13‏/02‏/2008

إشكاليات عمل قوة حفظ السلام في لبنان

إشكاليات عمل قوة حفظ السلام في لبنان
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني

برزت مسألة توسيع وتفعيل قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان بقوة في سياق العدوان الإسرائيلي علي لبنان، بهدف إنهاء الحرب ومنع حدوث تصعيد عسكري جديد بين لبنان. وكانت هذه الإشكاليات نابعة في الأساس مما كان معروفاً عن هذه القوات منذ تأسيسها في أواخر عام 1978 من أنها تفتقر إلى العدد والعتاد اللازم لتمكينها من السيطرة بصورة كاملة على الوضع العسكري في مناطق عملياتها.
وقد امتد الجدل بشأن قوات اليونيفيل إلى العديد من النقاط، بما في ذلك التفكير في بادئ الأمر في الاستغناء تماماً عن هذه القوات، لعدم فاعليتها، مع استبدالها بقوات دولية جديدة، مع تفضيل أن تكون تلك القوات الجديدة تابعة لحلف شمال الأطلسي. وعندما جرى استبعاد تلك الفكرة، والاتجاه نحو تبنى خيار توسيع وتعزيز قوة اليونيفيل الموجودة، فإن ذلك لم يمنع بروز إشكاليات أخرى، بشأن طبيعة التفويض الممنوح لهذه القوة والمهمات المكلفة بها وقواعد الاشتباك التي سوف تعمل على أساسها، فضلاً عن نشوء إشكاليات تتعلق بمستقبل المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
أولا : اليونيفل بين الاستبدال والتعزيز
ظلت إسرائيل طيلة الأيام العشرة الأولى من الحرب ترفض فكرة نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، باعتبار أن تلك الفكرة كانت سابقة لأوانها على حد قول إيهود أولمرت. وعندما تخلت إسرائيل عن هذا الموقف، رفضت بشدة في البداية الاستعانة بقوات اليونيفيل الموجودة أصلاً في جنوب لبنان. وأعربت منذ و23 تموزعن دعمها لفكرة نشر قوات دولية على الحدود بينها وبين لبنان، على أن تكون هذه القوات مزودة بقدرات قتالية كافية لمنع حزب الله من البقاء في مناطق الجنوب اللبناني، واقترح كبار مسؤولي الحكومة الإسرائيلية في البداية أن يتولى حلف شمال الأطلسي قيادة هذه القوات، على أن يكون وجود هذه القوات المتعددة الجنسية مؤقتاً حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار والعمل بشكل فعال في المناطق الحدودية، كما طالبت إسرائيل بضمانات دولية بأن تتمتع القوات المقترحة بتفويض واضح وقدرة قتالية كافية، ومنع حزب الله من إعادة تسليح نفسه مجدداً، وبأن يبدأ الجيش اللبناني بمساعدة دولية في نزع سلاح الحزب.
لقد كان هذا التحول في الموقف الإسرائيلي من مسألة نشر قوات دولية تعبيراً قوياً على اعتراف حكومة أولمرت بالفشل في مواجهة حزب الله، إذ كان الرفض الإسرائيلي للتباحث بشأن نشر قوات دولية خلال الأيام العشرة الأولى للحرب عائداً إلى أن حكومة أولمرت كانت تتصور أنها سوف تنجح بقدراتها الذاتية في سحق حزب الله وتدمير قدراته العسكرية ونزع سلاحه بالكامل، وهو ما كان واحداً من الأهداف الرئيسة المعلنة من جانب تلك الحكومة، إلا أن معاودتها القبول بمسألة نشر قوات دولية كان محاولة من جانبها لتحقيق ما فشلت فيه عسكرياً بالوسائل السياسية.
