اللاجئون الفلسطينيون في لبنان
دراسة مقدمة الى مؤتمر الحوار الوطني اللبناني - المجلس النيابي
آذار 2006
د.خليل حسين
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
رئيس مصلحة الدراسات في مجلس النواب اللبناني
اولا : تاريخ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
يواجه أي مراقب لوضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان صعوبة مزدوجة تتمثل أولا في المراحل المختلفة التي مرت عليهم من حروب وتشريد، وثانيا في غياب التشريعات التي تكفل حمايتهم من الناحية القانونية، عكس بقية اللاجئين في العالم الذين يتمتعون بهذه الحماية من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
1948 : إعلان دولة إسرائيل وبداية نزوح اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان. وشكل مجموع اللاجئين في الهجرة الأولى حوالي المائة ألف فلسطيني إلى الجنوب اللبناني.
1951: اعتمدت الأونروا تعريف اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي كان مسكنه في فلسطين لعامين سبقا نزاع 1948 والذي نتيجته أن خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ عام 1948 إلى البلدان التي تكفل الوكالة فيه الإغاثة.
1956: وصول أعداد أخرى من اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر وقدرت أعدادهم بخمسة آلاف فلسطيني، منحتهم السلطات اللبنانية حق الإقامة لكنهم حرموا من خدمات الأونروا لعدم قبولها نقل سجلاتهم من غزة إلى لبنان، لكن أوضاعهم سويت لاحقا عامي 1962 و1969.
1967: بداية الهجرة الثالثة مع بداية الحرب العربية الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية.
1969: اتفاق القاهرة بين منظمة التحرير والحكومة اللبنانية وتم بموجبه الاتفاق على حق العمل والإقامة والتنقل للاجئين الفلسطينيين المقيمين بلبنان، وبمقتضاه تنشأ لجان من الفلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح اللاجئين بالتعاون مع السلطات المحلية.
1970: تصادم بين السلطات الأردنية والمقاومة الفلسطينية فيما عرف بأيلول الأسود أدى إلى القضاء على الوجود الفلسطيني المسلح في الأردن وانتقاله إلى لبنان. وفي نفس العام كانت قمة القاهرة التي أسفرت عن عقد مصالحة بين عاهل الأردن الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات.
1975: الحرب الأهلية اللبنانية وكانت نتيجة أحداث داخلية كانت المقاومة الفلسطينية طرفا في بعض منها، ما أدى إلى ارتكاب مجازر بحق سكان المخيمات الفلسطينيين .
1982: الاجتياح الإسرائيلي للبنان وأسفر عن إجبار منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من لبنان ونقل مؤسساتها العسكرية إلى تونس ومن ثم غلق معظم مؤسساتها التي كانت تدعم الكثير من اللاجئين، وفرض على من يرغب البقاء في لبنان الخضوع للسيطرة اللبنانية وكان من نتيجة الاجتياح مجزرة صبرا وشاتيلا. وقد أدى خروج المنظمة إلى استفحال البطالة في كافة المخيمات وإلى تهجير عدد كبير من سكان مخيمات الجنوب وبيروت.
1983: انفجر الوضع العسكري بين الموالين للجنة المركزية والمعارضين لها في حركة فتح في كافة المخيمات وخاصة في مخيمات الشمال اللبناني، وقد أدت هذه الأحداث مجتمعة إلى سقوط العديد من القتلى في صفوف المدنيين من اللاجئين الفلسطينيين.
1985: تدهور وضع الفلسطينيين في لبنان مترافقا مع حروب المخيمات وما استتبعها من عنف عشوائي. ومن أبرز ملامح تلك الفترة العمل بمذكرة إدارية صادرة عن الأمن العام اللبناني عام 1987 تميز بين اللاجئ الفلسطيني منذ 1948 والمسجل لدى الدولة والأونروا وغيره من اللاجئين.
1987: إلغاء المجلس النيابي اللبناني ما جاء في اتفاق القاهرة الموقع عام 1969 بين الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية والذي كان يتضمن إقرارا بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن ثم عاد الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين شبيها بما كان عليه قبل العام 1969.
1989: نهاية الحرب الأهلية اللبنانية بناء على قرارات قمة الطائف.
