14‏/02‏/2008

الإرهاب وسيل مكافحته


الإرهاب وسيل مكافحته
ورقة عمل مقدمة الى الجمعية العمومية الخامسة
لجمعية البرلمانات الاسيوية للتعاون من اجل السلام
اسلام اباد 29-11 – 2004 الى 3-12-2004
د.خليل حسين
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
مدير الدراسات في مجلس النواب اللبناني
بيروت:23-10-2004

يُعد الإرهاب بمفهومه العام، "الاستخدام غير المشروع للعنف" ظاهرة قديمة جديدة، لكن الأضواء سُلطت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الدولي، وفي ظل الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسياً، مما تسبب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.
ان مفهوم الارهاب هو مفهوم نسبي متطور يختلف من مكان الى آخر ومن شخص الى آخر ومن عقيدة او فكر الى آخر وحسب الظروف المتغيرة رغم وجود بعض القواسم المشتركة ولهذا من الصعب ان نقول بوجود مفهوم واحد للارهاب او للجريمة السياسية او للعنف السياسي يمكن ان يقبل به الجميع او يمكن ان يرضي الكل. ولهذا نعترف ان ليس هناك تعريفا محددا واضحا او دقيقا للفكر الارهابي. وقد يكون الارهاب محليا اي داخليا او دوليا يمارس على نطاق دولي، وهذا الارهاب الدولي يثير الفزع العام والخطر الشامل المنظم المتعمد ضد الانسان والدولة والمجتمع. وايا كان الارهاب محليا ام دوليا ، فهو يعد جريمة عمدية خطيرة لان الفاعل لها هو مجرم عادي لا يتمتع بأي حصانة. ونشير الى ان جرائم التطهير العرقيCrimes of Ethnic Cleansing التي ترتكب من الدولة او من الجماعات او الافراد هي من الجرائم الارهابية لانها تثير الخوف والفزع والرعب في نفوس البشر وتخالف قواعد حقوق الانسان. ومن الجرائم الارهابية ضرب الاهداف المدنية وحرق القرى والاهداف المدنية وهي من الجرائم الدولية التي لا تسقط بالتقادم.فالعمل الارهابي هو عمل اجرامي لابد من الوقوف ضده بقوة وحزم مهما كان مصدره ولا سيما ارهاب الدولة الذي يكرس عبادة الفرد. لان القائم بالعمل الارهابي لا يحترم قانون ولا يعرف الرحمة ولا الشفقة ولا يعرف القيم الاخلاقية او الدينية او الانسانية ولا يقيم وزنا للتسامح ولقيم الخير. وهذا العمل الارهابي قد يكون ارهابا داخليا محصورا في داخل الدولة او ارهابا خارجيا يمتد نشاطه الى المجتمع الدولي برعاية من دولة او اكثر او من جماعات سياسية او افراد.
والارهاب ضد الانسان يمارس احيانا باسم الدين من احزاب دينية ( سماوية او غير سماوية ) ذات اهداف سياسية واحيانا بدوافع القومية العنصرية او بدوافع مذهبية او طائفية ضيقة او للاغراض السياسية من شخص او اشخاص او جماعة او حزب. وهذا الرعب او التفزيع الذي يمارس باسم الدين لا يمكن ان ترضى به اية ديانة ، لان الديانات تقوم على التسامح والمحبة والقيم الاخلاقية ونبذ العنف وحماية الابرياء من الضرر. ولذلك فان الشخص الارهابيterrorist الذي يمارس العنف انما يقوم بذلك للوصول الى اهداف سياسية وليست دينية من خلال جرائم عادية خطيرة ومتعمدة كالقتل والسلب والسرقة والاعتداء
اولا: اسباب التطرف والارهاب:
- الجهل سواء اكان جهل الافراد او الجماعات او جهل قيادة الدولة التي تمارس ارهاب الدولة.
- الفقر والبطالة الذي يعاني منه الشخص او الاشخاص او الجماعات او قيام الدولة بتعمد خلق ظروف الفقر والبطالة بهدف ابادة الجنس البشري لكي تتخلص من عرق معين او جماعة معينة غير موالية للنظام السياسي وكذلك قيام المسؤولين في الدولة باهدار الثروات وسرقتها والتصرف بها دون حساب او رقابة او قانون ، اي بصورة مخالفة للقانون وعدم خضوع هؤلاء للحساب مما يثير رد الفعل ضدهم.
- الظلم والعدوان واستعمال القسوة ضد البشر. وبخاصة في الانظمة الدكتاتورية التي تصادر الحقوق والحريات والديمقراطية وتغييب المؤسسات الدستورية والقانون ولا تحترم حقوق الانسان وكذلك انعدام الحوار او رفضه من السلطة او لعدم الثقة بالنظام ...
- مطالبة الشعوب بحق تقرير المصير ورفض هذا الطلب من الانظمة السياسية المنغلقة.
- فقدان المؤسسية في نظام الحكم وغياب الحكم المدني.
- اسباب اخرى ، اجتماعية و سياسية وثقافية وتربوية.