وقد أثار الطرح الإسرائيلي ردود فعل متباينة، حيث أيدت إدارة جورج بوش في الولايات المتحدة فكرة إرسال قوة حفظ سلام يقودها حلف الناتو إلى حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل، مع التأكيد على أن الهدف الرئيس لهذه القوة سوف ينصب على التأكد من أن حزب الله لن يستعيد قدراته العسكرية، ولن يمثل تهديداً لإسرائيل. وكان التصور الأمريكي لهذه القوة في بادئ الأمر يتمحور حول أن تكون مزودة بتفويض من مجلس الأمن، ولكن من دون أن تكون تابعة للأمم المتحدة، وإنما تكون تابعة لقيادة حلف الناتو، إلا أن إدارة بوش رفضت منذ البداية الإسهام بأي جنود أمريكيين في هذه القوات، باعتبار أن لديها أعداداً كبيرة من الجنود في العراق وأفغانستان، وليس لديها قوات إضافية يمكن إرسالهم إلى جنوب لبنان.
لكن في الجانب الآخر، أثار اقتراح قيادة حلف الناتو لهذه القوة الدولية معارضة شديدة من جانب العديد من الأطراف اللبنانية والعربية والأوروبية، سواء من جهة مشاركة حلف الناتو فيها، أو من جهة التفويض والمهمات الموكلة إليها. فقد اعتبر الكثير من الأطراف أن تفويض هذه القوة الدولية بالقيام بنزع سلاح حزب الله يعنى أن مهمة هذه القوة لن تكون مهمة حفظ سلام تقليدية، وإنما سوف تكون مهمة لفرض وإحلال السلام، وليس بعثة لحفظ السلام، وهى مسألة لن تكون مقبولة من جانب العديد من الفرقاء، لاسيما اللبنانيين، إضافة إلى أن كثيراً من الدول سوف ترفض المشاركة بجنودها في هذه القوة.
وواجهت هذه الفكرة معارضة قوية حتى من جانب بعض كبار مسؤولي حلف الناتو الذين شددوا على أفضلية التركيز على توسيع قوة حفظ السلام الموجودة في جنوب لبنان، بدلا من السعي لتشكيل قوات جديدة أو إشراك مؤسسات أخرى في هذه المهمة. وقد رفضت الفكرة أيضاً من جانب العديد من القوى السياسية اللبنانية التي رأت أن القوة الدولية المقترحة سوف تكون بمثابة قوة احتلال للبنان، وسوف تكون مهمتها الأساسية هي محاربة حزب الله وضمان أمن إسرائيل. ورفضت فرنسا أيضاً هذا الاقتراح بسبب الصورة المعروفة عن حلف الناتو باعتباره الذراع العسكرية للغرب فى تلك المنطقة من العالم، على حد قول الرئيس جاك شيراك
وكانت هذه المسألة موضوعاً رئيساً في العديد من اللقاءات الدولية، لعل أبرزها قمة الدول الصناعية الثمانية الكبرى ومؤتمر روما بشأن حرب لبنان والمداولات الجارية في مجلس الأمن. ومن خلال المناقشات الجارية في هذه المحافل، جرى الابتعاد عن فكرة نشر قوات تابعة لحلف الناتو، مع الاتجاه تدريجيا نحو تبنى خيار تعزيز قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، بحيث يجرى معالجة أوجه القصور التي أحاطت بعمل هذه القوات، لاسيما فيما يتعلق بضآلة العدد والعتاد، فضلاً عن توسيع نطاق الصلاحيات الممنوحة لهذه القوات.ولتحقيق هذا الغرض، فإن القرار 1701 تضمن تعديلاً فى هيكلية قوة اليونيفيل من ناحيتين رئيسيتين هما:
- الأولى، توسيع نطاق التفويض الممنوح لقوة اليونيفيل، حيث كان التفويض الممنوح لهذه القوة بموجب قراري مجلس الأمن 425 و426 لعام 1978 يقتصر على تكليفها بثلاث مهمات هي: التأكد من انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، واستعادة السلام والأمن الدوليين في تلك المناطق، ومساعدة حكومة لبنان على ضمان عودة سلطتها الفعلية في المنطقة، في حين أن القرار 1701 لعام 2006 وسَّع من مهمات قوة اليونيفيل بحيث شملت: مراقبة وقف العمليات العدائية، ومرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية التي تنتشر في الجنوب، وتوسيع مساعدتها للإسهام في ضمان الوصول الإنساني إلى السكان المدنيين وعودة الأشخاص المهجرين بشكل إرادي وآمن، ومساعدة القوات اللبنانية في اتخاذ خطوات باتجاه إقامة المنطقة المنزوعة السلاح، وفى تأمين حدودها، مع تكليف اليونيفيل بالقيام بكل التحركات الضرورية في مناطق نشر قواتها، وفى إطار قدراتها، للتأكد من أن مناطق عملياتها لا تستخدم للأعمال العدائية.