1991: قرار الحكومة اللبنانية بفتح حوار مع الفلسطينيين بشأن الحقوق الاجتماعية للاجئين لكن ما لبثت المفاوضات أن توقفت.
1993: اتفاق أوسلو الذي رفضه الفلسطينيون في مخيمات اللاجئين في لبنان فرفعوا الأعلام السوداء في مايو/ أيار 1994 احتجاجا على الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني. وشعرت الحكومة اللبنانية بالخطر من أن ينتهي الاتفاق بالتوطين الدائم للاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم الحالية. واقترحت وزارة الخارجية اللبنانية إعادة توطين اللاجئين بحيث يتوجه 20% منهم إلى مناطق الحكم الذاتي ويعاد توطين 25% في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، ثم توطين الباقي في مناطق تحتاج إلى عمالة مثل أميركا وكندا ودول كثيرة أخرى في الشرق والغرب.وشهد هذا العام بداية تراجع خدمات الأونروا للاجئين الفلسطينيين وشمل مختلف الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية مما سجل معاناة إضافية للاجئ الفلسطيني الذي يعاني أصلا من ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة.وفي هذا العام بلغ تعداد اللاجئين في لبنان أكثر من 350 ألفا أي ما نسبته 8-9% من تعداد اللبنانيين.
1995: تعديلات وأحكام على القانون اللبناني المنظم لعمل الأجانب شملت أكثر من 70 مهنة لا يحق لغير المواطنين اللبنانيين ممارستها، وضرورة الحصول على رخصة عمل من الجهات المختصة لممارسة أي مهنة. لم تستثن هذه الأحكام الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
2000: صدور قانون لمجلس النواب اللبناني يمنع حق التملك العقاري لمن لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها وترجم على أن الفلسطينيين هم المعنيون بهذا القانون. وتشير بعض الإحصاءات اللبنانية شبه الرسمية إلى أن أكثر من 50% من اللاجئين الفلسطينيين يحصلون على دخل يقل عن 90 دولارا شهريا ويعيشون تحت خط الفقر، وتستعيض الحكومة اللبنانية عن العمالة الفلسطينية الزهيدة بالعمالة السورية الوافدة التي يقدر عددها بأكثر من 100 ألف عامل.
شكل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ما نسبته 10% من مجموع اللاجئين المسجلين لدى الأونروا، وحوالي 11% من مجموع سكان لبنان.وقد جاء في
إحصائيات وكالة الغوث الدولية (الأونروا) في 31 مارس/ آذار 2003
مجموع اللاجئين المسجلين في لبنان 390.498 لاجئا.
مجموع اللاجئين المقيمين في داخل المخيمات بلغ 220.052 لاجئا.
مجموع اللاجئين المقيمين خارج المخيمات بلغ 170.446 لاجئا.
اسم المخيم
المساحة بالدونم
التعداد بالألف
نهر البارد
200
28.931
البداوي
200
15.982
برج البراجنة
104
20.162
ضبية
83.6
4.216
مار الياس
5.4
1.414
عين الحلوة
290
44.775
الرشيدية
248.4
25.081
البرج الشمالي
134
18.375
البص
80
9.951
شاتيلا
39.5
12.116
ويفل (الجليل)
43.44
7.478
المية ومية
54
4.995
ثانيا:اللاجئون الفلسطينيون وحصار القوانين في لبنان
يواجه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان واقعا معيشيا صعبا في ضوء غياب التشريعات والقوانين التي تكفل حمايتهم، رغم مضي أكثر من نصف قرن على وجودهم فوق الأراضي اللبنانية
عقدت الحكومة اللبنانية عام 1969 اتفاقا مع منظمة التحرير الفلسطينية سمي "باتفاق القاهرة" أقرت الأولى بمقتضاه بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، إلا أنها ألغت هذا الاتفاق فعليا عام 1982 عقب خروج المنظمة من الأراضي اللبنانية، وفي عام 1987 ألغى المجلس النيابي اللبناني هذا الاتفاق رسميا ومن طرف واحد.
