16‏/02‏/2008

لجنة تقصي الحقائق واستثناء إسرائيل الدائم

لجنة تقصي الحقائق واستثناء إسرائيل الدائم
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني
الخميس : 2-5-2002

ما جرى وسيجري لفلسطين وشعبها استثناء بوجهين ، الاول يتعلق بمآسي الشعب الفلسطيني واستثنائيته باعتبار ما جرى له لم يلحظه أي شعب في التاريخ، والثاني يتعلق باستثناء اسرائيل الدائم من أي قرارات دولية قد تتخذ بمجازرها على مر تاريخها الحافل بالمجازر .
فمن مخيم جنين ورجوعا الى كفر قاسم ومرورا بصبرا وشاتيلا شواهد كثيرة ، متنوعة ومتعددة ، بتعدد وتنوع الاهداف والاستراتيجيات الصهيونية ، الا ان الجامع فيها كلها، ان اسرائيل لم تكن يوما الا الطرف المستثنى من لجان التحقيق والاستقصاء التي اوصت بها الامم المتحدة رغم عدم فعاليتها وامكانية استغلالها بالشكل والكيفية المطلوبتين .
واخيرا ولن تكون الآخرة ، فقد تشجع مجلس الامن الدولي واصدر القرار 1405 الخاص بتأليف لجنة لاستقصاء المعلومات عما جرى في جنين ، الا ان التدقيق في نص القرار والظروف الذي رافقه يشير الى العديد من الامور ابرزها :
- لقد جاء القرار متأخرا كثيرا بحيث اعطى اسرائيل الوقت الكافي لاخفاء بعض معالم الجرائم التي ارتكبتها في مختلف المناطق الفلسطينية .
- لقد جاء القرار بموافقة اميركية بعد طول اعتراض اسرائيلي وصيغ القرار وفقا للشروط والمطالب الاسرائيلية – الاميركية .
- لقد اتخذ القرار وفقا للفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة الذي يستوجب موافقة الطرف المعني به .
- لقد صيغ القرار بجمل وتعابير لغوية قابلة للتأويل والتفسير وفقا للمشيئة الاسرائيلية.
- لقد تضمن القرار في ديباجته تعابير تنم على محاباة اسرائيل ومحاولة عدم ادانتها مسبقا، حيث نص على حالات " الموت" للسكان ولم ينص على حالالت القتل الجماعي كما هو معروف ومؤكد.
- نص في مادته الثالثة على لجنة لاستقاء المعلومات وليس على تقصي او تحقيق ، والفارق هنا كبير ، اذ ان استقاء المعلومات في اللغة العربية لا يعني بالضرورة على التقصي والبحث والتحقيق ، الامر الذي يتطلبه أي عمل لادانة مفترضة .
- لقد حصر القرار عمل اللجنة في مخيم جنين فقط ، أي على رقعة جغرافية محددة، رغم ان عمل اللجنة يمكن ان يمتد الى خارجها ، نظرا للمجازر المتعددة التي ارتكبت خارج مخيم جنين اولا وثانيا لان موضوع الجريمة المرتكبة وهي الجثث قد نقلت الى خارج جنين.
- ان مجمل تلك الوقائع تثبت سعي الولايات المتحدة الدائم الى استثناء اسرائيل من القرارات الدولية والسعي الدؤوب على عدم شملها بأي امر يمكن ان يساهم ولو بطريق غير مباشرة في ادانتها، فالى متى ستظل اسرائيل الاستثناء الدائم على اجندة المؤسسات الدولية ، والى متى سيظل العرب يقايضون مصالحهم الاستراتيجية بمواقف تكتيكية لا معنى لها ، فهل يساوي الافراج عن ياسر عرفات من مخبأه المختار بحصار فلسطين وضرب الانتفاضة والغاء عمل لجنة التحقيق ، التي سارع الامين العام للامم المتحدة الى الغائها بعد ما رفضت اسرائيل التجاوب معها، ولم يجرؤ حتى الآن الى دعوة مجلس الامن لمناقشة الموضوع واتخاذ ما يلزم من اجراءات وفقا للفصل السابع من ميثاق المنظمة .