- الثانية، تعزيز حجم قوة اليونيفيل بدرجة كبيرة، حيث كان حجم هذه القوة قبل حرب لبنان يقتصر على حوالي ألفي جندي، يساعدهم 50 مراقباً عسكرياً، و101 من الموظفين المدنيين الدوليين، بالإضافة إلى 296 موظفاً مدنياً محلياً، في حين أن القرار 1701 نص على زيادة حجم قوات اليونيفيل إلى حوالي 15 ألف جندي.
وكان تعزيز قوة اليونيفيل على هذا النحو يمثل تجاوباً إلى حد كبير مع الرؤية اللبنانية والعربية، لاسيما من حيث رفض نشر قوات غير تابعة للأمم المتحدة، والاكتفاء بتعزيز قوة اليونيفيل الموجودة في لبنان، أخذاً في الاعتبار أن وجود هذه القوة بحد ذاته يعتبر مؤقتاً لحين استكمال نشر الجيش اللبناني في مناطق الجنوب، ووصوله إلى المستوى الذي يسمح له بأن يتولى بنفسه حفظ الأمن والنظام في تلك المناطق، علاوة على أن أهمية هذا التطور كانت نابعة أيضاً من كونها جاءت في إطار ترتيبات متكاملة، تشتمل على وقف نهائي لإطلاق النار، مع التحضير للتوصل إلى اتفاق سياسى مقبول من مختلف الأطراف.
ثانيا: التفويض ونزع سلاح المقاومة
وعلى الرغم من أن القرار 1701 حسم مسألة المرجعية والتفويض اللتين تحكمان عمل قوة اليونيفيل، من حيث رفض إسناد القرار إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يعنى أن مهمة اليونيفيل تندرج في الإطار التقليدي لعمليات حفظ السلام، إلا أن ذلك لم يمنع نشوء مشكلات تتعلق بالضمانات وقواعد الاشتباك والمهمات المحددة التي سوف تكلف بها هذه القوات لدى انتشارها في مناطق الجنوب اللبناني.
وقد برزت هذه المشكلات أثناء المباحثات التي جرت في الأمم المتحدة بين الأمانة العامة للمنظمة الدولية والدول المدعوة للمساهمة في القوة المعززة. وكانت فرنسا الدولة الأكثر قلقاً من غموض المسائل المتعلقة بالضمانات وقواعد الاشتباك ومهمات اليونيفيل التفصيلية، حيث ارتأت أن هذا الغموض يمكن أن يضع قواتها في موقف صعب ، واتجهت الحكومة الفرنسية لهذا السبب في بادئ الأمر نحو تقليص حجم مشاركتها العسكرية في القوة المعززة، على نحو يقل كثيراً عن الحجم الذي كانت أعلنته في فترات سابقة.وكان جانباً رئيسياً من هذه المخاوف يرتبط بالتوترات التى ما زالت قائمة على الأرض فى مناطق الجنوب اللبنانى. وكان الكثير من الدول المشاركة بجنود فى قوة اليونيفيل المعززة تتخوف بشكل خاص من مسألتين رئيسيتين هما:
- الأولى، مسألة نزع سلاح حزب الله، حيث كانت هذه المسألة مثارة بقوة، على الرغم من أنها غير واردة في نص القرار 1701. وكان الكثير من الدول التي تعتزم المشاركة بجنود في القوة ترفض المشاركة في مهمة نزع سلاح حزب الله باعتبار أن هذه المسألة يمكن أن تشهد تصعيداً عسكريا، وتتحول مهمة اليونيفيل إلى مهمة قتالية، علاوة على أن الكثير من الدول كان موقفها يقوم على أن المهم هو التزام كل طرف بوقف الأعمال العدائية ضد الطرف الآخر، بينما تبقى مسألة نزع سلاح حزب الله مجرد مسألة داخلية خاصة باللبنانيين أنفسهم.
