واستخدامها وأبرز أنواعها، الموستارد الكبريتي،في إكس ( V X )وهو مركب كيماوي عالي السّمية في حالتيه السائلة والغازية وهو يهاجم الجهاز العصبي المركزي،السارين،غاز الكلورين،السيانيد الهيدروجيني.كما أن هناك أسلحة تقليدية لكنها محرمة كالقنابل العنقودية مثلا.
وفي الواقع ثمة العديد من الحالات التي تمّت فيها استعمال مثل تلك الأسلحة كحالتي هيروشيما وناكازاكي بالنسبة للأسلحة النووية وكذلك في غزو العراق وافغانستان كاليورانيوم المنضب.أما أحدثها ما استعملته إسرائيل في عدوانها على لبنان،وأمكن رصد أربع أنواع الأسلحة المحرمة دوليا،وهي القنابل العنقودية وتتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة يتم توظيفها للهجوم على أهداف مختلفة مثل الأشخاص أو لإضرام الحرائق. وبإمكان القنابل الصغيرة تغطية منطقة كبيرة.أما القنابل الصغيرة من نوع BLU-97/B فتحتوي على عبوة تتفتت إلى حوالي 300 شظية بعد الانفجار،حلقة من الزركون لإشعال النيران وتغطي عادة مساحة عرضها 400 متر وقد اعترفت إسرائيل بإلقاء مليون ومائتي قنبلة خلال الحرب على لبنان من هذا النوع. أما الصواريخ الكيميائية فقد تكون مزودة بحشوات مختلفة منها الباريوم الحراري المصحوب بغاز Vx2 الكيميائي الذي يقتل الأعصاب و يحلل الأنسجة و الأعضاء الحية. أما النوع الآخر فهو " الديفوسجين " الخانق الذي يلهب الرئتين و يمزق جدرانها و يتلف حويصلاتها و يدخل الدم إليها ما يؤدي إلى الاختناق و هو يترك البشرة سوداء أو زرقاء اللون وهو ما تم استعماله في قصف ضحايا الرميلة جنوب بيروت.القنابل الفسفورية أو الغازية وهي نوعا من أنواع الأسلحة الكيميائية الحارقة. القنابل الفراغية التي تقوم بإفراغ الهدف من الهواء – والذي غالبا ما يكون مبنى - من الهواء بهدف تدميره كاملا. كما تمَّ استعمال مقذوفات من اليورانيوم المنضب في قصف مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت.وقد نتج عن هذا العدوان أكثر من ألف وثلاثة مئة شهيد وتدمير معظم البنى التحتية للبنان والتي تقدر كلفتها المبدئية بحوالي سبعة مليارات دولار ،كل ذلك بفضل آلة القتل الإسرائيلية.

لقد حرمت الأعراف والقوانين الدولية استعمال تلك الاسلحة ولمدة تزيد على ألفي عام، دعمت عمليات حظر استخدام السم في مدونات الحرب في العديد من الأنظمة الأخلاقية والثقافات. وراعى اليونانيون والرومان القدماء بصورة اعتيادية حظر استخدام السم والأسلحة السامة. وبدءاً من عام 500 ق.م. حظر قانون مانو للحرب في الهند استخدام مثل هذه الأسلحة. وبعد مرور ألف عام، منعت لوائح السلوك في الحرب التي استمدها المسلمون من القرآن استخدام السم. وفي الأوقات الأحدث، قنن هذا الحظر في إعلان لاهاي لعام 1899، واتفاقية لاهاي لعام 1907 وأصبح عنصراً من عناصر القانون الدولي العرفي – ملزماً لجميع أطراف المنازعات المسلحة. كما أن أي استعمال للعوامل البيولوجية بغرض التسبّب في المرض أو الوفاة أو بث الرعب محظورة بموجب بروتوكول جنيف لعام 1925 واتفاقية الأسلحة البيولوجية لعام 1972. كما أن اتفاقية الأسلحة البيولوجية تحظر أيضاً على نحو شامل تطوير وصناعة وتخزين ونقل الأسلحة البيولوجية.وكذلك اتفاقية 1993 لحظر استعمال الأسلحة الكيميائية وتدميرها.إضافة إلى عشرات البروتوكلات الملحقة بهذه الاتفاقيات وغيرها.
وربما تثار أسئلة كثيرة حول تصنيع هذه الأسلحة طالما محرمة ولماذا يعاقب القانون من يستخدمها ولا يحاسب من يصنعها؟ في الواقع من يملك قدرات تصنيع هذه الأسلحة هي الدول الكبرى أو من يدور في فلكها،وبطبيعة الأمر هي من تملك الباع الطويل في فرض القوانين ذات الصلة بهذه الأسلحة وبالتالي هي القاضي والجلاد في آن معا في ظل ظروف النظام الدولي القائم.فحتى في العديد من الاتفاقيات الدولية ثمة العديد من الثغرات التي كفلت لتك الدول التحكم بآليات تخزين تلك الأسلحة والشروط الممكنة لتدميرها.فكيف يمكن منع إنتاجها أو تخزينها أو استعمالها وصولا لمحاسبة من يستعملها؟ ثمة استحالة لذلك في وقت يتكرس فيه منطق القوة المفرطة والغاشمة في آن معا.