16‏/02‏/2008

وصول ارئيل شارون إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية

وصول ارئيل شارون إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية
استاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني
الخميس : 7-2-2001

ربما لم يكن مفاجئا البتة وصول ارئيل شارون الى سدة السلطة في اسرائيل وهو الذي سعى اليها ملاذا لتنفيس احلامه الدفينة التي غالبا ما كانت مجازر واحقادا لا توصف ، وكراهية لا تصنف ، وتصلبا لا يلين تحت أي ضغط كان .فهل ان السلطة ستستوعبه ؟ ام انه ستزيده عنفا وشراهة نحو القتل ؟ ام انه سيصبح نمرا من ورق بعدما وصل الى قمة ما يحلم به ؟ وهل انه بمثابة الفحم الذي ينقص حدادي حزب اللة ومقاومته ؟ وهل ان وصوله قد اوجد عدة الشغل للمقاومة الاسلامية والانتفاضة في الداخل ؟ وما هي آثار وصوله على الداخل الاسرائيلي والعربي والعملية السلمية ان كانت لا تزال موجودة حتى الآن ؟.
بداية وواقعا ، ان جملة من المفارفات قد اوصلته الى سدة السلطة في اسرائيل ، فمن الناحية العملية يعتبر سقوط بنيامين نتنياهو في انتخابات الرئاسة والنيابة للكنيست وخسائر اسرائيل المتلاحقة في لبنان كانا بمثابة حجر الرحى لعزل بنيامين نتنياهو عن زعامة الليكود وبالتالي عدم وجود خلفاء اقوياء للزعامة غير شارون مما اوصلته ظروف القراغ الى الرئاسة ، كما انه عرف كيف يستفيد من ظروف ايهودا باراك وسحب قواته من جنوب لبنان ليقوي مواقعه في صفوف المتطرفين الاسرائيليين وخاصة في الليكود.
اما الناحية الثانية التي لعبت دورا حاسما في ايصاله هي مراوغة ايهودا باراك في التسوية مع الجانب الفلسطيني وعدم التوصل الى أي شيء يذكر ، مما افقد الاسرائيليين بوصلة السلام الموهوم بين العرب والاسرائيليين ، كما افرزت ظاهرة التطرف الاسرائيلي مجددا وقسوتها في التعامل مع الفلسطينيين وسلطتها المقلمة الاظافر والمستوعبة بدقة متناهية .
ان هذا الواقع حدا بدغدغة احلام انتفاضة الحجارة في الداخل الفلسطيني مما اوجد ظروفا جديدة دفعت بالطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى التصلب والذهاب بعيدا في خيارات المواجهات المفتوحة سياسيا عبر الانتخابت وعدم مشاركة عرب 1948 فيها ، وعسكريا وأمنيا عبر انتفاضة الحجارة وتطورها الى مواجهات عسكرية منظمة ومحددة الاهداف والآليات والغايات ، اضافة الى ذلك تفجر الموقف الشعبي العربي بشكل لافت ووقوفه الى جانب الموقف الطبيعي المساند الى اشعال الانتفاضة والعداء لاسرائيل والدعوة الى انهاء عملية السلام ، مما دفع الى بعض " التصلب " العربي الرسمي باتجاه اتخاذ مواقف متشددة داعمة للفلسطينيين لا سيما في مؤتمر القمة العربية في القاهرة .
اذن لجميع تلك الاسباب ولغيرها اتى شارون الى سدة السلطة في اسرائيل عبر ظروف استثنائية جدا ، فيها حيرة بعض العرب لكيفية انجاح بارك وعصاه الغليظة ، وفيها تردد من قبل البعض الفلسطيني وخصوصا تيار عرفات لكيفية التعامل مع الاسرائيليين وخصوصا باراك الذي دعم الى آخر لحظة في اجتماع طابا أي قبل موعد الانتخابات بيوم واحد لعل هذه الجرعة تحيي آمال المستسلمين للسلام الموعود حامل السم الى قلوب الساعين اليه .
اما لجهة آفاق شارون في الحكم فانه لا بد سيتغير بعض الشيء لجهة تحسين صورته في الخارج وهو سيكون شكليا خصوصا وانه معلروف النكهة لجهة المجازر التي اشتهر بها ، ولذلك ستستوعبه السلطة في الشكل وليس في المضمون خصوصا وان من المؤكد ستقوم حكومة اتحاد وطني ستكون علاماتها الفارقة تقاسم آليات اتخاذ القرار بين الليكود والعمل ، وبالتالي حكومة تخوّف الكثيرين ان كان لجهة الحرب المقبلة ونتائجها ، او على مستقبل الوضع السياسي الاسرائيلي والفلسطيني تحديدا والعربي بشكل عام واللبناني والسوري بشكل خاص .
ان اهم ما في الامر ، فرحة المقاومة الاسلامية وحزب الله والانتفاضة في الداخل لهذا النجاح ، باعتباره يشكل عدة الشغل ، والفحم لحدادي المقاومين ، باعتباره كذلك مناسبة لتلقين شارون وتياره درسا لن ينساه كما تعلمه حليفه القديم الجديد ايهودا باراك ، وسلفه في الليكود بنيامين نتنياهو .
وأيا يكن الامر فان الوضع دقيق جدا في المنطقة بدءا من الحرب المفتوحة الاحتمالات وانتهاءا بالتسويات المحتملة بعدها ، خصوصا وان هناك من التناغم الاسرائيلي والادارة الامريكية ما يكفي للاعتقاد بشكل لايقبل الشك عن نية الولايات المتحد الامريكة انتهاج اساليب مختلفة لحجم وجودها وادارتها لعملية التسوية الضائعة بنظر المروجين والداعين لها .
ان القاعدة في اسرائيل باتت معروفة وهي ان حزب العمل يخوض الحرب والليكود يعقد الاتفاقات ، الا ان هذه المرة يمكن ان يكون الامر مختلفا بعض الشيء ، وهي مشاركة الاثنين بالحرب وما سينتج عنها ، الا ان الاكيد نتائجها لن تكون كالسابق لان المعطيات مختلفة وأبرزها المقاومة والانتفاضة وما يمكن ان تمثلا .