- الثانية، احتمالات تجدد الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، وكانت هذه المشكلة بدورها عائدة إلى أن إسرائيل كانت مستمرة في انتهاك وقف إطلاق النار، كما كانت تؤكد اعتزامها الرد على أي هجوم تتعرض له، حتى في مرحلة ما بعد نشر قوة اليونيفيل المعززة وقوات الجيش اللبناني في الجنوب، علاوة على أن موقف حزب الله المعلن يقوم على الاحتفاظ بحقه في مواصلة المقاومة المسلحة ضد إسرائيل طالما استمرت في احتلال أراض لبنانية، وهو ما كان يثير المخاوف من إمكانية تجدد الاشتباكات بين الجانبين.
وللتغلب على هذه المشكلات، قامت الأمم المتحدة من جانبها بإعداد وثيقتين، الأولى عن مفهوم العمليات في بعثة اليونيفيل ، والأخرى عن قواعد المشاركة أو الاشتباك، وتتضمن تحديداً دقيقاً لكيفية عمل القوة بشأن تنفيذ مهماتها في لبنان،.
وقد حصلت الحكومة الفرنسية خلال هذه المداولات على التوضيحات الضرورية وضمانات حول تأمين عمل قواتها في لبنان من كل من الأمم المتحدة ولبنان وإسرائيل، وهو ما أدى إلى تعديل الموقف الفرنسي في اتجاه توسيع نطاق مشاركتها في قوة اليونيفيل المعززة، حيث تعهد الرئيس شيراك فى 24 أب/أغسطس بإرسال 2000 عنصر فرنسي إلى لبنان، كما أعلنت العديد من الدول الأوروبية والإسلامية استعدادها للمشاركة في هذه القوة، وفى مقدمتها ايطاليا وأسبانيا وبولندا وبلجيكا والدانمارك وفنلندا وبريطانيا واليونان والسويد والنرويج، بالإضافة إلى كل من اندونيسيا وماليزيا وتركيا وبروناى.
ثالثا: دور اليونيفل ومستقبل المقاومة
من بين كافة الإشكاليات، تعتبر الإشكالية المتعلقة بمستقبل المقاومة هي الأكبر والأكثر خطورة على الإطلاق، حيث ترتبط هذه المشكلة ارتباطاً وثيقاً بتسوية كافة القضايا العالقة بين إسرائيل ولبنان، لاسيما قضيتي الأسرى والاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا. والمشكلة الرئيسية هنا أن مستقبل المقاومة يتوقف إلى حد كبير على مضمون ما سوف يتم بشأن التعامل مع هاتين القضيتين، وهو ما سوف يحدد بدوره طبيعة التفاعلات المستقبلية بين إسرائيل ولبنان عموماً، وبين إسرائيل وحزب الله بشكل خاص.
لقد كانت هاتان القضيتان السبب الرئيس وراء التصعيد الذي أدى إلى اندلاع حرب الثلاثة والثلاثين ، والتي أدت إلى نشوب الحرب بين الجانبين. فهذه العملية كانت من ناحية استمراراً للمقاومة المشروعة من جانب حزب الله ضد الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية من ناحية، كما كانت هادفة لإيقاع جنود إسرائيليين في الأسر لمبادلتهم بالأسرى اللبنانيين الموجودين لدى إسرائيل، باعتبار أن هذه الصيغة هي الوحيدة التي يمكن أن تقبل إسرائيل بموجبها أن تطلق سراح من لديها من الأسرى اللبنانيين.
