14‏/02‏/2008

ورقة عمل مجلس البرلمان الاسيوي



مجلس البرلمان الاسيوي
ورقة عمل مقدمة الى الجمعية العمومية الخامسة
لجمعية البرلمانات الاسيوية للتعاون من اجل السلام
اسلام اباد 29-11 – 2004 الى 3-12-2004
د.خليل حسين
بيروت:23-10-2004

في ظل الظروف الدولية الراهنة وما تشكله من اعباء اضافية على الدول النامية والتي تتركز بغالبيتها في القارة الاسيوية،بات لزاما على هذه الدول التعاطي بأشكال مختلفة مع المتغيرات الحاصلة، اذ لم يعد بامكان هذه الدول الاستمرار في نفس المناهج والاساليب دون مواجهة العديد من التحديات التي لا قوة لها على مواجهتها.
وفي عصر العولمة بكافة اشكالها المالية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية،لم يعد للدول الصغيرة من دور يذكر لمواجهة ما تتعرض له، لذا كان الاتجاه العام في النظام العالمي السائد التوجه نحو التكتلات السياسية والاقتصادية حتى وان كانت الانظمة السياسية متباينة الافكار والمعتقدات،ومن هنا تبدو فكرة اقامة المؤسسات الاقليمية على قاعدة التطوير امرا مستحسنا ومشروعا قابل للحياة والافادة في منه في ميادين مختلفة.
ان العديد من التجمعات والاتحادات الافليمية قد لعبت دورا بارزا في تركيز وتطوير مؤسساتها وبالتالي دولها وشعوبها، والشواهد عديدة في هذا المجال كالاتحاد الاوروبي والافريقي ودول امريكا اللاتينية وغيرها، والسؤال المركزي الذي يطرح نفسه لماذا لا تعمم هذه التجارب على مستوى القارة الاسيوية؟
ان تجربة جمعية البرلمانات الاسيوية للتعاون من اجل السلام كانت باجتماعاتها الاربعة السابقة تجربة واعدة للتنسيق والتعاون فيما بين الدول الاسيوية ،وان النظر بموضوعية لما حققته تعطي الانطباع القوي لجهة امكانية تطويرها باتجاهات عدة ومنها امكانية انشاء مجلس برلماني للدول الاسيوية .
ان ما تتمتع به القارة الاسيوية من مميزات يجعل التعاون في سبيل انشتء مثل ذلك المجلس امرا ممكنا،ففيها اكبر تجمع سكاني في العالم، كما الامر لجهة عديد الدول فيها، وكذلك لجهة تنوع المعتقدات والافكار والديانات والنظم السياسية والدستورية،كل ذلك سيساعد على انتاج اطر مؤسساتية واعدة .
ومن هذا المنطلق ان الدعوة لانشاء مثل هذا المجلس يستلزم ايجاد البيئة المناسبة لتجسيد الفكرة بواقع ملموس وقابل للحياة، ولذا نقترح ما يلي:
- الموافقة على الطلب للدول المشاركة في فعاليات الجمعية تقديم مقترحات عملية في الاجتماع السادس القادم بهذا الخصوص،لجهة تبيان تصوراتها المبدئية لاهداف المجلس ومبادئه وآليات عمله.
- اعتبار هذا الاقنراح بمثابة بند دائم على جدول اعمال الجمعية وانشاء آلية متابعة له.
- محاولة الوصول الى تحديد زمن معين لتنفيذ هذا المقترح اذا امكن.
ان انشاء مثل هذا المجلس وتطوير اعماله فيما بعد امر من شأنه ابراز العديد من الطاقات الموجودة في الدول الاسيوية وبخاصة لجهة الشأن التشريعي الذي يعتبر البنية الاساسية لتطوير المجتمعات وحاجاتها الاساسية ، فبرلمانات الدول هي الممثل الطبيعي لتطلعات وآمال الشعوب،فحري بهذه البرلمانات ان تجد السبل الكفيلة لتنفيذ امال من تمثل في دولها.