تلت تلك الفترة اتخاذ الحكومة اللبنانية العديد من الإجراءات أثرت بشكل مباشر على حياة اللاجئين الفلسطينيين، فتحت عنوان "رفض التوطين" وتأييد "حق العودة" وفق القرار رقم 194 الصادر عن الأمم المتحدة عام 1948، صدرت قوانين تنظم في ظاهرها شأنا داخليا لبنانيا لكنها قصدت في واقعها التعامل مع حالة اللاجئين الفلسطينيين بما لا يسمح لهم بالاندماج في مجتمعهم الجديد ولو في إطار إنساني بحت. ومن أشهر تلك القوانين قانونا العمل والتملك
أصدر وزير العمل والشؤون ألاجتماعية في العام 1951 قراراً حظر بموجبه العمل على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بذريعة تشكيلهم منافسة ليست في مصلحة العمال اللبنانيين ولبنان عموماً. وجاء قرار وزير العمل في عهد الرئيس أمين جميل بتاريخ 18/12/1982، حاملاً الرقم 289/1، ليحصر ممارسة معظم المهن باللبنانيين فقط ومن ثم جرى استصدار قرار يحمل الرقم 621/1 بتاريخ 15/12/1995 عن وزير العمل أسعد حردان يكرس الموجود ويحدد المهن والأعمال الواجب حصرها باللبناني. وجاءت مذكرة وزير العمل الحالي طراد حمادة لتفتح المجال أمام الفلسطينيين المولودين على ألأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في وزارة الداخلية اللبنانية، لممارسة المهن المحصورة باللبنانيين لكن المذكرة لا تفتح الباب أمام الفلسطينيين على كل المهن إذ تبقى المهن الحرة التي تحكمها قوانين نقاباتها والتي تضع في مجملها (أطباء، مهندسين ومحامين ومحاسبين وصيادلة...) شروطاً لا يلبيها وضع صاحب المهنة الحرة الفلسطيني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر شرط المعاملة بالمثل، فأين الدولة الفلسطينية التي يمكن للطبيب اللبناني العمل بها،.وهناك حوالى ثلاثمئة مهندس فلسطيني مسجلون في لبنان وثلاثمئة وخمسين طبيباً وأربعين حقوقياً وهذه ألأرقام غير ثابتة لأن حركة هجرة الفلسطينيين وسفرهم من لبنان غير ثابت.
1 - مهن متاحة
الأعمال المحصورة باللبنانيين وباتت تشمل الفلسطينيين هي: الأعمال الإدارية والمصرفية على اختلاف انواعها وبصورة خاصة عمل: نائب المدير رئيس الموظفين امين الصندوق المحاسب السكرتير المستكتب الموثق امين محفوظات كومبيوتر المندوب التجاري مندوب التسويق مراقب اشغال امين مستودع بائع صائغ خياط رتّى التمديدات الكهربائية الميكانيك والصيانة اعمال الدهان تركيب الزجاج الحاجب الناطور الحارس السائق السفرجي الحلاق الاعمال الالكترونية طاهي مأكولات عربية المهن الفنية في قطاع البناء ومشتقاته كالبلاط والمورق وتركيب الجفصين، والالمنيوم، والحديد، والخشب، والديكور وما شابه ذلك اعمال الميكانيك والحدادة والتنجيد التمريض جميع انواع الاعمال في الصيدليات ومستودعات الادوية والمختبرات الطبية التدريس في المراحل الابتدائية والمتوسطة باستثناء تدريس اللغات الاجنبية عند الضرورة الاعمال الهندسية بمختلف الاختصاصات اعمال الكيل والمساحة وبصورة عامة جميع الاعمال التي يتوفر فيها لبنانيون لإشغالها.
2 - مهن ما زالت محظورة
الأعمال التجارية على اختلاف انواعها اعمال الصرافة المحاسبة الكوميسيون الأعمال الهندسية بمختلف انواعها الصياغة الطباعة والنشر والتوزيع. المهن الحرة (هندسة، طب، صيدلة، محاماة والصحافة)، ما زالت محظورة الا على اذن بمزاولة المهنة من الجهات المختصة، كل مهنة او عمل يثبت انه يشكل مزاحمة او ضرراً لأصحاب العمل اللبنانيين.