ثانيا: وسائل التخلص من التطرف ومن ارهاب الدولة وارهاب الافراد
ايا كان القائم بالاعمال المتطرفة والارهابية ، الدولة ام الفرد ام الجماعات ، وسواء اكان الارهاب داخليا ام خارجيا ، فان هناك طرقا معروفة لمعالجة التطرف والارهاب ونبذ المغالاة والعنف والتفزيع لكي يعيش السكان المدنيون بسلام وامان ومن بينها:
1- ضرورة تعاون المجتمع الدولي ، اقليميا ودوليا ، للوقوف ضد ارهاب الدولة الذي يمارس من بعض الانظمة الدكتاتورية والتي لا تحترم مطلقا الانسان ولا حقوقه الدستورية الثابتة.
2 - معالجة مشكلات الفقر والبطالة بصورة علمية وضمان الحد الادنى من وسائل العيش للانسان في الضمان المعيشي والصحي والثقافي طبقا للالتزامات الدولية والقوانين الوطنية.
3 - اقامة اسس الحكم الديمقراطي وحكم الاغلبية من خلال المؤسسات الدستورية وتأسيس دولة القانون بخضوع الحكام والمحكومين له سواسية ودون استثناءات وفقا لقواعد العدالة والعدل.
4 - احترام حقوق الانسان والالتزام الدقيق بالمعايير الدولية لهذه الحقوق ومحاسبة الاشخاص المسؤولين عن الجرائم الدولية المرتكبة ضدها وفقا للقانون.
5 - لما كان الارهاب يولد الرعب والخوف بين الناس فانه سيؤدي حتما الى النفاق والتملق والرياء او الصمت على الجرائم المرتكبة ضد حقوق البشر وانه يخلق حالة من ازدواجية الشخصية ، لذلك فان معالجة ذلك لا يكون الا بالتخلص من الطغيان والظلم المقترن بالحكم المطلق للفرد الذي يقود دائما الى الوقوع في الاخطاء وارتكاب الجرائم الخطيرة من الحكام.
6 - اشاعة الحرية في التفكير واحترام حق الانسان فيه والحرية في العقيدة والحرية في الرأي والكلام وتأسيس قواعد دولة القانون واحترام القضاء وعدم التدخل في شؤونه.
7 - الوقوف ضد سياسة التمييز الطائفي والاقليمي والديني ومحاسبة المجرمين الدوليين الذين يمارسون هذه السياسة الخطيرة.
8 - ضرورة وجود قواعد التداول السلمي للسلطة وفقا لقواعد الدستور والقانون وطبقا للاحترام المطلوب للالتزامات الدولية. ومن ذلك احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام الاديان والمذاهب والمعتقدات ودون التدخل بافكار البشر او فرض العقيدة عليهم بالقوة والا سيضطر العديد منهم للمقاومة او اللجوء الى الاعمال الانتقامية او التطرف وربما الى اشد الاعمال ارهابا فمن يزرع الريح يحصد العاصفة.
9 - وضع برامج فاعلة لحل مشكلة البطالة وتوجيه الطاقات البشرية - وبخاصة الشباب - في اتجاهات نافعة حسب برامج تخدم المجتمع وتعزز دور الانسان في المجتمع وتوظف طاقاته في مجالات نافعة.
10 - ضرورة تعليم مبادئ حقوق الانسان في المراحل الدراسية الاساسية وغرس روح التسامح والمحبة والتعاون والقيم الانسانية النبيلة واحترام الحرية الدينية والفكرية ونبذ فكرة التفوق للعنصر والاجناس على غيرها وتوظيف وسائل الاعلام نحو هذا الهدف لمنع الارهاب والحد من الجرائم الارهابية وتضييق مجالاتها في اضيق مجال مع تفعيل دور القانون ودور المؤسسات الدستورية في المجتمع.
ثالثا : مقترحات وتوصيات
1- السعي لوضع مفهوم متفق عليه للإرهاب، وتمييزه عن المقاومة المشروعة.
2- المبادرة السريعة والجادة إلى تعزيز التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في فلسطين وغيرها.
3- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير، حتى لا يكون ذلك ذريعة لأعمال عنف يختلف الناس في تسميتها بالإرهاب أو المقاومة المشروعة.
4- تفعيل التعاون الدولي المنظم على أساس العدل والمساواة ورعاية المصالح المشتركة دون هيمنة أو انتقائية، وتفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
5- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
6- مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة إسرائيل، والعمل على عزل هذه الدول حتى تتوقف عن ممارسة الإرهاب ورعايته.
7- التوقف عن التهديد بالقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الضعيفة، واستغلال مواردها من جانب الدول الأقوى بصورة استعمارية، والعمل بدلا من ذلك على تشجيع إقامة علاقات التعاون والسلم الدوليين.
8- توسيع دوائر الحوار الثقافي والحضاري بين مختلف الامم والشعوب.