الإشكالية هنا أن القرار 1701 لم يتعامل بصورة حاسمة مع هاتين المسألتين، بسبب تبنى الإدارة الأمريكية لوجهة النظر الإسرائيلية بالكامل، حيث اقتصر القرار على الإشارة في المقدمة التمهيدية بصورة عابرة إلى الأخذ في الاعتبار بحساسيّة مسألة الأسرى اللبنانيين المعتقلين في إسرائيل، وتشجيع الجهود الهادفة إلى تسوية هذه المسألة. أما بالنسبة لمسألة الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة مزارع شبعا، فقد اكتفى القرار أيضاً بالإشارة في المقدمة إلى أنه أخذ علماً بالمقترحات المقدمة في خطة النقاط السبع في ما يتعلق بمنطقة مزارع شبعا، كما طالب القرار في الفقرة العاشرة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم مقترحات بشأن ترسيم حدود لبنان الدولية، لاسيما في المناطق التي يوجد بشأنها نزاع أو التباس، بما في ذلك مزارع شبعا، مع تقديم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن فى غضون 30 يوماً.
وعليه يمكن القول ببساطة أن القرار 1701 لم يقدم إطاراً فعالاً للتعامل مع هاتين المسألتين، لاسيما مسألة الأسرى، إلا أنه يظل من الممكن التعامل مع هذه المسألة من خلال مفاوضات غير مباشرة برعاية أوروبية لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، على غرار ما جرى بالفعل في مرات سابقة بين الجانبين. وقد صرح بعض كبار مسؤولي حزب الله بالفعل بأن هناك جهوداً تجرى في هذا الشأن، إلا أن مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين سارعوا إلى نفى ذلك، وهو ما قد يعكس حساسية هذه المسألة، لاسيما أن كبار مسؤولى حكومة أولمرت ظلوا ينفون مراراً إمكانية تنفيذ عملية تبادل للأسرى مع حزب الله، بل وكانت مسألة إطلاق سراح الأسيرين الإسرائيليين أحد أهم أهداف الحرب الإسرائيلية المدمرة على لبنان، ما قد يشير إلى أن هناك تعقيدات عديدة تجابه مسألة تبادل الأسرى، على الأقل في المدى المنظور.
أما فيما يتعلق بمسألة الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا، فإنها أصبحت ـ بموجب القرار 1701 ـ بين يدي الأمين العام للمنظمة الدولية، باعتبارها القضية الرئيسة في ملف ترسيم حدود لبنان الدولية. وليس معروفاً بالضبط مضمون المقترحات التي يمكن أن يقدمها لمجلس الأمن في هذا الصدد، وما الذي يمكن أن تتمخض عنه المناقشات التي سوف تجرى داخل المجلس بشأن هذه المقترحات، في حال الانتهاء منها، وما إذا من الممكن تضمين نتائج هذه المناقشات في قرار واضح من المجلس بشأن هذه المسألة، كما أن من غير المؤكد ما إذا كانت إسرائيل سوف تقبل بالتخلي عن منطقة مزارع شبعا، إذا جاءت مقترحات الأمين العام مخالفة لموقفها بشأن هذه المسألة.
ومن ثم، فإن مسار التطور في هاتين القضيتين سوف يحدد بدرجة كبيرة مسار التفاعلات اللبنانية ـ الإسرائيلية، بما في ذلك إمكانية تجدد التصعيد العسكري في حالة الفشل في تسوية هذه القضايا العالقة، في ظل موقف حزب الله المتمسك بمواصلة المقاومة المسلحة طالما ظل الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية مستمراً، وطالما ظلت إسرائيل محتفظة بأسرى لبنانيين، ما يشير إلى مخاطر إبقاء تلك القضايا مائعة، من دون تسوية شاملة
إن ابرز التطورات بمهام قوة حفظ السلام ما استجد بعد إعلان إسرائيل ربط رفع الحصار عن لبنان بمد عمل قوة حفظ السلام من الجنوب إلى البحر الإقليمي اللبناني الأمر الذي لم يذكر في القرار 1701،وبذلك ثمة إشكالات إضافية كثيرة ستنتظر عمل هذه القوات في المستقبل إذا أريد لها أن تكون مطية للمطالب الإسرائيلية التي لا تنتهي من لبنان.