يمكن القول ان تأثر قرار وزير العمل طراد حمادة لن يكون بحجم الصخب الذي أثاره. فالأعمال التي سمح بمزاولتها يؤديها الفلسطينيون اليوم، وبشكل سري، ولاسيما مع مغادرة عدد كبير من العمال السوريين للبنان. وربما يستريب البعض من أن شرعنة هذه الأعمال سيرتب أعباء اضافية على أرباب العمل والعمال لاستصدار رخص وما شابهها. أما المهن التي كان يمكن أن تشكل فارقا فقد بقيت محظورة، وذلك اساسا بموجب قوانين نقابات المهن المعنية.
3 - قانون التملك
في 21 مارس/ آذار 2000 صدق مجلس النواب اللبناني على تعديلات أدخلت على قانون الملكية العقارية. وجاء في نص المادة 296 منه أنه "لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين..".
وبموجب هذا القانون فقد حرم الفلسطينيون من التملك في لبنان، ومن تملك منهم فإنه يحرم على ورثته انتقال الملكية إليهم بعد وفاته، كما ترتب عليه كذلك منع الفلسطينيين من البناء في المخيمات أو حتى إعادة بناء المتهدم منها مثل مخيمات جسر الباشا وتل الزعتر والنبطية.
ثالثا : ملاحظات ومقارابات
هناك العديد من الدوافع تقف محركا وراء إقدام لبنا على اتخاذ مثل تلك التدابير بحق اللاجئين الفلسطينيين، يمكن إجمالها في الآتي:
- اعتبارات التركيبة الديمغرافية: فمعلوم أن التركيبة السياسية في لبنان مكون طائفي يعتمد المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في الوظائف العامة. ويخشى المسيحيون إذا تم توطين وتجنيس نحو 400 ألف لاجئ فلسطيني أغلبهم من المسلمين السنة، أن يشكلوا أقلية تدفع الأغلبية المسلمة إلى تغيير النظام لصالح ديمقراطية عددية.
- الفلسطينيون والحرب الأهلية: اعتبر بعض اللبنانيين أن اللاجئين الفلسطينيين هم المسؤولون الرئيسيون عن الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت من 1975 وحتى 1991،
- التمسك برفض التوطين وحق العودة: يواجه الرسميون اللبنانيون بانتقادات شديدة تتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين وبأن حالهم يعد الأسوأ مقارنة مع اللاجئين في سوريا والأردن، لكن هؤلاء الرسميون يبررون الإجراءات المتخذة ضد الفلسطينيين في لبنان بأنها تهدف إلى عدم تسهيل إقامتهم للضغط باتجاه إيجاد حل لهم في إطار ما يعرف برفض التوطين المنصوص عليه في مقدمة الدستور اللبناني، وقرار حق العودة رقم 194، وأنهم يعملون ضمن تلك النصوص بما يصب في صالح القضية الفلسطينية.
رغم كل تلك الحجج المساقة فإن واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان -بشهادة اللبنانيين أنفسهم- يعد مأساويا في ضوء انعدام الكثير من الحقوق المدنية والقانونية التي تكفل لهم حدا ضئيلا من العيش الكريم، الأمر الذي لا تقوى معه تلك الحجج في تبرير هذه الإجراءات التي يقف العديد من اللبنانيين -وعلى رأسهم عدد من النواب- في مقدمة المطالبين بتغييرها.
رابعا: مقترحات
1 – ايجاد آلية متابعة لبنانية من بين مهامها الاتصال بالمنظمات الرسمية والاهلية الفلسطينية للوقوف بدقة على احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
2 – قيام اللجنة الآنفة الذكر بأعمال الاتصال والمتابعة مع الهيئات الدولية المكلفة العناية باللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتفعيل اعمالها.
3 – القيام باتصالات خارجبة مع الدول العربية بهدف تمويل مشاريع تحسبن اوضاع اللاجئين اقتصاديا واجتماعيا.
4 – القيام بمسح كامل للتشريعات اللبنانية المتعلقة بااللاجئين الفلسطينيين وتقديم اقتراحات بتعديل بعضها بما يتناسب وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين لا سيما المتعلق بقانوني العمل والتملك.
خارطة توزيع المخيمات الفلسطينية في لبنان