ان شرعية البرلمانات من الناحية العملية هي انعكاس طبيعي لمدى التمثيل الذي تتمتع به،اي بمعنى ان التمثيل الصحيح والدقيق لا يعكس نسبة شرعيتها وحسب وانما يعكس ايضا مدى التزام الدول بالحقوق الواجب توفيرها للشعوب لتمكينها من اختيار ممثليها،وعليه فان تعزيز الديموقراطية وحرية الافراد والجماعات لها دور اساسي في رسم صورة البرلمانات التي تمثلها.لذلك ان تعزيز الديموقراطية هي المدخل الاساسي لبناء نظام اجتماعي قابل للتطور والتفاعل مع اي معطى جديد يواجهه.
ومن هذا المنطلق ايضا،اننا كجمعية برلمانية آسيوية معنيين اكثر من اي جهة اخرى لتوجيه هذا التعزيز وابتكار الآليات وتجديدها بشكل مستمر كي تفي بالحاجات المستجدة لشعوب دولنا،ومن هنا نذكر ببعض المبادىء التي لا يجوز تجاوزها او اغفالها ومنها:
- التمسك بالقيم والمبادىء التي تنادي بها شعوبنا ودولنا، والعمل على ترسيخها ببيئة قانونية مناسية تعكس توجهات وآمال شعوبنا ومجتمعاتنا .
- المراجعة الدائمة والدورية للقوانين ومنها الانتخابية باعتبارها المدخل الاساسي لتشكيل البرلمانات التي تعتبر واجهة الحياة الديموقراطية في الدول.
- وبما ان البرلمانات هي صاحبة السيادة المطلقة واساس الحياة التشريعية في الدول،فاننا كجمعية برلمانية ندعو انفسنا الى تشديد اعمال الرقابة على باقي السلطات في دولنا،ذلك بهدف تمكين المواطنين من متابعة مصالحهم وكيفية ادارتها وصولا الى الاهداف المرجوة.
ان تطوير العمل البرلماني مرتبط بشكل اساسي في ملاحقة التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي تتطلبها مجتمعاتنا ومحاولة تكريسها بقوانين وشرائع مناسبة، وبما ان مسيرة التطور التي ظهرت في القرن الماضي لجهة ايلاء حقوق الانسان المزيد من الاهتمام والرعاية المناسبة،فان ما يجب ان تنشده جمعيتنا العمل على تكريس هذه التوجهات بتبني شرائع ملائمة لمجتمعاتنا وقيمنا الحضارية والثقافية والعمل على احاطة متطلبات مجتمعاتنا بنظم قانونية تعكس توجهاتها.
وعلى الرغم من عدم اختلاف حاجات وحقوق الانسان في دولنا الاسيوية عن غيره من الدول،الا ان مجتمعاتنا لا زالت لها ميزات تفترق عن غيرها ، لذا ان حاجة دولنا ومجتمعاتنا لشرعة خاصة امر طبيعي في ظل تبدل وتغير العادات والتقاليد وحتى الاحتياجات الخاصة،ومن هنا ندعو جمعيتنا هذه العمل على انشاء وتبني شرعة خاصة لحقوق الانسان في آسيا تستلهم الحقوق الواردة في الشرعة العالمية لحقوق الانسان،مضافا اليها ما هو بحاجة اليه الانسان والمجتمع في دولنا.
ان شرعيتنا البرلمانية المستمدة من انتخاب شعوبنا لنا، يستدعي منا كجمعية برلمانية آسيوية تقديم الضمانات الكافية لشعوبنا لكي تعيش بكرامة وبحرية بعيدا عن عهود القهر والظلم التي عاشتها المجتمعات قديما، فالدول والانظمة الضاربة في التاريخ هي التي احترمت حقوق الانسان وهي نفسها الدول التي احترمت تطلعات شعوبها وعملت على تكريسها بمواثيق وعهود احترمتها دائما.
اننا كجمعية برلمانية تمثل اكبر التجمعات السكانية في العالم مدعوين الى مواجهة تحديات جمة ،بدء من الاطار التنظيمي الذي يحكم علاقتنا كدول،مرورا بما يمكن ان يتحقق من مؤسسات مقترحة لتطوير اعمالنا، وصولا الى ما يمكن تقديمه لرفاهية مجتمعاتنا ،لذا فالمسؤولية مضاعفة مع تضاعف المتطلبات والاستحقاقات القادمة،لذا ان مواجهة الامر الواقع يتطلب مزيدا من الجهد،واذا كان في الاتحاد قوة فان تطوير عملنا المؤسسي عبر المجلس البرلماني للدول الاسيوية يشكل تحديا كبيرا لنا يجب ايلائه الاهمية والعناية المطلوبتين لنجاحنا كجمعية اقليمية ستواجه الكثير من التحديات التي تستلزم الكثير من الجهد المناسب.